بيان رابطة العلماء المسلمين حول أحداث
ليبيا
19/3/1432 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن رابطة علماء المسلمين تتابع الأحداث الجارية على أرض ليبيا، وإنها لتأسف
على دماء المسلمين التي تهدر، وأرواحهم التي تزهق، بسبب الظلم ووأد الحرية، وإن
الرابطة وهي تتابع تلك الأحداث ومن واقع الواجب الملقى عليها تؤكد على ما يأتي:
أولًا: إن المطالبة بتحقيق العدل ورفع الظلم مقصد شرعي، وإن المناداة
بتحقيق التنمية ومحاربة التخلف حق إنساني، وإن الإلحاح على شُوريَّة الحكم في
البلاد واختيار الشعب من يمثله بصدق أساسٌ من أسس الاستقرار، ولا تمثل تلك
المطالبات خروجًا أو مخالفة شرعية، بل ذلك من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر.
ثانيًا: إن حاكم ليبيا قد حكم عليه العلماء بالردة قبل أكثر من ثلاثين
سنة، وعليه فتكون ولايته غير شرعية، ولا يجوز طاعته، وعند القدرة يجوز الخروج
عليه، وحكم القصاص واجب لمن قتل مسلما فكيف بمن طاش في دماء المسلمين وقتل منهم
المئات، فالواجب على المسلمين دفعه بكل سبيل قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا
يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم".
الفتاوى الكبرى (4/608).
ثالثًا: على رجال الجيش الأمناء أن يقوموا بواجبهم الذي تحملوه بحماية
أمتهم، ويصدروا الأوامر بمنع استخدام القوة ضد العزل الشرفاء، وألا يلوثوا
أيديهم بدماء الأبرياء، فإن حرمة الدماء عند الله عظيمة، وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا».
رابعًا:على أهل العلم والمصلحين والدعاة القيام بواجباتهم الشرعية
والعملية في قيادة أمتهم وتسديد مسيرتها، وتوجيهها نحو أعدل السبل وأقوم الطرق،
التي بها يصلح حال البلاد والعباد، متحرين في ذلك رضا ربهم، ومراعين فقه
واقعهم، دون حيف أو خوف، أو مراعاة لشرق أو غرب، وندعو الأئمة للدعاء في
الصلوات لإخوانهم.
خامسًا: إلى الشعب الليبي العريق ، إننا نقف معكم، وخلف مطالبكم، ونرفض
كلَّ ظلمٍ واقع عليكم، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بسلمية تلك المطالبات،
والحفاظ على الممتلكات، حتى تقطعوا كل طريق على المتربصين بكم، ونذكركم بالتمسك
بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، وجمع القلوب والائتلاف، والبعد عن الفرقة
وأسباب الاختلاف مع لزوم الصبر والثبات والفزع إلى الدعاء حتى يفرج الله تعالى
الغُمَّة، ويكشف الكربة، والحرص على إصلاح النوايا فإن هذه النفوس أنفس من أن
تزهق لغير الله.
سادسًا: إن الشعب الليبي شعب مسلم أبيٌّ يأنف من الظلم، ويتأبى على
الضيم، ولا يصلح بحال أن يكون محكومًا إلا بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله
عليه وسلم وفي ذلك تحقيق ما ينشده من حرية وعدالة وتنمية.
سابعًا: على الجهات الخيرية الإسلامية، المحلية والدولية القيام بواجبها
نحو إغاثة الشعب الليبي المسلم، وعلى وسائل الإعلام العربية القيام بدورها في
نقل وتصوير هذه المأساة الإنسانية ببشاعتها؛ ليقف العالم على خطورة ما يجري على
أرض ليبيا وليقوم كل بواجبه.
وأخيراً نذكر بقول الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً
عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم:42]، نسأل الله تعالى أن يلطف بعباده
في ليبيا، وأن يرزقهم الثبات، ويربط على قلوبهم، وأن يعجل برفع الظلم عنهم،
والحمد لله رب العالمين.
رابطة علماء المسلمين
بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
حول ما يحدث في ليبيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة
والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد
بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول ما يحدث في ليبيا
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ببالغ القلق ما يحدث في ليبيا من
استعمال الأسلحة الحية بل والأسلحة المتطورة التي تستعمل ضد المتظاهرين ، وتوجه
إلى صدورهم العارية ، حيث نتج عنها استشهاد المئات ، وجرح الآلاف من المسالمين
العزل .
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئيسه ومجلس أمنائه ، وأمانته العامة
وأعضائه يرى ما يأتي :
1 ــ يؤيد الاتحاد العالمي مطالب الشعب الليبي
ويقف معها ، مندداً بالأعمال الإجرامية التي وجهت ضد المتظاهرين الذين سقط منهم
مئات الشهداء وآلاف الجرحى بالأسلحة الحية ، والمتطورة وعن طريق المرتزقة ،
مترحماً على الشهداء بأن يكتب لهم أجر الشهادة ، وللجرحى بأن يشفيهم .
