|
| سفراء القرآن الكريم حول العالم | |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| | | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:34 | |
| الشيخ محمد صديق المنشاوي ولادته : ولد القارىء الشيخ محمد صدِّيق المنشاوي في 20 يناير 1920م ورحل عن دنيانا عام 1969, وما بين مولده ورحيله فقد نشأ في أسرة معظم قرائها من حملة القرآن , حيث حفظ القرآن الكريم وعمره أحد عشر عاماً على يد الشيخ محمد النمكي قبل أن يدرس أحكام التلاوةعلى يد الشيخ محمد أبوالعلا والشيخ محمد سعودي بالقاهرة وقد زار الشيخ المنشاوي الابن العديد من البلاد العربية والإسلامية وحظي بتكريم بعضها, حيث منحته اندونيسيا وساما رفيعاً في منتصف الخمسينات كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1965م, وزار باكستان والأردن وليبيا والجزائر والكويت والعراق والسعودية وقد ترك الشيخ أكثر من مائة وخمسين تسجيلاً بإذاعة جمهورية مصر العربية والإذاعات الأخرى , كما سجل ختمة قرآنية مرتلة كاملة تذاع بإذاعة القرآن الكريم وتلاوته. يقول المثل الشعبي (( ابن الوز عوام )) وكذلك (( من شابه أباه فما ظلم )) وبالفعل فإن هذا ينطبق على الشيخ محمد صديق المنشاوي الذي ورث حلاوة الصوت من أبيه, وكذلك التفرد في التلاوة والأستاذية في الأحكام, وقبل أن نتحدث عن هذا القطب الكبير نود أن نعرج وبإيجاز على قصة والده الشيخ صديق المنشاوي الذي لم ينل قارىء في عصره وفي اقليمه من الشهرة مثلما ناله. لقد نشأ الشيخ صديق المنشاوي وعاش في مديرية قنا بصعيد مصر وذاع صيته فيها وفي الأقاليم المجاورة واتصل في شبابه بالشيخ أبوالوفا الشرقاوي فطرب بصوته وجعله من خاصته. والغريب في قصة حياة الشيخ المنشاوي أنه رفض الاشتراك في إحياء الليالي خارج حدود مديريتي قنا وجرجا وكذلك رفض أن يسجل له في الإذاعة أي تسجيل بالرغم من العروض المغرية إلا أنه وافق وبعد 40 عاماً من احترافه تلاوة القرآن الكريم , وقد حدث ذلك عندما سافرت بعثة من رجال الإذاعة إلى قنا لتسجيل شريط للشيخ المنشاوي وتمنَّت إذاعة هذا الشريط اليتيم له في محطة الإذاعة وعاش الشيخ المنشاوي حياته كلها لا يساوم على الأجر ولا يتفق عليه وقد حدث ذات مرة أن كان يقرأ في مأتم أحد أعيان قنا وفي آخر الليل دس شقيق المتوفى (( بشيء )) يجيب الشيخ المنشاوي وانصرف الشيخ دون أن يلقي نظرة على هذا الشيء ولكنه حين وصل إلى منزله اكتشف أن الشيء الذي دسه الرجل في جيبه مليم واحد لا غير, وكان الشيخ يتقاضي جنيها عن كل ليلة وقبل أن يفكر في هذا الذي حدث جاءه الرجل صاحب الليلة معتذراً عما حدث من خطأ شنيع, فقد كان في جيب الرجل جنيه ذهبي ومليم وكان ينوي إعطاء للشيخ فأخطأ وأعطاه المليم , ولكن الشيخ المنشاوي رفض أن يتقاضى شيئاً فوق المليم قائلا : (( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا )) وكان للشيخ المنشاوي ولدان أكبرهما الشيخ محمد صديق المنشاوي والثاني كان ذا صوت جميل وموهبة حسنة ولكنه مات وهو في مقتبل العمر في حادث وظل الشيخ المنشاوي حتى مماته وفيا لعهده فلا يقرأ خارج حدود مديريته ولا يساوم على أجر ولا يتفق عليه, ولكنه هجر اقليمه مرتين الأولى عندما جاء القاهرة ليقرأ ثلاثة أيام متتالية في مأتم الشيخ رفعت والثانية عندما أقنعه الإعلامي الكبير فهمي عمر بلدياته بالحضور إلى القاهرة لإجراء اختبار لصوته في الميكروفون, لكن النتيجة جاءت للأسف بالسلب لأن هناك من الأصوات ولسوء الحظ كالوجوه, فبعض الوجوه الجميلة لا تصلح للتصوير وينطبق هذا على الأصوات ولسوء حظنا أن الشيخ المنشاوي من هذا النوع. الشيخ محمد صديق المنشاوي الأبن : كان الشيخ محمد صديق المنشاوي أحد أولئك الذي وهبوا حياتهم للخدمة في دولة التلاوة, فإذا به درة متفردة لا تكاد تجد لها نظيراً أو شبيها بين هذه الكوكبة العظيمة من قراء القرآن الكريم بداية من شيوخ دولة العلاّمة أحمد ندا , منصور بدار, علي محمود ومروراً بأعظم من أنجبت أرض الكنانة في دولة التلاوة الشيخ محمد رفعت ومن وقف بعده في تلاوة آيات الذكر الحكيم الشعشاعي الكبير وشعيشع والبنا والمنشاوي الكبير وعبدالعزيز علي فرج, والطوخي , والنقشبندي والفشني, وغيرهم, وعلى الرغم من أن الشيخ محمد صديق المنشاوي هو ابن تلميذ بار ونجيب لعلم عظيم من أعلام القراء الشيخ المنشاوي الكبير. بدياته مع الإذاعة: جاءت بداية الشيخ المنشاوي متأخرة بعض الشيء وحدث ذلك أبان الإذاعة المصرية فيها تجوب أقاليم البلاد أثناء شهر رمضان المعظم عام 1953م وكانت الإذاعة تسجل من أسنا عندما عندما كان الشيخ المنشاوي الصغير ضمن مجموعة من قرأ القرآن الكريم وكانت قراءاته التي أدت إلى اعتماده في العام التالي مباشرة. ولم يكن صوت المنشاوي الابن يصافح آذان جمهور المسلمين شرقا وغربا فحسب بل لقد ذاع صيته واحتل مكانة عن جدارة واستحقاق بين كوكبة القراء بفضل الله ثم تميزت قراءاته بقوة الصوت وجماله وعذوبته إضافة إلى تعدد مقاماته وانفعاله العميق بالمعاني والموسيقى الداخلية للأيات الكريمة, ولعل مستمعي القرآن الكريم يلمسون تلك المزايا التي ينطق بها صوت المنشاوي الابن بوضوح فإذا بهم مأخوذون بقوة الصوت وجماله وعذوبته , وخاصة في سورة العلق ولعل المستمع أيضاً يتأمل متذوقاً هذا الأداء المعجز, والشيخ يتلو بصوته مجوداً بالصوت الخفيف ( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ).[/size] [size=21]الشيخ عبدالباسط عبدالصمد [size=21]ولادته ونسبه : ولد القارىء الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمدينة أرمنت بمحافظة قنا بجنوب مصر . حيث نشأ في بقعة طاهرة تهتم بالقرآن الكريم حفظاً وتجويدا ..فالجد الشيخ عبدالصمد كان من الأتقياء والحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام , .. والوالد هو الشيخ محمد عبدالصمد , كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظا وتجويدأ . أما الشقيقان محمود وعبدالحميد فكانا يحفظان القرآن بالكتاب فلحق بهما أخوهما الأصغر سنا. عبدالباسط , وهو في السادسة من عمره .. كان ميلاده بداية تاريخ حقيقي لقريته ولمدينة أرمنت التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه. التحق الطفل الموهوب عبدالباسط بكتّاب الشيخ الأمير بأرمنت فاستقبله شيخه أحسن ما يكون الإستقبال , لأنه توسم فيه كل المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يتلى بالبيت ليل نهار بكرة وأصيلا. لاحظ الشيخ (( الأمير )) على تلميذه الموهوب أنه يتميز بجملة من المواهب والنبوغ تتمثل في سرعة استيعابه لما أخذه من القرآن وشدة انتباهه وحرصه على متابعة شيخه بشغف وحب , ودقة التحكم في مخارج الألفاظ والوقف والابتداء وعذوبة في الصوت تشنف الآذان بالسماع والاستماع .. وأثناء عودته إلى البيت كان يرتل ما سمعه من الشيخ رفعت بصوته القوي الجميل متمتعاً بأداء طيب يستوقف كل ذي سمع حتى الملائكة الأبرار. يقول الشيخ عبدالباسط في مذكراته : (( .. كان سني عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري وكان والدي موظفاً بوزارة المواصلات , وكان جدي من العلماء .. فطلبت منهما أن أتعلم القراءات فأشارا علي أن أذهب إلى مدينة طنطا بالوجه البحري لأتلقى علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ (( محمد سليم )) ولكن المسافة بين أرمنت إحدى مدن جنوب مصر وبين طنطا إحدى مدن الوجه البحري كانت بعيدة جداً . ولكن الأمر كان متعلقاً بصياغة مستقبلي ورسم معالمه مما جعلني أستعد للسفر , وقبل التوجه إلى طنطا بيوم واحد علمنا بوصول الشيخ محمد سليم إلى (( أرمنت )) ليستقر بها مدرساً للقراءات بالمعهد الديني بأرمنت واستقبله أهل أرمنت أحسن استقبال واحتفلوا به لأنهم يعلمون قدراته وإمكاناته لأنه من أهل العلم والقرآن , وكأن القدر ساق إلينا هذا الرجل في الوقت المناسب .. وأقام له أهل البلاد جمعية للمحافظة على القرآن الكريم (( بأصفون المطاعنة )) فكان يحفظ القرآن ويعلم علومه والقراءات . فذهبت إليه وراجعت عليه القرآن كله ثم حفظت الشاطبية التي هي المتن الخاص بعلم القراءات السبع . بعد أن وصل الشيخ عبدالباسط الثانية عشرة من العمر إنهالت عليه الدعوات من كل مدن وقرى محافظة قنا وخاصة أصفون المطاعنة بمساعدة الشيخ محمد سليم الذي زكّى الشيخ عبدالباسط في كل مكان يذهب إليه .. وشهادة الشيخ سليم كانت محل ثقة الناس جميعاً . زيارته للسيدة زينب في ذكرى مولدها : في عام 1950م ذهب ليزور آل بيت رسول الله (ص) وعترته الطاهرين وكانت المناسبة التي قدم من أجلها مع أحد أقربائه الصعايدة هي الإحتفال بمولد السيدة زينب .. والذي كان يحييه عمالقة القراء المشاهير كالشيخ عبدالفتاح الشعشاعي والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالعظيم زاهر والشيخ أبوالعينين شعيشع وغيرهم من كوكبة قراء الرعيل الأول بالإذاعة. بعد منتصف الليل والمسجد الزينبي يموج بأوفاج من المحبين لآل البيت القادمين من كل مكان من أرجاء مصر كلها .. إستأذن أحد أقارب الشيخ عبدالباسط القائمين على الحفل أن يقدم لهم هذا الفتى الموهوب ليقرأ عشر دقائق فأذن له وبدأ في التلاوة وسط جموع غفيرة وكانت التلاوة من سورة الأحزاب .. عم الصمت أرجاء المسجد واتجهت الأنظار إلى القارىء الصغير الذي تجرأ وجلس مكان كبار القراء .. ولكن ما هي إلا لحظات وانتقل السكون إلى ضجيج وصيحات رجت المسجد (( الله أكبر )) , (( ربنا يفتح عليك )) إلى آخره من العبارات التي تصدر من القلوب مباشرة من غير مونتاج.. وبدلاً من القراءة عشر دقائق امتدت إلى أكثر من ساعة ونصف خيل للحاضرين أن أعمدة المسجد وجدرانه وثرياته انفعلت مع الحاضرين وكأنهم يسمعون أصوات الصخور تهتز وتسبح بحمد ربها مع كل آية تتلى بصوت شجي ملائكي يحمل النور ويهز الوجدان بهيبة ورهبة وجلال. الشيخ الضباع يقدم الشيخ عبدالباسط للإذاعة : مع نهاية عام 1951 طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبدالباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارىء بها ولكن الشيخ عبدالباسط أراد أن يؤجل هذا الموضوع نظراً لارتباطه بالصعيد وأهله ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص . ولكن ترتيب الله وإرادته فوق كل ترتيب وإرادة . كان الشيخ الضباع قد حصل على تسجيل لتلاوة الشيخ عبدالباسط بالمولد الزينبي والذي به خطف الأضواء من المشاهير وتملك الألباب وقدم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن وتم اعتماد الشيخ عبدالباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد النجوم اللامعة