+
----
-
سيدتي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أقدر ما أنت عليه من قلق حيال ما سيكون عليه أبناؤك،
لكن أحب أن أطمئن سيادتك بأنك مبكرا سلكت الطريق الصحيح.. ودعينا نناقش
تساؤلاتك في شكل سؤال وجواب ليكون الموضوع أكثر تحديدا بإذن الله.
ما أسباب تأخر اللغة وما الأسباب المحتملة لدى طفليك؟
الحقيقة أن أسباب تأخر اللغة متعددة، واسمحي لي أن أذكرها بإيجاز:
1- الإعاقات الذهنية؛ حيث يكون مستوى الذكاء منخفضا.
2- التوحد، وهنا تكون المشكلة الأساسية في التواصل
الاجتماعي بشكل عام، مع العديد من الاضطرابات السلوكية الأخرى المترتبة على
ذلك كفرط الحركة وضعف التواصل البصري.
3- فرط الحركة وتشتت الانتباه.
4- الإعاقة السمعية.
5- الحرمان البيئي، ويعني حرمان الطفل من التواصل
الاجتماعي مع الأطفال الآخرين والخروج للعب أو الالتحاق بدور الحضانة، مع
ضعف التواصل اللفظي مع الطفل من قبل الأسرة.
6- الحرمان العاطفي، نتيجة لإهمال الطفل مما يترتب عليه
خلل في تكوين الرباط العاطفي مع الأسرة والآخر بشكل عام، ويؤدي إلى
اضطرابات انفعالية نتيجة لعدم الشعور بالأمان مما يؤخر النمو والنضج لوظائف
المخ.
مما أسلفنا نجد في الغالب أن المشكلة الأساسية عند
طفليك هي الحرمان البيئي، والذي يعد المنشط الأساسي للغة في المراحل
المبكرة من عمر الطفل؛ حيث تمر مراكز اللغة في هذه الفترة بما يسمى بفترات
النمو الحساسة حينما تكون على أهبة الاستعداد لبدء عمل المنشط الخارجي الذي
يعد بمثابة من يقوم بتنصيب برنامج على جهاز كمبيوتر (أي أن مراكز اللغة
بمثابة برنامج كمبيوتر سليم وجاهز للعمل، لكنه في انتظار من يقوم بتنصيبه
ألا وهو المثيرات البيئية)، ومن الواضح أن طفليك قد حرما من المثيرات
البيئية؛ بسبب الحماية المفرطة.
ماذا عن مدى تأخرهما في نمو اللغة وما المآل بالنسبة لهما؟
من الواضح أن جلسات التخاطب قد أتت ثمارها مبكرا، ويتضح
ذلك في التحسن الذي ذكرته، وهو معرفة المجموعة الضمنية كلها أو بعضها من
حيوانات وأجزاء الجسم، وبداية تكوين حوار، والرغبة والمبادأة في سرد ما حدث
حتى وإن كانت حروفهما غير سليمة وبها بعض التشويه كالحذف أو الإضافة لبعض
الحروف، فإن ما حدث يعد تحسنا ملموسا وواضحا، فالطفل في هذه السن يكوّن
جملة من ثلاث كلمات، وهذا ما بدأ معهما بالفعل، وهو ما ينبئ بحسن المآل
بإذن الله.
ما علاقة تأخر اللغة بصعوبات التعلم، وهل كل من تأخر لغويا سيعاني من صعوبات التعلم؟
صعوبات التعلم تعني مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر في
المهارات الأكاديمية والوظيفية، وتقسم إلى صعوبات تعلم نمائية (كاضطرابات
اللغة الاستقبالية والتعبيرية، وإصدار الأصوات، واضطرابات الانتباه
والذاكرة والإدراك)، وصعوبات التعلم الأكاديمية (كضعف القدرة على تعلم
القراءة والكتابة والتعبير الكتابي والفهم القرائي وصعوبات التعلم في
الحساب).
وهذه الاضطرابات لا تشير إلى تأخر في الذكاء بل في بعض
الأحيان قد يكون الطفل من ذوي الذكاء المرتفع وفوق المتوسط، ويصاحب صعوبات
التعلم بعض الاضطرابات الانفعالية والنفسية كضعف القدرة على ضبط النفس
وكذلك الانطوائية والعزلة أحيانا.
وقد يتسبب في ظهور صعوبات التعلم عطب خفي بالمخ في
الغالب لا يمكن تحديد أسبابه، والعطب الخفي يعني خللا وظيفيا على مستوى
الخلايا العصبية والمرسلات الكيمائية، ولا علاج دوائي له.
أما عن تأخر اللغة وعلاقته بصعوبات التعلم، فبعض
التصنيفات لصعوبات التعلم أطلقت اسم صعوبات التعلم الناشئة عن تأخر اللغة..