2 ــ ويحذر الاتحاد أشد التحذير من إراقة الدماء
البريئة التي تراق بكل بساطة ودون أي اعتبار لحرمتها وخطورتها ، مذكراً
المجرمين بالعواقب التي بينها الله تعالى ، لهؤلاء المجرمين ، وسجلها التاريخ
الإنساني فقال تعالى (( أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل
الناس جميعاً )) سورة المائدة 32 ، وقال تعالى (( ومن يقتل مؤمناً متعمداً
فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه ، وأعد له عذاباً عظيماً )) سورة
النساء 93 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لن يزال المؤمن في فُسحة من
دينه ما لم يُصب دماً حراماً )) وقال ابن عمر : " إن من ورطات الأمور التي
لامخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حلّه " رواه البخاري وغيره .
بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل
رجل مسلم " رواه مسلم وغيره ، وقد بين الله تعالى أن مصير الظلمة والقتلة إلى
الهلكة والزوال فقال تعالى (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ، إرم ذات العماد ، التي
لم يخلق مثلها في البلاد ، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ، وفرعون ذي الأوتاد
، الذين طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، فصب عليهم ربك سوط عذاب ، إن
ربك لبالمرصاد ... )) سورة الفجر 6 ــ 14 ، وأن التاريخ الإنساني شاهد على أن
للظلم وإن كانت له صولات ولكنها إلى الزوال والهلاك وأنه (( ما للظالمين من
نصير )) سورة الحج 71 .
3 ــ يدعو الاتحاد الجيش الليبي وقوات الأمن
الشرفاء إلى وقف هذه المظالم ، وحقن إراقة الدماء ، وإلى حماية الشعب من الظلم
والطغيان ، فهم من الشعب ولأمن الشعب ، وأن من حق الشعب عليهم حمايتهم من الظلم
والاعتداء .
4 ــ يدعو الاتحاد النظام الليبي إلى أن يتقي
الله تعالى في هذا الشعب الذي يحكمه منذ أكثر من أربعة عقود ، ويترك لهم المجال
لاختيار تقرير مصيرهم بأنفسهم ، والقيام بالاصلاحات الجذرية المطلوبة ، ويدعو
الاتحاد أيضاً إلى اطلاق سراح المعتقلين وبخاصة سماحة العلامة الشيخ صادق
الغرياني فوراً ، ويُحمِّل النظام مسؤولية الحفاظ على حياته وأمنه .
5 ــ يدعو الاتحاد الجماهير المحتجة إلى الصبر
والثبات على المبادئ ، وعلى الحفاظ على سلمية التظاهر ، وعلى الأموال العامة
والخاصة ، والابتعاد كلياً عن إراقة الدماء البريئة ، وأن يُظهروا للعالم القيم
الإسلامية والحضارية كما كان عليها إخوانهم بمصر ، وأن تكونوا على يقين بأن
الله معكم وينصركم ما دمتم مع الله تعالى (( إن ينصركم الله فلا غالب لكم ))
6 ــ يدعو الاتحاد الدول العربية والإسلامية ودول
العالم الحر ، ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الشرفاء بالعالم للوقوف مع حق
الشعب الليبي في التظاهر السلمي والمطالبة بحقوقه ، وإلى حمايتهم بكل الوسائل
المشروعة ، فما يُرى من استعمال العنف المفرط والأسلحة المتطورة ضد هؤلاء
المتظاهرين المسالمين متناقض مع كل القيم السماوية ، والقوانين والأعراف
الدولية والإنسانية بل هو داخل في جرائم الحرب المحظورة .
7 ــ يدعو الاتحاد الشعب الليبي إلى الوحدة
الوطنية الجامعة ، والاعتصام بحبل الله المتين ويحذر أشد التحذير من أي دعوة
قبلية ، أو حزبية ، تفرِّق ولا تجمع وتؤثر في لحمة الشعب وسداه ، حتى يُفوّت ما
يُخوّف البعض من حرب أهلية وقبلية .
والله نسأل أن يحفظ الشعب الليبي من جميع الفتن ويحقق لهم ما يريدونه من خير
وصلاح .
والله المستعان
الأمين العام : أ.د. علي القره داغي
رئيس الاتحاد : أ.د. يوسف
القرضاوي
د.العودة: الحاكم الذي يقتل شعبه ليس جديرًا بهم
الكاتب: الإسلام اليوم/ الرياض
الاحد 17 ربيع الأول 1432الموافق 20 فبراير 2011
أعرب فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام
اليوم") عن صدمته جراء أعمال القتل التي تُرْتَكب بحقّ المتظاهرين المطالبين
بإسقاط النظام في ليبيا، مشيرًا إلى أنّ الحاكم الذي يقتل شعبه ليس جديرًا بهم.