والكواكب النيرة المضيئة بقوة في سماء التلاوة. بعد الشهرة التي حققها الشيخ عبدالباسط في بضعة أشهر كان لابد من إقامة دائمة بالقاهرة مع أسرته التي نقلها من الصعيد إلى حي السيدة زينب ليسعد بجوار حفيدة الرسول (ص) والتي تسببت في شهرته والتحاقه بالإذاعة وتقديمه كهدية للعالم والمسلمين والإسلام على حد قول ملايين الناس . بسبب إلتحاقه بالإذاعة زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها وانتشرت بمعظم البيوت للإستماع إلى صوت الشيخ عبدالباسط وكان الذي يمتلك (( راديو )) في منطقة أو قرية من القرى كان يقوم برفع صوت الراديو لأعلى درجة حتى يتمكن الجيران من سماع الشيخ عبدالباسط وهم بمنازلهم وخاصة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً . بالإضافة إلى الحفلات الخارجية التي كانت تذاع على الهواء مباشرة من المساجد الكبرى . زياراته المتعددة إلى دول العالم : بدأ الشيخ عبدالباسط رحلته الإذاعية في رحاب القرآن الكريم منذ عام 1952م فانهالت عليه الدعوات من شتى بقاع الدنيا في شهر رمضان وغير شهر رمضان .. كانت بعض الدعوات توجه إليه ليس للإحتفال بمناسبة معينة وإنما كانت الدعوة للحضور إلى الدولة التي أرسلت إليه لإقامة حفل بغير مناسبة وإذا سألتهم عن المناسبة التي من أجلها حضر الشيخ عبدالباسط فكان ردهم (( بأن المناسبة هو وجود الشيخ عبدالباسط )) فكان الإحتفال به ومن أجله لأنه كان يضفي جواً من البهجة والفرحة على المكان الذي يحل به .. وهذا يظهر من خلال استقبال شعوب دول العالم له استقبالاً رسمياً على المستوى القيادي والحكومي والشعبي .. حيث استقبله الرئيس الباكستاني في أرض المطار وصافحه وهو ينزل من الطائرة .. وفي جاكرتا بدولة أندونيسيا قرأ القرآن الكريم بأكبر مساجدها فامتلأت جنبات المسجد بالحاضرين وامتد المجلس خارج المسجد لمسافة كيلو متر مربع فامتلأ الميدان المقابل للمسجد بأكثر من ربع مليون مسلم يستمعون إليه وقوفا على الأقدام حتى مطلع الفجر . وفي جنوب أفريقيا عندما علم المسئولون بوصوله أرسلوا إليه فريق عمل إعلامي من رجال الصحافة والإذاعة والتليفزيون لإجراء لقاءات معه ومعرفة رأيه عما إذا كانت هناك تفرقة عنصرية أم لا من وجهة نظره , فكان أذكى منهم وأسند كل شيء إلى زميله وابن بلده ورفيق رحلته القارىء الشيخ أحمد الرزيقي الذي رد عليهم بكل لباقة وأنهى اللقاء بوعي ودبلوماسية أضافت إلى أهل القرآن مكاسب لا حد لها فرضت احترامهم على الجميع . كانت أول زيارة للشيخ عبدالباسط خارج مصر بعد التحاقه بالإذاعة عام 1952 زار خلالها السعودية لأداء فريضة الحج ومعه والده .. واعتبر السعوديون هذه الزيارة مهيأة من قبل الله فهي فرصة يجب أن تجنى منها الثمار , فطلبوا منه أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة لتذاع عبر موجات الإذاعة .. لم يتردد الشيخ عبدالباسط وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف (( لقب بعدها بصوت مكة )) .. ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي زار فيها السعودية وإنما تعددت الزيارات ما بين دعوات رسمية وبعثات وزيارات لحج بيت الله الحرام . ومن بين الدول التي زارها (( الهند )) لإحياء احتفال ديني كبير أقامه أحد الأغنياء المسلمين هناك .. فوجيء الشيخ عبدالباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد حنّوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وأعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تذرفان الدمع تأثراً بهذا الموقف الخاشع . لم يقتصر الشيخ عبدالباسط في سفره على الدول العربية والإسلامية فقط وإنما جاب العالم شرقاً وغرباً .. شمالاً وجنوباً وصولاً إلى المسلمين في أي مكان من أرض الله الواسعة .. ومن أشهر المساجد التي قرأ بها القرآن هي المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بالسعودية والمسجد الأقصى بالقدس وكذلك المسجد الإبراهيمي بالخليل بفلسطين والمسجد الأموي بدمشق وأشهر المساجد بآسيا وإفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند ومعظم دول العالم , فلم تخل جريدة رسمية أو غير رسمية من صورة وتعليقات تظهر أنه أسطورة تستحق التقدير والإحترام . تكريمه : يعتبر الشيخ عبدالباسط القارىء الوحيد الذي نال من التكريم حظاً لم يحصل عليه أحد بهذا القدر من الشهرة والمنزلة التي تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدر من الحب الذي جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين بل كلما مر عليها الزمان زادت قيمتها وارتفع قدرها كالجواهر النفيسة ولم ينس حياً ولا ميتاً فكان تكريمه حياً عام 1956 عندما كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام من السنغال وآخر من المغرب وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان بعد رحيله من الرئيس محمد حسن مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1990م. رحلته مع المرض والوفاة : تمكن مرض السكر منه وكان يحاول مقاومته بالحرص الشديد والإلتزام في تناول الطعام والمشروبات ولكن تاضمن الكسل الكبدي مع السكر فلم يستطع أن يقاوم هذين المرضين الخطيرين فأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيله بأقل من شهر فدخل مستشفى الدكتور بدران بالجيزة إلا أن صحته تدهورت مما دفع أبناءه والأطباء إلى نصحه بالسفر إلى الخارج ليعالج بلندن حيث مكث بها أسبوعاً وكان بصحبته ابنه طارق فطلب منه أن يعود به إلى مصر وكأنه أحسّ أن نهار العمر قد ذهب , وعيد اللقاء قد اقترب . فما الحياة إلا ساعة ثم تنقضي , فالقرآن أعظم كرامة أكرم الله بها عبده وأجل عطية أعطاها إياه فهو الذي استمال القلوب وقد شغفها طرباً وطار بها فسافرت إلى النعيم المقيم بجنات النعيم , وقد غمر القلوب حباً وسحبهم إلى الشجن فحنت إلى الخير والإيمان وكان سبباً في هداية كثير من القلوب القاسية وكم اهتدى بتلاوته كثير من الحائرين فبلغ الرسالة القرآنية بصوته العذب الجميل كما أمره ربه فاستجاب وأطاع كالملائكة يفعلون ما يؤمرون . وكان رحيله ويوم وداعه بمثابة صاعقة وقعت بقلوب ملايين المسلمين في كل مكان من أرجاء الدنيا وشيّعه عشرات الألاف من المحبين لصوته وأدائه وشخصه على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي فحضر تشييع الجنازة جميع سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء دولهم تقديراً لدوره . في مجال الدعوة بكافة أشكالها حيث كان سبباً في توطيد العلاقات بين كثير من شعوب دول العالم ليصبح يوم 30 نوفمبر من كل عام يوم تكريم لهذا القارىء العظيم ليذكّر المسلمين بيوم الأربعاء 30/11/1988م الذي توقف عنه وجود المرحوم الشيخ عبدالباسط بين أحياء الدنيا ليفتح حياةً خالدةً مع أحياء الآخرة يرتل لهم القرآن الكريم كما كان يرتل في الدينا .[/size]
عدل سابقا من قبل جاسمين في الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 10:21 عدل 2 مرات | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:35 | |
| الشيخ محمود علي البنا ولادته : ولد القارىء الشيخ محمود علي البناء في قرية (( شبرا باص )) مركز شبين الكوم محافظة المنوفية يوم 17/12/1926م. ونشأ بين أحضان الطبيعة الريفية بما تحمل من مناظر طبيعية , وحياة تقليدية , وفطرة تسيطر على مجريات الأمور كلها , وكان لهذه الطبيعة الريفية الأثر الواضح في تكوين شخصية أفراد المجتمع الزراعي المكافح الحريص على حياة شريفة طاهرة عمادها الجهد والعرق والكفاح .. وكانت سعادة الوالد في رؤية ابن له يساعده في زراعته أو في تجارته ليكون له عوناً وسنداً وسلاماً وبرداً .. ولكن الحاج (( علي )) رحمه الله كان يفكر بطريقة خاصة تختلف عن حسابات أهل الريف .. فلقد نما إلى علمه الفطري أن أسهل الطرق وأقربها للوصول إلى الجنة تتمثل في طاعة الله والتي منها ولد صالح يدعو له . والصلاح الكامل وقمة القرب من الله ورسوله لا يكون ناجحاً إلا بتحصينه بالحصن المتين والزاد الذي لا ينقطع والنور الساطع , وهو القرآن الكريم . استشعر الحاج علي النعمة الكاملة من أول لحظة عندما رزق بمولود جميل يشبه أطفال الجنة , لأن العز والوجاهة ظهرت على المولود الصغير الذي اختراه الله لحفظ كتابه الكريم . ولأن قدوم الطفل كان محموادً حمداً لله وثناء عليه .. أطلق عليه أبوه اسماً من أسماء النبي (ص) التي هي في السماء فأسماه (( محمود )) بعد هذا الميلاد الذي أسعد الوالد حلت البركة على البيت وكثر الخير الذي تدفق على الأسرة .. وربما يكون هذا التدفق وهذه البركة كان مصدرها تفاؤل وأمل ودفعة جعلت النشاط والحيوية المحرك الذي أشعل روح الكفاح والجهد الوافر لدى رب الأسرة الحاج علي البنا. الذي لم يدخر جهداً ولم يبخل بشيء قد يساعد ابنه على حفظ القرآن الكريم , ليكون في مقدمة صفوف أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته (( إذا عملوا بالقرآن )) ولما بلغ الطفل (( الجميل )) محمود على البنا أشده واستوى ألحقه والده بكتاب (( الشيخ موسى )) رحمه الله . بقرية (( شبرا باص )) كان الشيخ موسى حريصاً كل الحرص على تلاميذه من حيث الحفظ والتجويد ولكنه كان شديد الحرص على نجم بزغ بين أقرانه وهو الطفل الموهوب محمود علي البنا , الذي ظهرت عليه علامات النبوغ وسمات أهل القرآن وخاصة مخارج الألفاظ والدقة في النطق وهو في السادسة من عمره بالإضافة إلى الذكاء الشديد والإلتزام والدقة والرقة في التعامل مع كلمات القرآن مما جعل الشيخ موسى يتوسم النبوغ في تلميذه الموهوب . يقول الشيخ محمود علي البنا في مذكراته عن مرحلة الطفولة والكتّاب : (( كنت شديد الحرص على حفظ ما آخذه كل يوم بالكتاب أسهر الليل كله ولا أنام إلا بعد ما أحفظ اللوح الذي سأقوم بتسميعه على سيدنا في اليوم التالي .. وبعد الحفظ أراجع اللوح السابق الذي حفظته قبل ذلك حتى أقوم بتسميع اللوحين معاً ليتواصل القرآن بالقرآن تواصلاً محكماً .. وأذكر أن شيخي ضربني علقه ما زلت أذكرها ولن تغيب عن خيالي ما دمت حياً. وكانت علقة بدون أي تقصير مني في التسميع والحفظ . ولما عدت للبيت بكيت بكاءً شديداً وقلت لوالتدي لقد ضربني سيدنا ضرباً شديداً مع أنني سمّعت له اللوح .. فقالت : (( يا محمود الشيخ ضربك لأنني قلت له إنك ذهبت إلى الغيط لتشاهد جمع القطن وتلعب بجوار العاملين بجني القطن .. وأنا يا بني خفت إنك تتعود على كده وتبعد عن القرآن يقوم القرآن يبعد عنك .. يا بني أنا خايفه عليك وعلى مصلحتك ومستقبلك لأنك شكل أهل القرآن ولن تصلح إلا للقرآن .. القرآن جميل يا محمود وبيرفع صاحبه )) .. ولكنني لم أستوعب الدرس جيداً وفي اليوم التالي خفت من عقوبة سيدنا فتغيبت عن الكتّاب ولكنني فوجئت بالعريف وكان طوله يقرب من مترين يجرني بقوة من ذراعي إلى خارج البيت , فقلت له انتظر لما آخذ رغيف وحتة جبنة وألبس جزمتي .. فقال لا مفيش وقت .. فاستغربت لأن أحداً من البيت لم يتحرك لتخليصي من العريف .. فعلمت أن هناك اتفاقاً بين الأسرة وبين سيدنا , والذي على أساسه جاء العريف يجرني إلى الكتّاب . وأول ما دخلت على سيدنا فوجئت بأنه أمطرني ضرباً في كل مكان من أنحاء جسدي على يدي ورجلي ورأسي وظهري فعرفت أنه متوصى وبعدها صالحني سيدنا ووجه إلي بعض النصائح ووعدني بعدم الضرب ووعدته بالمواظبة والحفظ وعدم التغيب عنا لكتاب )) . يقول الشيخ محمود علي البنا : (( ... وذهب والدي إلى مدينة شبين الكوم ليقدم لي طلب إلتحاق بمعهد شبين الكوم الديني الأزهري ولكن أحد أصدقاء والدي رحمه الله أشار عليه بالذهاب إلى معهد المنشاوي بطنطا الذي يقبل حفظة القرآن مباشرة .. فذهب بي والدي إلى طنطا والتحقت بمعهد المنشاوي , وكنت صغيراً جداً .. ولكن الذي شجعني على البقاء بطنطا .. إلتفاف الكثير من الناس حولي لسماع صوتي وأنا أقلد الشيخ محمد رفعت رحمه الله .. وكانت توجه إلي الدعوات للقراءة في المناسبات أحياناً بالمسجد الأحمدي .. وعرفت وقتها بالطفل ا لمعجزة لأنني كنت ماهراً في تقليد أصحاب المدارس الراقية في تلاوة القرآن ولما كان يطلب مني تقليد الأساتذة العمالقة أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ محمد سلامة والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي والشيخ محمد السعودي .. لم أتردد وإنما أكون سعيداً جداً ويشجعني المستمعون بالمئات فيزداد الإبداع وأتمكن من الأداء بقوة وأنا في الثانية عشرة من عمري . يقول الشيخ البنا : (( أهم شيء في القارىء أن يكون حافظاً ومجوداً للقرآن الكريم بإتقان وتمكن . وأن يكون صوته جميلاً ولديه ملكة التقليد . لأنه يقلد فلاناً وفلاناً من أصحاب المدارس المشهورة والمؤثرة في قلب المستمع مباشرة . وفي النهاية تكون شخصيته هي الواضحة بصوته وأدائه المتميز عندما تسمعه تقول هذا فلان . ولا بد أن يلتحق بمدرسة قرآنية يعشقها هو . ويميل إليها قلبه فيسمع أستاتذته من المدرسة التي يرغبها ويتمشى معها صوته وأداؤه وإمكاناته. وبعد فترة يستقل بشخصيته التي عندما يسمعها المستمع يقول : هذا فلان . وأنا لا أؤيد التقليد المطلق. ولكن يجب أن تظهر شخصية القارىء في النهاية . إلتحاقه بمعهد المنشاوي : بمعهد المنشاوي بطنطا عرف الطالب محمود علي البنا واشتهر بين الطلاب بجمال صوته وحسن مظهره وقوة أدائه. مما جعل كل مشايخ المعهد يحبون الإستماع إليه وكذلك الطلاب. يقول الشيخ البنا : (( وكان الشيخ حسين معوض رحمه الله شديداً في معاملته مع الطلاب .. فلما تكاسلت يوماً عن القراءة هددني الشيخ حسين بالجريدة التي يمسكها بيده .. فجلست وأمامي جمع غفير من الطلاب ولكنني فوجئت بأنهم ينصرفون مسرعين كل إلى فصله ولم يتبق إلا أنا فقال لي الشيخ حسين : لا تخف استمر في القراءة .. وفي آخر السنة قال لي الشيخ حسين والشيخ محرز رحمهما الله : يا محمود إذهب إلى المعهد الأحمدي (( بطنطا )) وتعلم القراءات حتى تكون صييتاً لك شهرتك لتدخل الإذاعة لأنك صاحب موهبة فذة قلما تتوفر لأحد غيرك .. ذهبت إلى المعهد الأحمدي بطنطا وتعلمت القراءات على يد المحروم الشيخ محمد سلاّم الذي كان حريصاً على انتقاء من يلتحق بمعهد القراءات فيعقد له اختباراً في الحفظ وتجويد الحروف وسلامة النطق ومعرفة مخارج الألفاظ والدقة في الأداء القرآني وحسن المظهر فإذا توافرت كل هذه الشروط في المتقدم إلى المعهد الأحمدي قبله الشيخ سلام .. وأما الذي يكون دون ذلك فليس له مكان بالمعهد الأحمدي للقراءات آنذاك .. )) مكث الشيخ البنا عامين كاملين بالمسجد الأحمدي بطنطا يتلقى علوم القرآن والقراءات العشر تتلمذاًَ على يد المحروم الشيخ محمد سلام ولما بلغ الشيخ البنا الثامنة عشرة انتقل إلى القاهرة بلد العلم والعلماء حيث الأزهر الشريف قبلة الراغبين في المزيد من العلوم والمعارف .. وذلك بعد أن أصبح مثقلاً بالقرآن وعلومه ومتمكنا من تجويده وتلاوته متمتعاً بما وهبه الله من إمكانات عالية وقبول من كل الناس لطريقة أدائه الساحرة التي أهلته لأن يفكر في غزو القاهرة باحثاً عن مجد عزيز وشهرة واسعة. من شبرا باص إلى القاهرة : يقول الشيخ البنا : وانتقلت إلى القاهرة عام 1945 حتى أكون قريباً من عمالقة القراء لأستمع إليهم وأسجل بذاكرتي ما يعجبني ويهزني من أداء ونغم وفن رفيع ثم أعود إلى البيت لأسترجع ما سجلته على شريط الذاكرة وأتلو ما سمعته من أحد العمالقة فأنفذه وكأنني هو. وخاصة الشيخ محمد سلامة الذي شدني إلى حسن صوته وأدائه بقوة وإتقان .. فقلت لنفسي أنت كالذي انتقل من الإبتدائي إلى الجامعة بجلوسك أمام هؤلاء كالشيخ محمد سلامة والشيخ محمد رفعت والشيخ الصيفي والشيخ الشعشاعي . بعد عام 1945 استقر الشيخ البنا بحي شبرا بالقاهرة حيث الأصدقاء والمحبون لفن أدائه وجمال صوته .. وكان لعشاق فن الشيخ البنا الدور الأكبر في بقائه بالقاهرة لمواصلة مسيرته نحو الشهرة والعالمية , لأنهم مكنوه من التلاوة بأكبر مساجد شبرا فتعرف عليه مئات المهتمين بالإستماع للموهوبين من قراء كتاب الله عز وجل وخاصة كبار الشخصيات الذين لعبوا دوراً كبيراً في تقديم موهبته إلى الملايين عبر موجات الإذاعة. يقول الشيخ البنا في مذكراته : (( بدأت ببعض المساجد بشبرا بالقاهرة عن طريق بعض الأصدقاء المخلصين حتى تعرف عليّ كثير من الناس , فانهالت عليّ الدعوات لإحياء المآتم وبعض المناسبات الدينية التي كان يقيمها كبار التجار بالقاهرة وكانت هناك منافسة شديدة بينهم وخاصة في اختيارتهم للأسماء اللامعة من مشاهير القراء وكل منهم يتفنن في جذب الناس إلى حفلته فكانت لمنافسة شديدة في كل شيء ابتداءً من حجم السرادق وتجهيزه وإضاءته وموقعه انتهاءً بالقارىء الأكثر جماهيرية . وفي عام 1946م إلتقى الشيخ البنا بأحد عمالقة التواشيح وأحد النابغين في تدريس المقمات الموسيقية وهو الشيخ درويش الحريري الذي ساعد الشيخ البنا على إتقان المقامات الموسيقية وتطويعها للتلاوة وخاصة أن صوته يحمل نغماً ربانياً يستحق الدراسة .. واستطاع الشيخ البنا أن يزيد حصيلته الغنية فتعلم التواشيح وأتقنها ليتمكن فقط من توظيف ما لديه من مواهب وإمكانات في تلاوة القرآن ليستطيع أن يأخذ مكانه عن جدارة وكفاءة بين كوكبة قراء الرعيل الأول بالإذاعة. أول تلاوة للشيخ البنا بالإذاعة : وكانت أول تلاوة للشيخ البنا بالإذاعة في آخر ديسمبر عام 1948م وكان سنه 22 سنة. وكانت القراءة على الهواء مباشرة قبل التسجيلات. وكانت التلاوة من سورة (( هود )) من قوله تعالى : { وإلى ثمود أخاهم صالحاً } إلى قوله تعالى : { وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب } . يقول الشيخ البنا : بعد اعتمادي بالإذاعة قارئاً للقرآن الكريم جاءني خطاب من الشئون الدينية بالتوجه إلى استوديو علوي أمام الشريفين (( مبنى الإذاعة القديم )) لأقرأ قرآن الصباح من السابعة إلى السابعة والنصف صباحاً وتم تحديد أول الربع الذي سأقرأه من سورة هود .. ولأن ميكرفون الإذاعة له احترامه وتقديره وقدسيته ولأنني سأقرأ بالإذاعة بجوار عمالقة القراء الموهوبين كان من الطبيعي أن أعلن على نفسي حالة الطوارىء أولاًَ راجعت الربع المقرر عليّ أكثر من عشر مرات وقرأته مع مراعاة الوقف والابتداء والتنغيم والأحكام المتقنة الملتزمة كما تعلمنا من أساتذتنا ثانياً سمعت القارىء الذي قرأ يوم الإثنين قبل قراءتي مباشرة فوجدته بالفعل قرأ ربع { وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها } وعلي أن أبد بعده مباشرة . توجهت إلى الإذاعة قبل الموعد بنصف ساعة لأنني لم أنم تلك الليلة .. جلست طوال الليل أنا والحاجة جالسين وضابطين المنبه وكل ساعة تقول لي الحاجة : نم يا شيخ محمود وأنا أصحيك فقلت لها ما أنا خايف ننام أنا وأنت للساعة (( 8 )) الصبح والقراءة الساعة (( 7 )) وقبل الفجر بساعة توضأت وصليت وشربت الشاي ونزلت إلى الشارع وأخذت تاكسي ووصلت إلى الشريفين , وصعدت السلم وكأن ارتفاعه عشرة أدوار من شدة خوفي ورهبة الموقف .. ودخلت ملحق الأستوديو فسمعت رجلاً يقول ثني ومد وخلف وأمام فعرفت أنه برنامج الرياضة الصباحي , وكان على الهواء كبقية المواد الإذاعية قبل التسجيلات كما ذكرنا .. فجلست في ركن المذيعة (( صفية المهندس )) ومعها البرنامج مكتوب عليه . (( نستمع إلى القارىء الشيخ محمد علي البنا الذي سنسمعه لأول مرة بعد اعتماده قارئاً بالإذاعة )) وكلما اقترب موعد التلاوة الصوت يهرب مني وأخاف أكثر . وقدمتني السيدة المذيعة فقفلت الصوت وقلت لها أنا صوتي بيقطع فقالت صوتك طالع على الهواء جميل جداً .. وأنا ما صدقت أنها تقول لي صوتك جميل على الهواء وطلعت بجواب عالي رد إليّ ثقتي بنفسي وبفضل الله انطلقت بقوة وبتوفيق من الله .. حتى ختمت الربع في السابعة والنصف . قاريء المساجد الكبرى : بعد التحاقه بالإذاعة واكتساب شهرة عريضة امتدت عبر الزمان والمكان إلى جميع أقطار الدنيا – كانت له مكانة مرموقة بين القراء , وفي قلوب الناس جميعاً .. أختير لكفاءته وحسن مظهره الملائكي لأن يكون قارئاً لأكبر وأشهر وأهم المساجد بجمهورية مصر العربية وخاصة المساجد التي يزورها وفود إسلامية من مختلف دول العالم . قرأ السورة يوم الجمعة لمدة خمس سنوات في الخمسينات بمسجد الملك فاروق بحدائق القبة بالقاهرة .. بعدها انتقل قارئاً للسورة بمسجد الإمام أحمد الرفاعي بحي القلعة بالقاهرة لمدة خمس سنوات .. وخلال هذه الفترة انتقل وراءه مئات من جمهوره المتيم بأدائه وصوته إلى مسجد الإمام الرفاعي .. وبعد ذلك أختير لأن يقرأ السورة بمسجد العارف بالله السيد أحمد البدوي بمدينة طنطا وظل به متمتعاً بتلاوة كتاب الله ما يقرب من ثلاثة وعشرين عاماً متواصلة. وفي عام 1980م بعد وفاة الشيخ الحصري انتقل الشيخ البنا إلى القاهرة مرة ثانية ليكون قارئاً للسورة بمسجد الإمام الحسين حفيد الرسول (ص) ليختم حياته تالياً لكتاب الله عز وجل في روضة بضعة الرسول (ص) حتى فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها عام 1985م. السفر إلى دول العالم : إن رحلة الشيخ مع القرآن كانت رحلة عالمية لا يحدها زمان ولا مكان . ظل متردداً على أماكن المسلمين في شتى بقاع الدنيا على مدى ما يقرب من أربعين عاماً متتالية ولم يترك قارة من قارات الدنيا إلا وذهب إليها على مدار الأعوام وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي طالما أسعد الملايين من الجاليات المسلمة بسماع صوته القرآن البريء العذب الفياض , فرقت عشرات القلوب التي كانت كالحجارة أو اشد قسوة .. ودخلت دين الله أفواجاً مسبحين بحمد ربهم مستغفرينه فكان لهم غفوراً تواباً .. اختاره الأزهر الشريف لحضور كثير من المؤتمرات الإسلامية العالمية ممثلاً أهل القرآن وقراءه وأرسلته وزارة الأوقاف إلى كثير من المسابقات العالمية كمحكم وقاض قرآني .. وانهالت عليه الدعوات من الملوك والرؤساء والشيوخ العرب لإحياء المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف وليلة الإسراء والمعراج وليلة رأس السنة الهجرية وافتتاح المؤتمرات الإسلامية العالمية المقامة على أرض بلادهم .. إنه حقا كان خير سفير للقرآن الكريم . الوفاة : فراسة المؤمن .. كانت لدى الشيخ البنا منذ طفولته واستمرت حتى وفاته .. حيث تنبأ بوفاة رجل يسمى (( الجمل )) بقريته (( شبرا باص )) وهو طفل صغير ظل يردد الجمل وقع الجمل وقع وبعد ساعات مات الرجل بغير مرض . وطلبه للشيخ الشعراوي ليودعه وهو على فراش المرض وتنبؤه بأن الشيخ الشعراوي عاد من البحر الأحمر ولما اتصل الحاضرون بالإمام وجدوه قد وصل منذ لحظات . وقبل الوفاة بأيام استدعى ابنه أحمد وطلب منه إحضار ورقة وقلم وقال له : أكتب ما أمليه عليك .. وأملى عليه نعيه كفقيد للإذاعات العربية والإسلامية .. عن عمر يناهز الستين عاماً . فقاطعه نجله أحمد مداعباً .. ولماذا لا نكتبها ثمانين عاماً ؟ فقال له الشيخ البنا : لا يبني لقد توقف العمر وقرب الأجل وانتهى . وأضاف وصية بتوزيع ممتلكاته وأمواله على أبنائه حسب شريعة الله وسألهم هل لكم طلبات أخرى فانخرط الجميع في البكاء ولكنه هو الذي طلب منهم أن يضعوا معه شريط قرآن ليصاحبه في جنازته ويؤنس وحدته في قبره فلم يسع أحد أن يرد عليه . نظره إلى سقف حجرته بالمستشفى وهو يصف جنازته من أول الصلاة عليه بمسجد الإمام الحسين (ع) حيث كان يقرأ كل يوم جمعه إنتهاء بوصوله إلى مدفنه بالمقبرة التي بناها في حياته بجوار المركز الإسلامي الذي أقامه بقريته شبرا باص .. وكيف تشيع الجنازة وأشار إلى مكان أخيه وهو يبكيه في ناحية والناس يبكون في ناحية وحدث المنظر كاملاً في اليوم التالي كما صوره الشيخ البنا الذي فاضت روحه ودفن بمسجده وعاد إلى قريته شبرا باص كما خلق على أ رضها أول مرة . تكريم الدولة للشيخ البنا : قامت الدولة بتكريم الشيخ البنا بعد وفاته حيث منح اسم الشيخ البنا وسام العلوم والفنون عام 1990 في الإحتفال بليلية القدر وتسلمه نجله الأكبر المهندس شفيق محمود علي البنا .. وكرمته محافظة سوهاج بإطلاق اسمه على الشارع الرئيسي بجوار المسجد الأحمدي بمدينة طنطا , كذلك أطلقت محافظة القاهرة اسمه على أحد شوارع حي مصر الجديدة .. وهكذا يكون تكريم أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
عدل سابقا من قبل جاسمين في الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 10:22 عدل 1 مرات | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| | | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| | | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:39 | |
| الشيخ أحمد الرزيقي ولادته ونسبه: الاسم أحمد الشحات أحمد الرزيقي .. نسبة إلى بلدته (( الرزيقات قبلي )) أمين عام نقابة القراء , وقارىء مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة , ولد يوم 21/2/1938م بقرية الرزيقات قبلي مركز أرمنت قنا ألحقه والده المرحوم الحاج الشحات بالمدرسة الابتدائية بالقرية . رضي الطفل بهذا لأنه هو الأسلوب المتبع لدى الناس جميعاً وذات يوم خرج الشيخ أحمد من البيت قاصداً المدرسة فرأى حشداً من الناس أمام بيت المرحوم الحاج الأمير داود التاجر المعروف بالمنطقة والذي كان هو الوحيد الذي يمتلك (( راديو )) في القرية فسأل الطفل الصغير عن سر ذلك التجمهر اللافت للنظر, وكأن عناية السماء تدخلت في حياته لتنبىء عما كتبه الله له فساقته الأقدار إلى البحث عن سبب تجمع الناس في جو شديد البرودة في هذا التوقيت بالذات قبل السادسة صباحاً – فقيل له لأن ابن بلدنا الشيخ عبدالباسط عبدالصمد , دخل الإذاعة وسوف يقرأ الآن بالراديو فجلس معهم الطفل الصغير صاحب العقل الكبير , ليس ليشاركهم الفرحة فقط, ولكن لأشياء سيطرت على كيانه. وبينما الجميع في الانتظار, مشغولين بإذاعة اسم ابن بلدهم بالراديو , وانطلاق صوته العذب الجميل عبر جهاز لا حول له ولا قوة من وجهة نظرهم مع علمهم بأنه سينطق بقدرة الله الذي أنطق كل شيء. ولكن الطفل تدور الأمور برأسه دوراناً خالصا, لسان حاله يقول بصوت داخلي يهز المشاعر: إذا كان هذا الحب, وهذا التفاني, وهذا الانتظار من أجل الشيخ عبدالباسط الذي وصل إلى قمة المجد, فما هو المانع من أن أكون مثله؟ إذا كان قد حفظ القرآن فإن شاء الله سأحفظ القرآن مثله! وإذا كان صوته جميل فهذا ليس على الله بعزيز. لحظات وانطلق صوت المذيع معلنا عن اسم القارىء الشيخ عبدالباسط عبدالصمد, إذا بالجميع وكأن الطير على رءوسهم , لا ينطق اللسان, ولكن القلوب تهتف وتتراقص طرباً واستحساناً لابن بلدهم حسن الصوت. وبعد انتهاء التلاوة تبادل الحاضرون فيما بينهم عبارات التهاني والفخر والسرور, وانصرف الشيخ أحمد من بينهم دون أن يشعر به أحد, ليغير طريق حياته كلها قبل أن يغير طريق الوصول إلى المدرسة. واتجه إلى الكتّاب مباشرة, وألقى السلام على الشيخ واستأذنه في الجلوس بين أقرانه. وبدأ معهم الحفظ وظل يتردد على الكتّاب لمدة أسبوع دون أن يعلم أحد من البيت. ولكن المدرسة أرسلت خطاباً يحمل مدة الغياب عن المدرسة, فتعجب والده لأن الابن يخرج من البيت إلى المدرسة في الموعد المحدد ويعود بعد انتهاء اليوم الدراسي . فانتظر الحاج الشحات ابنه أحمد ليعرف منه سبب الإنذار. لم يخطر على بال الوالد أن الابن قد تغيب, ولما عاد الشيخ أحمد إلى المنزل ككل يوم سأله والده أين كنت الآن ؟ وهل كنت بالمدرسة أم لا ؟ فرد الشيخ أحمد على والده بفلسفة وأسلوب لا يصدق أحد أن طفلاً يتحدث به ورد قائلاً لوالده: ولماذا لم تسألني منذ تغيبت إلا اليوم ؟ فقال له والده: لأنني كنت معتقداً إنك رايح المدرسة وجاي من المدرسة ! فقص عليه ما حدث فاحتضنه أبوه وقبّله وقال له: يعني أنت اتخذت القرار من نفسك قال: نعم فشجعه على ذلك وفرح جداً. وسأله عما حفظ من القرآن , فقرأ عليه , فدعى له بالتوفيق وأقره في ذلك . كان الشيخ أحمد حريصاً على متابعة مشاهير القراء عن طريق الإذاعة , وبالأماكن التي يسهرون فيها في الصعيد ليتعلم منهم ويقتدي بهم. وبعد أن حفظ القرآن كاملاً وهو ابن العاشرة, كافأه الوالد بأن اشترى راديو ليستمتع الشيخ أحمد بالاستماع إلى قراءة الرعيل الأول بالإذاعة. وكان الشيخ أحمد يحاول تقليدهم فيحضر زجاجة لمبة الجاز نمرة (( 5 )) ويضعها على فمه ويقرأ بها لتكون كالميكرفون وتحدث صوتاً يساعده على القراءة. يقول الشيخ أحمد الرزيقي : مثلاً كنت أضع للشيخ أبوالعينين شعيشع صورة معينة في خيالي, ولكنني لما رأيته تعجبت لأنني كنت متخيلاً أن هؤلاء الكواكب والنجوم الزاهرة ليسوا كمثلنا, ولكن كالملائكة, ولما قابلت الشيخ أبوالعينين قلت له الحقيقة غير الخيال, كنت متخيلاً أنك في جمال سيدنا يوسف عليه السلام وضحكنا أنا والقمر الذي يضيء دنيا القراءة السيد النقيب صاحب الفضيلة الشيخ أبوالعينين شعيشع. وشاءت الأقدار بفضل الله وبفضل القرآن أن أكون الأمين العام لنقابة القراء في ظل رئاسة الشيخ أبوالعينين للنقابة أي (( النقيب )) وانتقل الشيخ الرزيقي من كتّاب الشيخ محمود إبراهيم كريّم الذي حفّظه القرآن وعلمه حكايات من القصص الديني الذي يروي حياة الصحابة رضوان الله عليهم, وعلمه بعضاً من الفقه والسنة والتاريخ الإسلامي, وجزءاً من حياة النبي (ص) . إنتقل إلى معهد تعليم القراءات ببلدة أصفون المطاعنة القريبة من قريته الرزيقات قبلي. حيث تعلم التجويد والقراءات السبع وعلوم القرآن. يقول الشيخ أحمد الرزيقي: (( وتخيلت أنني لو سلكت طريق القرآن فسأكون قارئاً مشهوراً للقرآن الكريم. فرافقت القرآن مرافقة الخادم لسيده .. لأن شيخي علمني الكثير والكثير, وكانت رعايته ترقبني لأنه توسم فيّ خيراً كما قال لي. ولذلك فضله عليّ كبير, لأنه علمني أشياء أفادتني في حياتي كلها. علمني الكياسة والفطانة وكيفية التعامل مع الناس, وكيف أفكر قبل إصدار القرار, حتى في نطق الكلمة, أتذوقها أولاً فإذا كان طعمها مستساغاً أنطقها, ولكنها إذا كانت مرة المذاق , فسوف تكون أكثر مرارة إذا خرجت من لساني. وعلمني متى أتحدث, وفي أي وقت أتحدث, وكيفية احترام الكبير والصغير, فكان الكتاب جامعة داخل كتاب. كان الشيخ محمد سليم المنشاوي أحد علماء القراءات في مصر والوجه القبلي, لقد علّم الشيخ عبدالباسط القراءات وذلك بمعهد أصفون المطاعنة , وكان هو شيخ المعهد في ذلك الحين. ولثقة الجميع بالشيخ سليم وخاصة بعدما تخرج الشيخ عبدالباسط على يده, لم يتردد الشيخ أحمد الرزيقي في الذهاب إلى الشيخ سليم. وبأصفون تلقى علم القراءات وعلوم القرآن ساعده على ذلك القرابة التي كانت تربطه بأهل أصفون يقول الشيخ أحمد : (( .. ولم أشعر بالغربة داخل بلدتي الثانية أصفون نظراً لأنهم أبناء عمومتنا, وتربطنا بهم علاقة الدم والنسب والأرحام, وكان أهل المطاعنة يطلبون من الشيخ محمد سليم زيارتي لهم, فكان يوافق الشيخ رحمه الله. وبعد ذلك ذاع صيت الشيخ أحمد الرزيقي في كل مدن وقرى الوجه القبلي فانهالت عليه الدعوات ليسهر رمضان, ويحي المآتم والمناسبات الدينية, وأصبح محل ثقة وحب الجميع في صعيد مصر. ولم تتوقف الموهبة الفذة عند هذا الحد, ولكنها حملت صاحبها إلى القاهرة على أجنحة الإلتزام والتقدير والاعتزاز بكتاب الله عز وجل : فاشتهر في القاهرة بين كوكبة من القراء يتنافسون بحب في لقاءات وسهرات من الصعب أن يحدد المستمع من هو أقوى طرفيها أو أطرافها, لأنها كانت سهرات جامعة شاملة, في مناسبات معروفة ومحدد الزمان والمكان, يقيمها كبار تجار القاهرة في كل المناسبات وخاصة في المولد النبوي الشريف, ومولد السيدة زينب والإمام الحسين. وكان يصادف أن يدعى اثنان أو ثلاثة في سرادق واحد وربما كان من هذه الأسماء الشيخ رفعت والشعشاعي وشعيشع والمنشاوي ومصطفى إسماعيل وعبدالباسط وغيرهم: فكان من الصعب أني يأتي قارىء من الأقاليم ليفرض نفسه على الساحة بين قمم جبال راسخة, ولكن الحظ وحده جعل الشيخ أحمد يسلك الطريق, وينحت في صخور ليخط له اسماً بفضل الله تعالى, ثم بفضل شيخ مخلص هو المرحوم الشيخ عبدالباسط عبدالصمد, الذي ساعد الشيخ أحمد الرزيقي وشجعه على القراءة بين هؤلاء العمالقة داخل مدينة القاهرة التي وقع مستموعها تحت سيطرة محكمة من كتيبة القراء التي فتحت دنيا القراءة أما أجيال ستظل تنهل من بحر عطاء لا ينضب ومجد لا ينتهي صنعه أصحاب المدارس الفريدة رحمهم الله , ونفعهم بما قدموا للمسلمين والإسلام. كان الشيخ الرزيقي ينزل القاهرة قبل الاستقرار بها وأول شيء يفعله يتجه إلى عترة رسول الله (ص) وخاصة الإمام الحسين والسيدة زينب. وبعد ذلك يتجه إلى الشيخ عبدالباسط يتدارس معه شئونه القرآنية, وليستفيد من توجيهاته الذكية الرشيدة, وتعليماته الدقيقة. يقول الشيخ الرزيقي: وذات مرة جئت إلى القاهرة وكالعادة ذهبت إلى الشيخ عبدالباسط فقال لي: خلاص لن تعود إلى الصعيد: فقلت له : لماذا يا فضيلة الشيخ قال : لأنك ستسهر معي وتقرأ معي حتى تشتهر وتدخل الإذاعة إن شاء الله . وأخذني معه في كل مكان, وقرأت معه في كل المحافظات حتى ذاعت شهرتي , واستمع إليّ كبار المسئولين بالدولة . وأذكر أنني قرأت أمام الفريق سعد الدين الشريف و د.