رسالة خرجت من القلب
ولعلها تصل القلب ..
ابدأها
بقوله صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) رواه الإمام مسلم في صحيحه
صبرًا
أختي صبرًا ..
حبيبتي
في الله
هذه الدنيا لا
تخلو من الأكدار والمنغصات
إن هي إلا دار
امتحان وابتلاء
فيها
السرور والحزن
الضحك والبكاء
المتعة والضيق
قال الله
تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ }
وقال
جل في علاه: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ
الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ }
فالابتلاءات والمصائب سنة إلهية باقية ما بقيت السماوات والأرض
ولنا
في الرسل الكرام أسوة حسنة فلقد ابتلى
جميع الأنبياء وابتلى خير البشرية أعظم بلاء وأعظم امتحان
فكان الصبر والاحتساب
ملازم لهم صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين
فكما قال
الرسول صلى الله وسلم أن أشد الناس بلاءًا الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم عن سعد بن أبي وقاص قال : قلت : يا رسول الله أي الناس أشد
بلاء ؟ قال : " الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، فيبتلى الرجل على حسب دينه
فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ،
فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة "
فيامن
ابتليتي بأي بلاء في نفسك أو في أهلك أو أحبابك أو أي كان ثم صبرت واحتسبت
فهنيئًا لكِ وربي
هنيئًا لكِ
محبة الرحمن والأجر والثواب العظيم
ففي الحديث
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إن عظم
البلاء مع عظم الجزاء وإن الله إذا أحب
قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط
فله السخط )
فالابتلاء دليل على محبة الله للعبد ففي
الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيرا يصب منه
)
ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أُعْطِي أحد
عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر)
يامن ابتلاك
الله بجسدك ..
يامن ابتلاك بمالك وولدك ..
يامن
ابتلاك بأحبابك ..
ما ابتلاك إلا لأنه يحبك ويريد
أن يرفع قدرك في عليين
ويريد
أن يطهرك في الدنيا فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال البلاء
بالمؤمن والمؤمنة في جسده أو في ماله أو في ولده حتى يلقى الله سبحانه وما عليه خطيئة)) رواه أحمد في مسنده
ويقول
صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نَصَبٍ (تعب) ولا وَصَبٍ (مرض) ولا
هَمّ ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غَمّ حتى
الشوكة يُشَاكُها إلا كفَّر الله بها من
خطاياه) [متفق عليه].
أيتها الحبيبة
اسمعي معي قصة امرأة من أهل الجنة
عن عطاء بن
أبى رباح قال: قال بن عباس رضي الله عنهما: ألا اريك امرأة من أهل الجنة؟
قلت
بلى
قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله
عليه وسلم فقالت: أنى اصرع إني أتكشف فادع الله لي
قال:
إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله
أن يعافيك
فقالت: أصبر
فقالت: إني
أتكشف فادع الله لي إن لا أتكشف فدعا لها.
فتأملي أختاه
هذه المرأة كيف آثرت الجنة على شفائها من ذاك المرض لما تعلم من أن الجنة
أعظم المطالب وأجل الغايات.
ولعلمها أن
الدنيا حقيرة لا تساوي عند الله جناح بعوضة ومهما عاشت فيها فأمدها قصير
وهى إلى انقضاء وزوال.
فيا من ابتليت في هذه الدنيا
اعلمي رحمكِ الله أنه كلما زاد الإيمان زاد
الابتلاء وكلما كان الابتلاء هينا الإيمان على قدره.
غاليتي
اصبري واحتسبي فلك من الله البشرى في
قوله { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ
عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ
الْمُهْتَدُونَ }
وقوله { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ
حِسَابٍ }
قال الأوزاعي رحمه الله في تفسير هذه الآية
( ليس
يوزن لهم ولا يكال إنما يغرف لهم غرفا )
اعلمي
أيتها الغالية
أن ما أصابك بقضاء من الله وقدره فهو أعلم
بعباده واعلمي أن الذي يأتيك من رحيم
فهو أرحم بك من نفسك ووالديك والناس أجمعين
فاحمدي
الله أختاه دائمًا وأبدًا لأن البلاء أو المصيبة لم تكن في دينك فكل مصيبة دون الدين تهون
واعلمي
أن لديك سلاحًا لا يضعف أبدًا ولا يهون
هو
الدعاء .. مع حسن الظن بالرحيم اللطيف
يقول
الكريم الحديث القدسي : ( عبدي أنا عند ظنك بي )
فالله الله
بالدعاء وخاصة حين نزول الله جل جلاله
يقول النبي
صلى الله عليه وسلم: " يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا،
حين يبقى ثلث الليل الآخر, يقول: من يدعوني فأستجيب
له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني
فأغفر له"
فهاهو ربك ينزل نزولًا يليق بجلاله وعظمته
ينتظر لجوئك إليه ودعائك له وهو بإذن الله لن
يردك أو يخذلك يقول عليه الصلاة والسلام: " إن الله تعالى حيي كريم،
يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين "
منقووول