لكن كيف تحدث؟
1- إما خلل وعطب مخي خفي يؤثر في نمو اللغة وعمليات
التعلم معا، وهنا تكون المشكلة في عدم قدرة الطفل على التعامل مع الرموز،
بمعنى أن اللغة هي في الأصل مجموعة من الرموز (من أصوات كلامية وبعد ذلك
الحروف الهجائية التي تكون الكلمات والجمل)، والتي تهدف إلى توصيل الرسائل
بين البشر، والمستقبل يقوم بفك الرموز في المخ وتحليلها إلى البنية
التركيبية في عملية غاية في الدقة تنتهي بفهم ما سمع.
وتأخر اللغة النمائي قد يصاحبه خلل في التعامل مع هذه
الرموز مما يترتب عليه ضعف القدرة على فهم اللغة وما يتبعه من ضعف في
القدرة على تعلم الحروف كتابة ودمجها لتعلم الكلمات والقدرة على الفهم
القرائي.
2- قد يؤثر تأخر اللغة على تكوين المفاهيم اللازمة
لعملية التعلم وهذه المفاهيم: العلاقات المكانية مثل: (فوق، تحت، بجانب،
بين، أمام، خلف)، ومفاهيم الأحجام مثل: (كبير، صغير، أكبر من، أصغر من،
الأكبر، الأصغر)، وكذلك بالنسبة للأطوال والأوزان، ومفهوم التسلسل مثل:
(أكبر، أصغر، أصغر، أصغر، ثم الأصغر).
3- قد يشير تأخر اللغة إلى عملية تأخر في نمو وتطور
مراكز المخ بشكل عام، لكنه سيحدث إن آجلا أو عاجلا، بمعنى أن الأطفال قد
يتفاوتون في نسبة تطور المخ حتى سن السادسة.
إذن لا نستطيع أن نجزم أن كل من تأخر في اللغة سيعاني
من صعوبات التعلم فيما بعد، لكن هذا لا يعني أن نتكاسل، بل يجب أن نعمل على
منع مشكلات التعلم التي قد تنتج عن تأخر نمو المخ وتأخر تكوين المفاهيم أو
نقلل من حدة صعوبات التعلم التي قد تحدث نتيجة لوجود عطب خفي بالمخ
والقدرة على التعامل مع الرموز، وذلك بالبدء مبكرا في تدريبات محددة
وموجهة.
إذن ماذا يجب أن نفعل الآن؟
أولا: لتطوير اللغة:
الاستمرار في جلسات التخاطب حتى يصبح الأطفال مثل أقرانهم ممن هم في مثل سنهم، وذلك طبقا لنتائج اختبارات اللغة والنطق.
ودور الأسرة لإنماء اللغة لا يمكن إغفاله؛ لأن الأسرة
خير معالج للطفل في حالة تأخر اللغة، ولكن ما التدريبات اللازمة في هذه
المرحلة والتي يمكن تنفيذها في البيت؟
1- تعريف الطفل بالمجموعات الضمنية (الحيوانات والطيور
والفاكهة والخضروات والملابس وأجزاء الجسم والعائلة والمنزل والطعام..
إلخ)، وهي متاحة في بعض كتب الأطفال بألوان جذابة ومادة مصقولة لا تتلف
بسهولة، وكذلك متاحة على أقراص مدمجة تتيح استعمال الحواس المتعددة من سمع
وبصر، كما أنها تحتوي على عناصر محفزة كالتصفيق للطفل عند النطق بشكل صحيح.
2- القراءة للطفل باستمرار، خاصة القصص القصيرة مع حكاية القصة بشكل حوار وليس قراءة.
3- التحدث مع الطفل عن كل الأنشطة اليومية من طعام وحمام ولعب وطعام، على أن يكون الحديث بجمل قصيرة واضحة.
4- عدم الضغط على الطفل للنطق الصحيح، ولكن تكرار ما يقوله بشكل صحيح حتى يتعلم بشكل غير مباشر.
5- التعزيز المستمر للطفل كلما أحرز تقدما في الحوار
والنطق، وأفضل معزز للغة هو الاستماع والإنصات الجيد له؛ مما يشعره أن
كلامه مسموع ومفهوم (حتى ولو لم يكن كذلك)؛ لأن هذا يدفعه لمزيد من الرغبة
في الحديث والاستماع للآخرين.
ماذا نفعل لتجنب مشكلات التعلم؟
التدخل المبكر لتنمية القدرات هو خير وسيلة لذلك، ويمكن
تنمية القدرات بشكل عام وتنمية استعداد الطفل للتعلم الأكاديمي، ويفضل
لهذه المهمة مدرسة تربية خاصة لعمل الآتي:
1- تطبيق برنامج بورتيج لتنمية القدرات.
2- تنمية مهارات الانتباه والإدراك والذاكرة.
3- تنمية المفاهيم.
4- استعمال إستراتيجية الحواس المتعددة للبدء في تعلم الحروف.
مع مراعاة تعلمك لما تقوم به لتطبيقه في المنزل.
وفقك الله وبارك لك في أولادك.
برنامج تدريبي لدعم التأخر اللغويمشاكل التخاطب والطريق الصحيح للعلاجافعل ولا تفعل لعلاج مشكلات الت