حسن عباس زكي وفريد باشا زعلوك والأستاذ نبيل فتح الباب , فأعجبوا بتلاوتي وأدائي , وقالوا حتماً ستكون قارئاً بالإذاعة. وكتب لي فريد باشا زعلوك خطاباً إلى صديقه الأستاذ الشاعر محمود حسن إسماعيل مراقب الشئون الدينية والثقافية بالإذاعة وقتذاك. ولكنني لم أذهب بالخطاب إلى الإذاعة وإنما سافرت إلى الصعيد. وفي عام 1967م وكنت محتفظاً بالخطاب – جئت إلى القاهرة وذهبت إلى الإذاعة لأقابل الأستاذ محمود حسن إسماعيل , وقلت له: حضرت إليك برسالة من رجل عزيز عليك, وصاحب فضل عليك. فقال من فريد باشا زعلوك ؟ فقلت له نعم: فتلقف الرسالة بشغف وتأملها, ولكنه قال: يا أستاذ فيه قرار بعدم انعقاد اللجنة إلا بعد إزالة آثار العدوان. فقلت له أدعو الله أن يزيل آثار العدوان, وأن ينصر مصر, وقلت له عندما – يأذن الله سأحضر إلى الإذاعة . وعدت إلى البلد , أقرأ القرآن في كل بلاد الوجه القبلي , وبعض محافظات الوجه البحري. الرسالة التي كتبها إلى الرئيس السادات وردّ الرئيس عليها : يقول الشيخ أحمد الرزيقي : (( .. جلست تحت شجرة فمسني نسيم الهواء الطاهر , فحرك مرواح القلب وأنعش روحي التي استوت على حروف القرآن , لأكتب رسالة حددت مستقبلي القرآني إلى الرئيس الراحل أنور السادات قلت فيها: الأخ العزيز الرئيس محمد أنور السادات وبعد .. إني أكتب إليك هذه الرسالة لا لأنك رئيس الجمهورية ولا على أنك الحاكم , وإنما على أنّك شقيق يشعر بآلام أخيه وأما قصتي فهي أنني أتلو القرآن الكريم , وأتقي الله في ذلك, وأصاحب القرآن منذ طفولتي, وجعلت نفسي خادماً له. فلم يأل القرآن جهداً في إسداء النصح إليّ, وإني قد ذهبت إلى المسئولين بالإذاعة فقالوا لي: لن تنعقد لجنة اختبار القراء إلى بعد إزالة آثار العدوان. وها نحن الآن وقد تفضل الله علينا بإزالة آثار العدوان, وانتصرنا في حرب أكتوبر, التي كنت أنت قائدها: فأرجو سيادتكم التفضل باتخاذ ما ترونه من إخطار الإذاعة أن تبعث لي بموعد اختباري كقارىء بها .. وبعد أيام قلائل جاءني رد الرئيس السادات على رسالتي برسالة تقول: الأخ العزيز القارىء الشيخ أحمد الرزيقي وبعد – لقد وصلتنا رسالتكم الرقيقة والتي حملت بين سطورها معاني المحبة والإخلاص .. وقد اتصلنا بالإذاعة فوجدنا طلبكم موجوداً, وسترسل الإذاعة لاستدعائكم للإختبار , فأدعو الله لكم بالتوفيق, وأرجو لكم النجاح, وإخطاري بنجاحكم حتى أستمتع بالإستماع إليكم .. محمد أنور السادات . وكانت فرحة الشيخ أحمد الرزيقي لا توصف باهتمام الرئيس السادات بخطابه والرد عليه.وركب أول قطار بعد وصول الرسالة إليه من الرئيس السادات ووصل إلى القاهرة واتجه إلى الإذاعة, وحدد المسئولون له موعداً لاختباره, ودخل اللجنة في الموعد المحدد. ولكن اللجنة رأت أنه يستحق مهلة 6 شهور عاد بعدها واعتمد قارئاً بالإذاعة بعد أن أثنى عليه كل أعضاء اللجنة, وحصل على تقدير الامتياز, ليصبح واحداً من أشهر قراء القرآن الكريم بالإذاعة المصرية والإذاعات العالمية كلها. ذكريات الشيخ الرزيقي مع الشيخ عبدالباسط عبدالصمد : يقول الشيخ الرزيقي : لي مع المرحوم الشيخ عبدالباسط ذكريات كثيرة جداً : سافرت معه إلى معظم دول العالم. وكان بمثابة التابع لي ولست أنا التابع له . وذلك من حسن خلقه – فكان مهذباً ومتواضعاً وعلى خلق. فعلى سبيل المثال سافرت معه إلى جنوب أفريقيا, وكانت مشاكل العنصرية هناك لا حدّ لها, ويصعب السفر والإقامة بها آنذاك. ولما وصلنا جوهانسبرج وجدنا جماهير غفيرة في استقبالنا, وخاصة من البيض, وكثير من رجال الصحافة. فقلت للمرحوم الشيخ عبدالباسط : خلي بالك من نفسك فقال الحافظ هو الله وجلسنا بصالة كبار الزوار بالمطار , وأقبلت علينا سيدة صحفية فقال لها الشيخ عبدالباسط تحدثي مع زميلي الشيخ الرزيقي .. أنا تابع له فتحدثت معي وقلت لها: لقد جئنا إلى هنا في مهمة دينية وهي تلاوة القرآن الكريم. فقالت لي : هل رأيت عنصرية هنا ؟ قلت لها: إنني جئت إلى هنا لأقرأ القرآن , ولست باحثاً عن العنصرية ولا غيرها .. فجاء صحفي يبدو أنه عنصري وقال : أنا أعرف أنكما شخصيتان مهمتان . فهل تعلمان ما أعد لكما من تأمين على حياتكما قبل أن تأتيا إلى هنا ؟ .. فقلت له: يا أخي لسنا في حاجة إلى تأمين لأننا جئنا لقضاء بعض الأيام الطيبة بين أشقائنا من المسلمين هنا على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وصفاتهم, ونحن بمثابة الآباء لهم فهل يحتاج الأب إلى من يحميه من أبنائه ؟ كل هذا في حديث تليفزيوني فلما سمع الناس ذلك قابلونا ونحن متجهون إلى المسجد وقالوا: ونحن حراس عليكما. وفي نيجيريا نزلنا عند رجل ثري جداً بأحد الفنادق فتركنا وقال هذا الجرس تستخدموه عند الحاجة ولما جعنا ضغطت على الجرس فجاء رجل طوله متران ونصف ولا يفقه كلمة عربية واحدة ولا حتى إنجليزية فأشرت له بإشارات عرف منها أننا نتضور جوعاً, فأحضر كتاباً به قوائم للطعام بالإنجليزي , وزاد الموقف صعوبة فقال لي الشيخ عبدالباسط : إصرفه فضحكت وقلت له: كيف أصرفه إقرأ عليه قرآن يعني ؟ وضحكنا وبعد فترة من الوقت جاءنا الطعام. السفر إلى دول العالم : لم يترك الشيخ الرزيقي بلداً عربياً ولا دولة إسلامية ولا جالية إسلامية في دولة أجنبية ولا جزيرة في عرض بحر إلا وذهب إلى المسلمين في شهر رمضان ليمتعهم بما أفاء الله عليه من نعمة حفظ كتاب الله والحافظ عليه بتلاوته بما يرضي الله تعالى .. وسر تدفق الدعوات الخاصة على الشيخ الرزيقي من الدول الشقيقة لإحياء شهر رمضان والمناسبات الدينية المختلفة هو أنه يراعي الله في تلاوته ويتقيه ويؤدي أداءً محكماً ليرضي الرب قبل إرضاء العبد ولا نظن أن ما يرضي الخالق لا يرضي المخلوق وأنّ ما يرضي الحق جلت قدرته يجعل العباد في شوق إلى هذا الأداء الملتزم الموزون بكل دقة. مواقف طريفة لا ينساها الشيخ الرزيقي : حياة الشيخ أحمد الرزيقي حافلة بالذكريات المختلفة عبر رحلة ممتدة عبر ما يقرب من أربعين عاماً قضاها في رحاب هدى القرآن ونوره وخاصة الذكريات والمواقف مع مثله العليا من العلماء والفقهاء والأدباء يقول الشيخ الرزيقي : (( .. وأثناء اختباري كقارىء بلجنة إختبار القراء بالإذاعة والتي كان الشيخ الغزالي رحمه الله أحد أعضائها .. طلب مني فضيلته أن أقرأ سورة التغابن تجويداً .. فقلت لفضيلته : لم أعود نفسي على تجويدها , ولكنني أجيد أداءها ترتيلاً . فأصر وألح عليّ لأجودها , ولكنني كنت أكثر إصراراً فقال له زميله باللجنة المرحوم الدكتور عبدالله ماضي يا شيخ محمد الشيخ أحمد الرزيقي صادق وهذه تحسب له .. فأود أن تجعله يقرأها مرتلاً .. وكان الشيخ محمد الغزالي سمحاً ما دام الأمر لا يؤثر على أحكام الدين والقرآن فقال لي : رتلها يا شيخ أحمد فرتلت سورة التغابن وسعد الشيخ الغزالي بالأداء لدرجة أنه شكرني وأثنى على أدائي المحكم . ودارت الأيام ومرت مر السحاب , صنع الله الذي أتقن كل شيء وبعد أن أصبحت قارائاً مشهوراً بالإذاعات العالمية جائتي دعوة لإحياء شهر رمضان بدولة قطر عام 1985م وشرفت بصحبة الشيخ محمد الغزالي الذي دعي لإلقاء دروس العلم .. وفي ليلة بدر وكان مقرراً أن أبدأ الإحتفال بتلاوة القرآن ويقوم فضيلة الشيخ الغزالي بالتعليق على ما أتلوه .. فطلب مني أن أقرأ من سورة آل عمران : (( .. ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة )) فقلت له إنني سأقرأ (( التغابن )) فابتسم ابتسامة عريضة ولأنه صاحب مكانة جليلة وأخلاق كريمة قال إقرأ آيتين من آل عمران ثم إقرأ التغابن حتى نتحدث في المناسبة ثم أقوم بتفسير ما تقرأه من التغابن .. لم أقصد من وراء قولي هذا لفضيلة الشيخ الغزالي إلا لأذكره فقط بما حدث بلجنة الاختبار. ولن أنسى موقفاً حدث لي ببريطانيا في مدينة شفيلد : وهذا الموقف مهم جداً أذكره لبعض المدعين أنهم مسلمون وهم يقتلون الأبرياء ويهددون ضيوف مصر القادمين لرؤية حضارة مصر والإستمتاع بجوها الساحر !! نزلت في منزل الشيخ زهران إمام المسلمين هناك وكنت أستيقظ متأخراً بعد ما يخرج الشيخ زهران إلى عمله. ولأنني بمفردي بالمنزل. دق الجرس ففتحت الباب فوجدتهم مجموعة من الأطفال فقالوا: لي صباح الخير بالإنجليزية ورديت التحية عليهم, ولم أعرف منهم ماذا يريدون, وكانت هناك سيدة ترقب الموقف من أمام منزلها فجاءت مسرعة لتعتذر لي وصرفتهم وانصرفت السيدة ومعها الأطفال, ونسيت ما حدث لأنه شيء عادي من وجهة نظرنا هنا, ولكن في المساء فجأة دق جرس الباب ففتح الشيخ زهران, وقال لهم: ماذا تريدون ؟ قالوا نريد الشيخ. قال لهم: لماذا ؟ فقالوا لنشرح له ما حدث من الأطفال في الصباح, ونعتذر له. وجلست مع الوفد الذي جاء تقديراً واحتراماً لي, وقالوا لقد جاء الأطفال ظنّا منهم أن أبناء الشيخ زهران بالمنزل, لأن الأطفال هنا تعودوا على الخروج إلى الجناين ليتنزهوا, ولقضاء يوم السبت بالمنتزهات, وكذلك يوم الأحد والأطفال الذين حضروا إلى هنا وأزعجوك هم أعضاء إحدى جمعيات الأطفال , ونحن جميعاً المسئولين عن الجمعية, فجئنا ومعنا الأطفال حتى نعتذر لك عما بدر منهم, لأنك ضيف عزيز, ويجب أن نعمل على راحتك. فقلت في نفسي ياليتنا في مصر نعرف حق الضيف كما يعرف هؤلاء. تكريم الدولة للشيخ أحمد الرزيقي : حصل الشيخ أحمد الرزيقي على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى تقديراً لدوره في خدمة القرآن الكريم كما حصل على العديد من الميداليات وشهادات التقدير ولكن أغلى شهادة وأعظم وسام حصل عليه كما يقول هو حب الناس إليه. | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:40 | |
