عن أبي هريرة ، قال النبي صلى الله
عليه وسلم: «إن الله يكره
لكم: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَال»
رواه
مسلم وأحمد.
وعند ابن حبان: «وينهاكم عن ثلاث».
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال:
قال السيوطي رحمه الله في
الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج (4/318): "هو
الخوض في أخبار الناس وحكايات ما لا يَعني من أحوالهم وتصرفاتهم، واختلف في
حقيقة هذين اللفظين؛ فقيل: فعلان ماضيان، وقيل: اسمان مجروران منونان".
ونجد في حديث آخر
أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ندبنا إلى ترك ما لا يعنينا، قال صلى الله
عليه وسلم :«مِنْ حُسْنِ إسْلامِ المَرْءِ
تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ» والحديث مخرج في جامع الإمام الترمذي.
ومما يتناوله الحديث
كذلك نقل الأخبار، أن يتحدث الإنسان بكل ما سمع، وهذا بلا شك يفضي إلى
التدخل فيما لا يعني، وقد نهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن التحدث بكل ما
يسمع، لا بد أن تسكت عن كثير مما تسمعه ولا تشيعه، فإنما جعل الله لك
أذنين ولساناً واحداً فأنصفهما ولا تظلمهما كما قال السلف.
قال صلى الله عليه
وسلم :« كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا : أَنْ
يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» أخرجه مسلم.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : "لَا يَكُونُ إمَامًا مَنْ حَدَّثَ بكل ما سمع".
فهذا النهي النبوي يستفيد
منه المسلم أن يحفظ لسانه، لا تنقل الأخبار، لا تقحم نفسك بالحديث فيما لا
يعنيك، وهنا كلمة لطيفة قالها الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين
(ص 276):
"اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ
أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلاَّ كَلاَماً ظَهَرَتْ
فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي
المَصْلَحَةِ فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ
الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في
العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ" .
وهذه كلمة تُكتب بماء
الذهب من إمام جليل ..
وعن أنس رضي الله عنه قال: توفي رجل، فقال رجل آخر
-ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع-: أبشر بالجنة. فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «ما تدري! فلعله تكلم فيما لا
يعنيه، أو بخل بما لا ينقصه» رواه الترمذي.
الأمر
الثاني الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم: كثرة السؤال
وهذه فيها تفسيران:
التفسير
الأول: السؤال عن الأمور التي لا تدعو الحاجة إليها، فيكون النهي
عن تكلف المسائل.
والأسئلة على قسمين :
- سؤال تعنت وتكلف كسؤال بني
إسرائيل فهذا حرام .
- سؤال
تعلم، وهذا أمر الله به، قال تعالى: }فاسألوا
أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون{
التفسير الثاني
لقول نبينا صلى الله عليه وسلم : «وكثرة السؤال»: سؤال المال.
فالمسلم ينبغي أن يكون
عفيفاً..
ففي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى
يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ».
وعند البيهقي قول نبينا : «من
فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به فتح الله عليه باب فاقة من
حيث لا يحتسب».
وعند النسائي قال :« لو
يعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله» .
وفي حديث آخر: «إني لأعطي الرجل العطية فينطلق بها تحت إبطه وما هي
إلا النار». فقال له عمر: ولم تعط يا رسول الله ما هو نار؟ فقال: «أبى الله لي البخل، وأبوا إلا مسألتي».
الأمر الثالث إضاعة المال..
والمراد
من ذلك التبذير..
قال تعالى: }وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ
الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ
لِرَبِّهِ كَفُورًا{.
والتبذير: الإسراف كما
قال ابن مسعود .
ومعنى }إخوان الشياطين{: أولياء
الشياطين، وكذلك تقول العرب لكلّ ملازم سنةَ قوم وتابع أثرهم: هو أخوهم.
ولن تزول قدما عبد يوم
القيامة حتى يسأل عن أربع ذكر منها نبي الله صلى الله عليه وسلم: «عن ماله؛ من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه»؟ منقول