وأكّد الشيخ سلمان في بيانٍ له حول الأحداث الجارية في ليبيا أنّه من "حقّ هذه
الجماهير أن تحتجَّ وأن تُبلِّغ صوتها، ومواجهة هذه المطالب والتحركات
بالبلطجية، وإطلاق عصابات المرتزقة، وقطع المؤن والبنزين عن المدن لهو تعامل
بأساليب عَفَا عنها الزمان، ومن شأنه "أن يصنع ثأرًا لدى الشعوب يَصعُب نسيانه"
.
ودعَا العودة المسلمين كافة إلى التعامل بإيجابيةٍ واهتمامٍ مع قضية إخوانهم في
ليبيا، والتفاعل مع أحداثها، من خلال الدعاء لهم بروحٍ صادقةٍ واثقة، أن يحفظهم
الله ويسدِّد خطاهم ويكشف كربهم وينتصر لهم.
وفيما يلي نص البيان:
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم على خاتم
النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين. لقد شاهد الناس وسمعوا أخبار المجازر الشنيعة
المفجعة التي أقْدَمت عليها جهات أمنية وأخرى متصلة بها ومدعومة منها، والتي
راح ضَحِيّتها المئات من الأبرياء مِمّن نحتسبهم عند الله من الشهداء الصابرين،
والآلاف من الجرحى خاصةً في المنطقة الشرقية من ليبيا، في بنغازي والبيضاء
ودرنة وأجدابيا وطبرق والمرج والمنطقة الغربية في مدينة الزنتان والجبل الغربي
والزاوية ومصراتة وبعض المناطق في طرابلس الكبرى والتي شهدت اعتصامًا ضخمًا
أمام المحكمة العليا.
إنّ الحاكم الذي يقتل شعبه ليس جديرًا بهم، ورحم الله عمر بن الخطاب إذ يقول:
((إنّي لم أرسل عُمّالي إليكم ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن
ليعلموكم دينكم ويقسموا فيكم فيئكم)).
والقتل جريمة عُظْمَى، وعدوان كبير، خاصة إذا صدر بحقّ أبرياء يريدون التعبير
عن مطالبهم المشروعة بالطرق السلمية، وفي دول تعترف نظريًا بأن شرعيتها ووجودها
مكتسبةٌ من الشعب، وأن الجماهير هي صاحبة الحل والعقد، فمن حقّ هذه الجماهير أن
تحتجَّ وأن تبلِّغ صوتها، ومواجهة هذه المطالب والتحركات بالبلطجية، وإطلاق
عصابات المرتزقة، وقطع المؤن والبنزين عن المدن لهو تعامل بأساليب عف عنها
الزمان.
وإن من شأن سفك الدماء أن يصنع ثأراً لدى الشعوب يصعب نسيانه.
وإنّني أكتب هذه الحروف وقلبي مليء بالحزن على هذه الأرواح الطاهرة البريئة
التي صعدت إلى ربها تشكو ظلم الظالمين، وقهر المتسلطين، وصمت القادرين.
على أنّ ما جرَى أصبح مكشوفًا أمام العالم كله، ورآه المسلمون والعرب على
المواقع والقنوات برغم التعتيم والتكتيم الذي زاد من قتامة الصورة وخطورتها.
ومن الصراحة أن أقول: لقد بعثت في فترة مضت وقبل هذه الأحداث إلى بعض مِمّن
أحسبهم عقلاء القوم أدعوهم إلى الاستعجال بإعلان الإصلاحات الضرورية بشجاعة
ودون تردّد أو حسابات عقيمة، وإعلان الدستور الجديد، والإذن بالممارسة السياسية
والمنافسة الشريفة، وإعطاء الحقوق لأهلها، والسماح بالتعبير الحر الرشيد، وفصل
السلطات، ومحاربة الفساد المالي والإداري، ومعالجة البطالة المرتفعة، والشفافية
في الأداء الحكومي، وحذرتُهُم من عواقب انفجار وشيك لَمَسْت آثاره في هذا الشعب
العربي العريق حين زرته، ولكن كما قيل!
أمرتُهم أمري بمنعرج اللِّوى --- فلم يستبينوا النصح إلاّ ضحَى
الغدِ
وإنَّ سنة الله ماضية، ومن لا يعقلون هذه السنة سوف تطحنهم طحنًا،
ويقعون في شر أعمالهم طال الزمن أم قصر، وكما قال ربنا سبحانه: {وَلِكُلِّ
أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا
يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34].
إنني أدعو المسلمين كافة إلى التعامل بإيجابية واهتمام مع قضية إخوانهم في
ليبيا، والتفاعل مع أحداثها، وأن يصدقوا ربهم تعالى في الدعوات الحارة، خاصة في
أوقات الإجابة و الهزيع الأخير من الليل، وبروح صادقة واثقة، وأن يلهجوا
بأسمائه الحسنى جل وتعالى أن يحفظهم ويسدِّد خطاهم ويكشف كربهم وينتصر لهم، إنه
نعم المولى ونعم النصير.
د. سلمان بن فهد العودة