| الشيخ السيد متولي عبدالعال ولادته : ولد القارىء الشيخ سيد متولي بقرية الفدادنة مركز فاقوس بمحافظة الشرقية يوم 26 إبريل عام 1947م. في أسرة يعمل عائلها بالزراعة كبقية أهل القرية. كان والده يتطلع إلى السماء داعياً رب العزة أن يرزقه ولداً بعد البنات الأربع ليكون لهم رجلاً وملاذاً بعد وفاته. وكانت الأم في شوق إلى ابن يقف بجوار شقيقاته الأربع بعد رحيلها حتى تطمئن على بناتها بوجود أخ لهن يأوين إليه عند الشدائد والملمات ويجدنه بجوارهن دائماً. وتأكيداً لرغبة الأم الشديدة في إنجاب غلام حليم دعت الله أن يرزقها الولد لتهبه لحفظ القرآن الكريم ليكون أحد رجال الدين وخادماً لكتاب الله عز وجل وعاملاً بحقل الدعوة الإسلامية. استجاب المولى لرجاء الوالدين ورزقهما بطفل ليبعث في نفسيهما الأمل ويبث في قلبيهما السكينة والإطمئنان. عم الخير أرجاء البيت بمقدم الوليد وسهرت الأم ليلها ونهارها ترقب نمو ابنها متمنية أن تراه رجلاً بين عشية أو ضحاها .. مرت الأيام مر السحاب وتعاقب الليل والنهار وتوالت الشهور وبلغ الابن الخامسة من عمره فأخذه أبوه وذهب به إلى كتّاب الفدادنة وقدمه إلى الشيخة (( مريم السيد رزيق )) التي ستقوم بتلقينه الآيات والذكر الحكيم . وتعاهد الإثنان والوالد والشيخة مريم على الإهتمام بالإبن سيد متولي أدق ما يكون الإهتمام, ورعايته أفضل ما تكون الرعاية فتعاون البيت مع الكتاب وقدما العون للطفل ابن الرابعة حتى يتفرغ لحفظ القرآن ومراجعته وإجادة نطقه. وجدت الشيخ مريم علامات النبوغ ومؤشرات الموهبة لدى تلميذها فانصب اهتمامها عليه وعاملته معاملة متميزة لتصل به إلى حيث تضعه الموهبة دون تقصير ولا يأس, فهي المحفّظة التي تخرج على يديها وفي كتّابها مئات من الحفظة مما مكنها من معرفة إمكانات الموهوب وكيف تثقل موهبته كملقنة لها خبرتها ونظرتها الثاقبة. يقول الشيخ سيد متولي عن مرحلة الطفولة : (( .. ولولا الشيخة مريم وفضلها عليّ ما استطعت أن أحفظ القرآن بهذا الإتقان. ومازلت أذكر محاسنها وإمكاناتها وأمانتها في التحفيظ والتلقين والصبر على تلاميذها وكيفية تعاملها مع الحفظة بطريقة تميزها على بقية المحفّظين بالإضافة إلى قناعتها بما كتبه الله , ولأنها كفيفة اعتبرت عملها رسالة ودعوة إلى الله وكانت تردد لنا قول النبي (ص) : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) وعندما يتخرج في كتابها حافظ للقرآن كاملاً كنت تجدها أسعد من في الوجود وكأنها ملكت الدنيا في قبضتها واقتربت من أبواب الجنة باعتبارها من ورثة كتاب الله عزل وجل .. وهي الآن ما زالت تحفظ القرآن متمتعة بالقبول والرضا ويكفيها من الخير أنها تستضيف وفود الملائكة كل يوم بكتّابها يزفون إليها البشرى من ربهم بأن لها من الله أجراً عظيماً )). ولما بلغ الفتى القرآني سيد متولي السادسة من عمره ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية بالقرية فلم ينشغل بالدراسة عن الكتّاب لأن القرآن كنز الدنيا والآخرة. عرف الشيخ سيد متولي بين زملاء المدرسة واشتهر بأنه قارىء للقرآن وسعد به المدرسون والتلاميذ الذين قدموه لتلاوة القرآن كل صباح بالمدرسة وكثيراً ما افتتح الحفلات التي كانت تقام في المناسبات المختلفة. ظل التلميذ الموهوب سيد متولي يتردد على كتّاب الشيخة مريم حتى أتم حفظ القرآن كاملاً وهو في سن الثانية عشرة. أصبح الشيخ سيد متولي قارىء القرية في المناسبات والمآتم البسيطة وأحيا ليلة الخميس والأربعين فنجح في ذلك بتفوق لأنه نال إعجاب الناس جميعاً فأشار بعضهم على والده أن يذهب به إلى الشيخ (( الصاوي عبدالمعطي )) مأذون القرية ليتلقى عليه علم القراءات وأحكام التجويد, وخاصة أنه يجيد حفظ القرآن وتلاوته بصوت قوي وجميل ولا ينقصه إلا دراسة الأحكام .. استجاب الوالد لتوجيه المقربين إليه وذهب بابنه إلى الشيخ (( الصاوي )) حزن عليه تلميذه الشيخ سيد متولي لأنه كان صاحب فضل عليه حيث علمه أحكام التجويد بروايةحفص باتقان مكنه من تلاوة القرآن بجوار عمالقة القراء. ولم يتقصر هذا العطاء وهذا الفضل عند هذا الحد, ولكن شاء القدر أن يبقى ذكر الشيخ (( الصاوي )) محفوراً بذاكرة الشيخ سيد متولي وكيانه .. وخاصة بعدما حصل الشيخ سيد متولي على المأذونية خلفاً لأستاذه الشيخ (( الصاوي )) ليصبح الشيخ سيد قارئاً للقرآن ومأذوناً لقريته (( الفدادنه )) وحباً في تحصيل علوم القرآن وحرصاً على التمكن من كتاب الله ذهب طموح الشيخ سيد به إلى قرية العرين المجاورة للفدادنة ليتعلم علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ طه الوكيل فوجد اهتماماً ورعاية وأمانة واتقاناً وحرصاً من الشيخ الوكيل شجعه على الإغتراف من علمه وأثقل موهبته بما تلقاه من علوم قرآنية على يد هذا العالم الجليل .. بعد ذلك ذاع صيته في محافظة الشرقية وانهالت عليه الدعوات من كل أنحاء الشرقية وبدأ يغزو المحافظات الأخرى المجاورة لإحياء المآتم وكثيراً ما قرأ بجوار مشاهير القراء الإذاعيين أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البنا والشيخ عبدالباسط والشيخ حمدي الزامل والشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي . يقول الشيخ سيد متولي : (( .. ولما بلغت العشرين عاماً ذاع صيتي ووصلت شهرتي إلى كل المحافظات المجاورة لمحافظة الشرقية ودعيت لإحياء المآتم الكبرى بجانب مشاهير القراء فلم تأخذني الرهبة لأنني تعلمت على يد واحدة من أفضل محفظي القرآن وهي الشيخة مريم التي مازلت أذكر بالفخار أنها أستاذتي ومعلمتي, وفي البداية لم أنظر إلى الأجر الذي لم يتعد جنيهاً واحداً عام 1961م وعام 1962م. وفي عام 1970 دعيت لإحياء مأتم كبير ففوجئت بوجود المرحوم الشيخ محمود علي البنا, فسعدت بأنني سأقرأ بجواره في سهرة واحدة ولو لم أحصل على أجر فإن سعادتي كانت أعظم, وبعدها قرأت مع المرحوم الشيخ عبدالباسط والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ الطبلاوي )). بعد عام 1980م وصلت شهرة الشيخ سيد متولي إلى المحافظات وامتدت في نفس العام إلى خارج مصر .. فذاع صيته في بعض الدول العربية والإسلامية من خلال تسجيلاته على شرائط الكاسيت التي جعلته أشهر قارىء خارج الإذاعة وتفوق على كثير من قراء الإذاعة من حيث الشهرة وحب الناس له. ويرجع سبب هذا التفوق إلى إمكاناته المتعددة (( صحياً )) ما شاء الله لا قوة إلا بالله , وصوتياً متمتعاً بأحبال صوتية قوية جداً وطول في النفس بغير شهيق – كما يفعل بعض القراء – وصوت رخيم عريض جميل, وقدرته على التلوين وفهمه لمعاني كلمات القرآن. متميزاً على كل القراء بارتدائه الطربوش (( المغربي )) الذي كان يرتديه الشيخ أبوالعينين شعيشع في بداية حياته مع القرآن. قارىء الإذاعات العربية والإسلامية والسفر إلى الخارج : بعد شهور سيبلغ الشيخ متولي الخمسين عاماً ولم يلتحق بالإذاعة المصرية حتى الآن ولكنه قام بتسجيل القرآن لبعض الإذاعات العربية والإسلامية وله تسجيلات تذاع بالأردن وإيران وبعض دول الخليج. وهو الآن أصبح منافساً بقوة لمشاهير القراء الإذاعيين وخاصة بعدما دخلت تسجيلاته كل بيت وفي متناول كل يد وخاصة السيارات والمحلات المنتشرة في أكبر ميادين المدن الكبرى .. ويقول عن سبب شهرته وانتشاره بقوة : (( .. والسبب الحقيقي في شهرتي وذيوع صيتي هو أنني أراعي الله في تلاوتي لكتابه .. والقارىء إذا كان مخلصاً لربه وللقرآن وللناس فلن يجد إلا القبول والتوفيق .. وعن علاقاتي فهي طيبة مع كل الناس وخاصة زملائي القراء ولكن في حدود , لأني دائماً أراجع القرآن في أوقات الفراغ. وأما عن التقليد فلست من مؤيديه لأن المقلد سرعان ما ينتهي لأن الناس دائماً يحنون إلى الأصل, وهذا لا ينفي التقليد في البداية فكل قارىء يبدأ مقلداً ولكن في الوقت المناسب يجب أن يستقل بشخصيته وتكون له طريقته التي تميزه )) .. ولأن القرآن هو الثروة التي لا تعادلها ثروة في الحياة, حرص الشيخ سيد على أن يكون له ابن من حفظة القرآن ليكون امتداداً له.. فوجد إقبالاً شديداً من ابنه (( صلاح )) على حفظ القرآن فأرسله إلى كتّاب الشيخة مريم وهو الآن يحفظ ما يقرب من عشرين جزءاً حفظاً جيداً بجانب دراسته بالصف الرابع الثانوي بمعهد السلاطنة الديني. سافر الشيخ سيد متولي إلى كثير من الدول العربية والإسلامية والأفريقية لإحياء ليالي شهر رمضان وتلاوة القرآن الكريم بأشهر المساجد هناك وله جمهوره المحب لصوته وأدائه في كل دولة ذهب إليها وهذا الحب والقبول أعز ما حصل عليه الشيخ سيد متولي على حد قوله. وخاصة إيران والأردن ودول الخليج العربي. الإذاعة .. ورحلة كفاحه حتى وصل إلى هذه الشهرة : وعن التحاقه بالإذاعة يقول: الآن حان الوقت للتقدم للإذاعة والله أدعو أن يوفقني حتى أستطيع أن أخدم القرآن الكريم من خلال الإذاعة التي تدخل كل بيت داخل مصر وخارجها. والإذاعة صاحبة فضل على كل قارىء مشهور. ويعتبر الشيخ سيد متولي واحداً من أشهر القراء الذين دخلوا قلوب الناس وكتبوا لأنفسهم تاريخاً بالجهد والعرق والكفاح كالشيخ جودة أبوالسعود والشيخ عبدالحق القاضي وغيرهما من القراء الموهوبين الذين قرأوا القرآن على أنه رسالة ولكن حظهم من الشهرة لم يبلغ قدرهم, ولكنهم كانوا يعلمون أن ما عند الله خير وأبقى. | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:41 | |
| الشيخ الشحات محمد أنور ولادته : ولد القارىء الشيخ الشحات محمد أنور قارىء مسجد الإمام الرفاعي, يوم 1 يوليو, عام 1950م في قرية كفر الوزير – مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية في أسرة صغيرة العدد .. وبعد ثلاثة أشهر من ولادته, مات أبوه فلم يتمكن الطفل من تمييز ملامح أبيه الذي ترك طفلاً يتيماً يواجه أمواج الحياة وتقلبات الأيام بحلوها ومرها. ولأن حنان الأم لا يعادله حنان, احتضنت الأم وليدها وانتقلت به للإقامة بمنزل جده ليعيش مع أخواله حيث الرعاية الطيبة التي قد تعوضه بعض الشيء وتضمد جراح اليتيم التي أصابته قبل أن تنبت له الأسنان. قامل خاله برعايته, وتبناه فكان خير أمين عليه لأنه قام بتحفيظه القرآن. كان لنشأته في بيت قرآن الأثر الكبير في إتمامه لحفظ القرآن وهو في الثامنة من عمره, وبواسطة خاله الشيخ حلمي محمد مصطفى رحمه الله راجع القرآن أكثر من مرة.. ولما بلغ العاشرة ذهب به خاله إلى إحدى القرى المجاورة وهي قرية (( كفر المقدام )) ليجود القرآن على يد المرحوم الشيخ علي سيد أحمد ((الفرارجي)) الذي أولاه رعاية واهتماماً خاصاً, لأنه لديه الموهبة التي تؤهله لأن يكون واحداً من أشهر قراء القرآن في مصر والعالم كله. يقول الشيخ الشحات مسترجعاً أيام الطفولة : (( ... في تلك الفترة كنت سعيداً بحفظ القرآن سعادة لا توصف, وخاصة أثناء تجويدي للقرآن بعد ما أتممت حفظه .. ولأن صوتي كان جميلاً , وأدائي للقرآن يشبه أداء كبار القراء, تميزت على أقراني وعرفت بينهم بالشيخ الصغير, وهذا كان يسعدهم جميعاً وكان زملائي بالكتّاب ينتهزون أي فرصة ينشغل فيها الشيخ عنا ويطلبون مني أن أتلو عليهم بعض الآيات بالتجويد ويشجعونني وكأنني قارىء كبير. وذات مرة سمعني الشيخ من بعيد فوقف ينصت إليّ حتى انتهيت من التلاوة فزاد اهتمامه بي فكان يركز عليّ دون الزملاء لأنه توقع لي أن أكون ذا مستقبل كبير على حد قوله رحمه الله ... واذكر أنني أثناء تجويدي للقرآن كنت كثيراً ما أتلو على زملائي ففكر أحدهم أن يحضر علبة كبريت (( درج )) ويأخذ منها الصندوق ويضع به خيطاً طويلاً ويوصله بالعلبة فأضع أحد أجزاء العلبة على فمي وأقرأ به كأنه ميكرفون وكل واحد من الزملاء يضع الجزء الآخر من العلبة على أذنه حتى يسمع رنيناً للصوت فيزداد جمالاً وقوة.. كل هذا حدد هدفي وطريقي وأنا طفل صغير وجعلني أبحث جاهداً عن كل السبل والوسائل التي من خلالها أثقل موهبتي وأتمكن من القرآن حتى لا يفر مني وخاصة بعد ماصرت شاباً مطالباً بأن أعول نفسي ووالدتي وجدتي بعد وفاة خالي الذي كان يعول الأسرة, فكنت لما أسمع أن أحد كبار العائلات توفي وتم استدعاء أحد مشاهير القراء لإحياء ليلة المأتم كنت أذهب وأنا طفل في الثانية عشرة وحتى الخامسة عشرة. إلى مكان العزاء لأستمع إلى القرآن وأتعلم من القارىء وأعيش جو المناسبة حتى أكون مثل هؤلاء المشاهير إذا ما دعيت لمثل هذه المناسبة. المنافسة : الشيخ جوده أبوالسعود والسعيد عبدالصمد الزناتي والشيخ حمدي الزامل الذين أشعلوا المنافسة في المنطقة بظهورهم دفعة واحدة ولكن والحق يقال – ظهرت موهبة الفتى الموهوب فجأة لتدفعه بين عشية أو ضحاها ليكون نداً للجميع واحتل مكانة لا تنكر بينهم رغم صغر سنه فتألق كقارىء كبير يشار إليه بالبنان وهو دون العشرين عاماً. كانت بداية الشيخ الشحات بداية قاسية بكل معايير القسوة لم ترحم تقلبات الحياة المرة طفلاً يحتاج إلى من يأخذ بيده وينشر له من رحمته ويحيطه بسياج من العطف والحنان وبدلاً من هذا عرف الأرق طريق الوصول إليه فكيف ينام أو تقر له عين ويسكن له جفن أو يهدأ له بال وهو مطالب بالإنفاق علىأسرة كاملة فبدأ بتلبية الدعوات التي انهالت عليه من كل مكان وهو ابن الخامسة عشرة فقرأ القرآن في كل قرى الوجه البحري بأجر بسيط آنذاك لا يتعدى ثلاثة أرباع الجنيه إذ كانت السهرة بمركز ميت غمر تحتاج إلى سيارة وقد تصل إلى 7 جنيهات إذا لزم تأجير سيارة مهما يكن نوعها. فكان يعود من السهرة بما تبقى معه من الأجر ليسلمه إلى جدته ووالدته فتنهال عليه الدعوات مما يشجعه على تحمل الصعاب في سبيل التطلع إلى إلى حياة كريمة شريفة يتوجها بتاج العزة والكرامة وهو تلاوة كتاب الله عز وجل . استطاع الشيخ الشحات في فترة وجيزة أن يكّون لنفسه شخصية قوية ساعده على ذلك ما أودعه الله إيّاه من عزة النفس وبعد النظر واتساع الأفق والذكاء الحاد والحفاظ على مظهره والتمسك بقيم وأصالة الريف مع التطلع بعض الشيء إلى الشياكة في المعاملة التي تغلفها رقة تجعل المتعامل معه يفكر ثم يفكر أبها تكلف أم أنها طبيعية وهذا ما سنجيب عنه قادماً. في تلك الفترة لم يكن الشيخ الشحات قد ارتدى زياً رسمياً للقراء ولكنه كان يلبس جلباباً أبيض والطاقية البيضاء وذات يوم ذهب ليقرأ مجاملة بمأتم خال القارىء الشيخ محمد أحمد شبيب بقرية دنديط المجاورة لكفر الوزير مباشرة, ولم يكن يتوقع أن ينال إعجاب الجمهور من الحاضرين بصورة لافتة للأنظار وخاصة الحاج محمد أبوإسماعيل معلم القرآن بالمنطقة وكان التوفيق حليفه والفتوح الرباني ملازمه بقوة وكان أحد الحاضرين خاله المرحوم الشيخ محمد عبدالباقي والذي كان مقيماً بمدينة بورسعيد وأبناؤه موجودون بها حتى الآن. فلما رأى المرحوم الشيخ محمد عبدالباقي إعجاب الناس الشديد بالشيخ الشحات فرح جداً وأحضر للشيخ الشحات زياً كاملاً من جملة ما عنده وقام بضبط الزي على مقاس الشيخ الشحات لأنه كان أطول منه قليلاً , وقام بلف العمامة البيضاء (( الشال )) على الطربوش وقال له بحنان الخال العامر قلبه بالقرآن .. مبسوط يا شحات أنت كده أصبحت شيخاً كبيراً وضحك الجميع سروراً وتمنى الموجودون للشيخ الشحات أن يكون أحد كبار ومشاهير القراء. الموهبة وبداية الشهرة : وبعد أن تخطى العشرين عاماً بقليل صار للشيخ الشحات اسماً يتردد في كل مكان وانهالت عليه الدعوات من كل محافظات مصر وأصبح القارىء المفضل لمناطق كثيرة ظلت آمنة ساكنة لم يستطع أحد غزوها بسهولة لوجود المرحوم الشيخ حمدي الزامل والشيخ شكري البرعي وتربعهما على عرش التلاوة بها لدرجة أنها عرفت بأنها مناطق الشيخ حمدي الزامل رحمه الله. ولكن الموهبة القديرة لا تعرف حدوداً ولا قوانين حتى ولو كانت القوانين قوانين قلبية مغلقة.. فكانت الموهبة لدى الشيخ الشحات هي المفتاح السحري الذي يتطاير أمامه كل باب. وبعد عام 1970م انتشرت أجهزة التسجيل في كل المدن والقرى بطريقة ملحوظة وخاصة بعد الإنفتاح وكثرة السفر للعمل خارج مصر. لدرجة أن كثيرين تمنوا السفر ليس لجمع المال ولكن ليكون لديهم جهاز تسجيل يسجلوا ويسمعوا عليه المشاهير أمثال الشيخ الشحات. وكان ذلك سبباً في شهرة الشيخ الشحات عن طريق تسجيلاته التي انتشرت بسرعة البرق, ولو تم حصر تسجيلاته في تلك الفترة لزادت على عشرة آلاف ساعة من التلاوات الباهرة الفريدة التي جعلت الملايين من الناس يتوقعون لهذا القارىء الموهوب أنه سيكون أحد النجوم المضيئة في الإذاعة لأنه كان يتمتع بمزايا شخصية وإمكانات صوتية لا تقل عن إمكانات عمالقة القراء من الرعيل الأول لقراء الإذاعة. واقعة طريفة : حدثت عام 1978م بقرية (( التمد الحجر )) مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وكان طرفاها الشيخ الشحات والمرحوم الشيخ حمدي الزامل وفي الحقيقة كان الشيخ حمدي الزامل هو القارىء الأول والأخير لهذه القرية إلى أن ظهر الفتى الموهوب الشيخ الشحات على حد تعبير أهل القرية فتقاسم النصيب من الحب مع الشيخ حمدي وتفوق بذكائه فتملك القلوب وحدث أن توفي اثنان من أهل القرية في يوم واحد بينهما ساعات.. فالذي توفي أولا ارتبط أهله مع الشيخ الشحات والثاني مع الشيخ حمدي الزامل وكان الشيخ الزامل وقتها مخضرم وقديم من حيث الشهرة وكان سنه 47 سنة والشيخ الشحات كان سنه 28 سنة والأول إذاعي والثاني غير إذاعي في زهرة شبابه ولكنه أظهر موقفاً لن ينسى حكّم عقله رغم أن القرية يومها كانت بمثابة مقر لمؤتمر عالمي كبير جاءتها الوفود من كل مكان لتستمع إلى قطبين في مجال التلاوة ولكن الشيخ الشحات كان حكيماً فالسرادقان متجاوران والصوت يدخل إليهما بسهولة فلم يستخدم الشيخ الشحات قوة صوته وصغر سنه ليجهد الشيخ حمدي لكنه كان يكتفي بأن يقرأ عندما يصدّق الشيخ حمدي الزامل تقديراً للزمالة وحفاظاًَ على جلال القرآن واحتراماً للموقف العظيم . الإلتحاق بالإذاعة : كان لا بد لهذا الفتى المتألق دائماً الذي كان يتدفق القرآن من حنجرته كجدول الماء الجاري العذب أن يشق طريقه نحو الإذاعة, ولأن شهرته سبقت سنه بكثير وجّه إليه رئيس مركز مدينة ميت غمر في السبعينات المستشار حسن الحفناوي دعوة في إحدى المناسبات الدينية التي كان سيحضرها المرحوم د. كامل البوهي أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم وذلك عام 1975 – 1976م يقول الشيخ الشحات : (( ... وكان لي صديق موظف بمجلس مدينة ميت غمر فقال لي رئيس المركز يدعوك لافتتاح احتفال ديني سيحضره كبار المسئولين ورئيس إذاعة القرآن والحفل سيقام بمسجد الزنفلي بمدينة ميت غمر فقبلت الدعوة وذهبت لافتتاح الحفل وسمعني المرحوم د. البوهي وقال لي لماذا لم تتقدم لتكون قارئاً بالإذاعة وأنت صاحب مثل هذه الموهبة والإمكانات وشجعني على الإلتحاق بالإذاعة فتقدمت بطلب وجائني خطاب للإختبار عام 1976م ولكن اللجنة رغم شدة إعجاب أعضائها بأدائي قالوا لي أنت محتاج إلى مهلة لدارسة التلوين النغمي فسألت الأستاذ محمود كامل والأستاذ أحمد صدقي عن كيفية الدراسة فدلني الأستاذ محمود كامل على الإلتحاق بالمعهد الحر للموسيقى فالتحقت به ودرست لمدة عامين حتى صرت متمكناً من كل المقامات الموسيقية بكفاءة عالية. وفي عام 1979م تقدمت بطلب.. للإختبار مرة ثانية أمام لجنة اختبار القراء بالإذاعة.. طلب مني أحد أعضاء اللجنة أن أقرأ 10 دقائق أنتقل خلالها من مقام إلى مقام آخر مع الحفاظ على الأحكام ومخارج الألفاظ والتجويد والإلتزام في كل شيء خاصة التلوين النغمي وبعدها أثنى أعضاء اللجنة على أدائي وقدموا لي بعض النصائح التي بها أحافظ على صوتي وانهالت عليّ عبارات الثناء والتهاني من الأعضاء وتم اعتمادي كقارىء بالإذاعة عام 1979م. وتم تحديد موعد لي لتسجيل بعض التلاوات القصيرة حتى تذاع على موجات إذاعة القرآن الكريم بالإضافة إلى الأذان وعدة تلاوات منها خمس دقائق وعشر دقائق وخمس عشرة دقيقة وبعد اعتمادي كقارىء بالإذاعة بحوالي شهر فقط كنت موجوداً باستوديو ((41)) إذاعة للتسجيل يوم 16/12/1979م اتصل بي الأستاذ أحمد الملاح المسئول عن الإذاعات الخارجية والتخطيط الديني آنذاك وقال لي: أنت جاهز لقراءة قرآن الفجر لأن القارىء اعتذر لظروف خاصة؟ فقلت طبعاً أنا جاهز وكانت مفاجاة لي وفرحتي لا توصف فاسرعت إلى القرية وقطعت المسافة بين ميت غمر والقاهرة في أقل من ساعة لكي أخبر الأسرة وأهل القرية بأنني سأقرأ الفجر الليلة فعمّت الفرحة أرجاء القرية ولم ينم أحد من أبناء قريتي حتى قرأت الفجر وعدت فوجدت مئات من المحبين والأهل والأقارب والأصدقاء في انتظاري لتهنئتي ليس على قراءة الفجر على الهواء فحسب وإنما على التوفيق كذلك لأن الله وفقني جداّ وبعدها جاءتني وفود من جميع محافظات مصر لتهنئتي لأنني كنت مشهوراً جداً في جميع المحافظات قبل الإلتحاق بالإذاعة وكانت دائرة علاقاتي كبيرة على مستوى الجمهورية. نجح الشيخ الشحات في الاستقلال بنفسه وجعل له مدرسة في فن التلاوة وحسن الأداء. وأصبح يوم 16/12/1979م يوماً لا ينسى في حياة الشيخ الشحات وفي ذكريات عشاق صوته وفن أدائه إذ كان اليوم التاريخي الذي وصل فيه صوته إلى كل أقطار الدنيا عن طريق الإذاعة أثناء قراءة قرآن الفجر على الهواء, وبعد ذلك اليوم أصبح الشيخ الشحات حديث الناس جميعاً وخاصة مشاهير القراء .. وذات يوم قابله المرحوم الشيخ محمود علي البنا وهنأه على حسن أدائه وجمال صوته ونصحه بالحفاظ صوته لأنه سيكون أحد مشاهير القراء البارزين .. وقبل وفاته بأيام قال الشيخ البنا للأستاذ عصمت الهواري وهو يسمعه في قراءة الجمعة على الهواء: (( الشيخ الشحات سيكون من أعلام مصر في التلاوة )). في الفترة من 1980م إلى 1984م تربع الشيخ الشحات على الساحة مع أعلام القراء واستطاع أن يحقق إنجازاً كبيراً وشهرة واسعة في فترة عزّ فيها العمالقة واختلطت فيها الأمور وماجت الساحة بكثير من الأصوات القرآنية التي تشابهت واختلطت لدرجة أن السامع تاه وفكر في الإنصراف إلى كل ما هو قديم. كان قرآن الفجر عبر موجات الإذاعة هو البوابة الرئيسية التي دخل منها الشيخ الشحات إلى قلوب الملايين من المستمعين بلا اقتحام وبلا تسلق ساعده على ذلك بقاؤه بمصر خلال شهر رمضان لمدة خمس سنوات بعد التحاقه بالإذاعة ولأن قرآن الفجر آنذاك كان مسموعاً جداً لأن شهر رمضان كان يأتي في فصل الصيف خلال تلك الفترة وكان الناس جميعاً يسهرون حتى مطلع الفجر, نجد أن هذا كان عاملاً مهماً من العوامل التي ساعدت الشيخ الشحات على الانتشار والشهرة التي كان مقابلها جهد وعرق وكفاح والتزام من جانب الشيخ الشحات. وكان هذا القارىء الموهوب يقرأ أربع مرات في شهر رمضان على الهواء في الفجر وأربع مرات في سرادق قصر عابدين بانتظام مما جعل جماهيره وعشاق صوته يتوافدون من كل المحافظات ليستمعوا إليه ثقة منهم في قدراته وإمكاناته التي تمكنه وتساعده على إشباع شوقهم بما لا يقل عن ثلاثين جواباً أثناء التلاوة الواحدة وأحيانا يصل جواب الجواب إلى أكثر من عشر مرات باتقان وتجديد والتزام شهد به المتخصصون في علوم القرآن. في عام 1984م قرأ الشيخ الشحات في الفجر : أول (( غافر )) ثم قرأ في الفجر الذي يليه بعد أسبوع من سورة (( فاطر )) { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } ووفق لدرجة جعلت شهرته تزداد أضعافاً مضاعفة على المستويين المحلي والعالمي .. وخاصة تلاوة سورة فاطر التي لما سمعها الشيخ فرج الله الشاذلي وهو يمشي في مدينة إيتاي البارود يجري في الشارع مسرعاً ليتمكن من تسجيل بقيتها (( وهذا ما قاله الشيخ فرج الله للشيخ الشحات )) .. وهذه شهادة من قارىء عالم لقارىء موهوب .. وهكذا فرض الشيخ الشحات موهبته على الساحة ليكون أحد القراء الموهوبين الذين دوّن التاريخ أسماءهم على صفحة المشاهير. وكان أهم ما يميز الشيخ الشحات في تلك الفترة, الحيوية .. والرشاقة في الأداء والقدرة على التلوين أسفر ذلك كله عن أكثر من ثلاثمائة قارىء بمحافظات مصر يدعون إلى مآتم ومناسبات كبرى لأنهم يقلدون هذا القارىء الموهوب. مدرسة الشيخ الشحات: أشهرهم على سبيل المثال. القارىء الشيخ ناصر الزيات, والشيخ (( شعبان الحداد )) والشيخ عبداللطيف وهدان (( بكفر طنبول القديم )) السنبلاوين , والشيخ محمود بدران بالشرقية, والشيخ إسماعيل الطنطاوي المنصورة والشيخ ((محمد المريجي )) حدائق القبة والمحامي (( علاء الدين أحمد علي )) شبرا الخيمة وغيرهم من القراء الذين يقدر عددهم بحوالي ألف قارىء بمصر والدول الأخرى الذين قلدوا طريقته بخلاف ما لا يقل عن خمسة من قراء الإذاعة يأخذون كثيراً من (( النغم )) الذي ابتكره هذا القارىء الموهوب.. وأقرب الأصوات إلى خامة صوت الشيخ الشحات صوت نجله (( أنور الشحات )) الذي حباه الله صوتاً جميلاً وأداءً , قوياً متأثراً بأبيه الذي دائماً يقدم له النصائح الغالية.. أهمها تقوى الله في القراءة.. ولقد ظهرت موهبته جلية واضحة عندما قرأ في احتفال المولد النبي الشريف (ص) عام 1994م بالإسكندرية وكرّمه السيد الرئيس محمد حسني مبارك. والذي يشغل القارىء الصغير أنور الشحات عن التلاوة في الحفلات.. حرصه الشديد على التركيز في دراسته بجامعة الأزهر الشريف .. ويلي أنور في التلاوة الجيدة أخوه محمد الشحات والذي يتمنى أن يكون داعية – وإن كان يحتاج إلى التدريب على مواجهة الجمهور .. وأما محمود فصوته أكثر جمالاً إلا أنه يشعر بأنه صغير جداً ولكن والده يقول له دائماً : (( يا شيخ محمود كلنا كنا أصغر منك سناّ وبكره الصغير يكبر يا بني .. )) ودائماً يوجه الشيخ الشحات النصائح إلى أبنائه بالمحافظة على القرآن ليشار إلى العائلة بأنها عائلة قرآنية .. ولكنه يعطي الحرية الكاملة لبناته في الحفظ مما يساعدهم على المنافسة فيما بينهم .. فالكبرى نجلاء الشحات تحفظ أكثر من نصف القرآن .. وهي حاصلة على بكالوريوس زراعة وهي متزوجة من (( د. هاني الدّوّه )) . بكلية الزراعة جامعة الزقازيق. وأمينة التي تدرس بكلية التجارة جامعة الأزهر وحسنات بالثانوية وكريمة وأسماء وضحى يحفظن ما تيسر من القرآن الكريم .. ما شاء الله. السفر إلى دول العالم : وللشيخ الشحات كثير من المجبين بصوته وأدائه في كل محافظات مصر, أشهرهم الرابطة التي كونها الحاج مصطفى غباشي بمحافظة الغربية. وبعد ذلك كله كان لا بد من نقلة إلى آفاق عالية في عالم التلاوة تنبأ الناس له بمستقبل أكبر مما هو فيه, ولأنه يتمتع بذكاء وطموح ودبلوماسية في المعاملة استطاع أن يرتل القرآن ويفتح باباً لجملة من القراء ليرتلوا القرآن فأصبحوا كالمسبحة في عالم الترتيل. بعد ما بنى الشيخ الشحات قاعدة شهرته العريضة اطمأن على أساسها المتين أراد أن ينطلق ليتم البناء ويشيده بالإنتشار والبحث عن المزيد من المجد والتاريخ في كل قارات الدنيا فلم يترك قارة إلا وذهب إليها قارئاً في شهر رمضان منذ 1985م وحتى عام 1996م فكان يسافر مرات مكلفاً ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف المصرية ومرات بدعوات خاصة .. فتعلق به الملايين من محبي سماع القرآن خارج مصر المستمعين بالمركز الإسلامي بلندن ولوس أنجلوس والأرجنتين واسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثير من دول آسيا وخاصة إيران. وعلىحد قوله لم يبغ من وراء كل هذه الأسفار إلا وجه الله وإسعاد المسلمين بسماع كتاب الله العظيم . | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:42 | |
| الشيخ حمدي الزامل ولادته : ولد القارىء الشيخ حمدي محمود الزامل يوم 22/12/1929م بقرية منية محلة دمنه مركز المنصورة بمحافظة المنصورة .. وتوفي يوم 12/5/1982م. حفظ القرآن الكريم بكتّاب القرية قبل سن العاشرة تلقياً من فم خاله المرحوم الشيخ مصطفى إبراهيم , وجوده على شيخه المرحوم الشيخ عوف بحبح .. بنفس القرية .. بالكتاب ظهرت علامات الموهبة لدى الفتى الموهوب حمدي الذي لفت إليه الأنظار لجمال صوته وقوة أدائه وهو طفل صغير فأطلق عليه أهل القرية وزملاء الكتّاب لقب ((الشيخ الصغير)) وكان ملتزماً بالمواظبة على الحفظ مطيعاً لشيخه الذي أولاه رعاية واهتماماً ليعده إعداداً متقناً لأن يكون قارئاً للقرآن له صيته وشهرته .. كان لهذا الاهتمام الدور الكبير في تشجيع الفتى القرآني حمدي الزامل على الإقبال على الحفظ عن حب ورغبة, فرضت الأسرة رقابة شديدة على الشيخ الصغير حمدي الزامل وأحاطوه بالحب والتقدير وأدخلوا على نفسه الثقة بجلوسهم أمامه يستمعون إليه وكأنه قارىء كبير, فزادوه ثقة بنفسه ليصبح حديث أهل القريتين التوأم اللتين يفصلهما بحر صغير يفصل بينهما من حيث الحدود فقط ولكنه بمثابة حبل الوريد الذي يغذي الجسد الواحد.. كان لنشأته بمنطقة تجارية سميت بمنطقة (( بلاد البحر)) الأثر الكبير في تعلقه بأن يكون قارئاً مشهوراً وصييتاً كبيراً مثل مشاهير القراء الذين تنافسوا فيما بينهم من خلال المآتم الخاصة بالعائلات الكبرى في منطقة بلاد البحر أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي والشيخ عبدالعظيم زاهر والشيخ أبوالعينين شعيشع وغيرهم من قراء الرعيل الأول بالإذاعة .. كان القارىء الموهوب حمدي الزامل حريصاً منذ طفولته على حضور هذه السهرات فاستفاد بقوة من هذه المواقف وخاصة تعلقه وطموحه بأن يكون مثلهم في يوم من الأيام .. بدأ والده يشعر بأن مجد العائلة وعزًها سيرتبط بمستقبل ابنه حمدي الذي بدأ يقلد مشاهير القراء أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي ساعده على ذلك تمكنه من حفظ القرآن وجمال صوته وقوته بمساحاته التي أهلته لأن يكون قارئاً له وزنه وثقله بين القراء .. أشار أحد أقاربه على والده بأن يرسل ابنه حمدي إلى الزقازيق ليلتحق بالمعهد الديني الأزهري ما دام قد حفظ القرآن كاملاً في سن مبكرة حتى يكون أحد رجال الدين البارزين أصحاب المكانة المرموقة داخل نطاق المجتمع الريفي .. لم يتردد الوالد في قبول هذه النصيحة فألحق ابنه بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري فاستقبله شيخ المعهد بحفاوة وطلب منه أن يتلو عليه بعض آي القرآن ليتعرف على مدى حفظه فاكتشف أنه صييت صغير ينتظره شأن كبير ولم يصدق شيخ المعهد أذناه ولا عيناه بالمفاجأة التي جعلته يقول للفتى الموهوب ابن العاشرة (( تاني يا شيخ حمدي )) ربنا يفتح عليك )) وظل الشيخ يستمع لصاحب الصوت الجميل والأداء القوي الموزون المحكم , فقبّله ودعا له بالتوفيق وأوصى به أباه وأخبره بأن هذا الابن يعتبر ثروة لا تعادلها ثروة وسيكون له شأن كبير بين أهل القرآن وقرائه .. قضى الفتى القرآني حمدي محمود الزامل المرحلة الابتدائية الأزهرية بمعهد الزقازيق محمولاً داخل قلوب المشايخ والزملاء وبأعينهم لأنه كان يتلو ما تيسر من القرآن صباح كل يوم يفتتح اليوم الدراسي بخير الكلام بالقرآن الكريم . بعد حصوله على الابتدائيه الأزهرية ظهرت كل إمكاناته التي مكنته من تلاوة القرآن بطريقة لا تقل عن أداء كبار القراء فتدخل شيخه عوف بحبح لدى والده وأشار عليه بتفرغ الشيخ حمدي لتجويد القرآن في هذه المرحلة حتى ينطلق كقارىء ما دامت الموهبة موجودة والإمكانات تفوق سنه .. وافق الوالد مباشرة لأنه يتطلع إلى مجد يستطيع أن يرفع رأسه بين كبار العائلات بالقريتين المتجاورتين اللتين تشهدان منافسات بين العائلات .. لقد جاء اليوم الذي يستطيع فيه الحاج محمود أن يقول لهم : إذا كان التنافس بينكم في أحد طرفي الزينة الدنيوية وهو المال فإن الله وهبني طرفي زينة الحياة الدنيا من من خلال موهبة الشيخ حمدي .. وهذا ما جعل الحاج محمود يوافق على فكرة الشيخ عوف بحبح الذي سيتولى تجويد القرآن للشيخ حمدي الذي تلقى أحكام التجويد وعلوم القرآن من فمه مباشرة عن حب ورغبة شديدة في التمكن من تلاوة القرآن .. لما بلغ الشيخ حمدي الثانية عشرة من عمره ذاع صيته بمنطقة البحر كما أطلق عليها – فانهالت عليه الدعوات من هذه البلاد بداية من (( شها )) وصولاً إلى المنزلة التي اشتهر بها قبل بلوغه الخامسة عشرة وأثنى عليه الشيخ توفيق عبدالعزيز وبشّره بعلو منزلة بين قراء القرآن المشاهير لأن الشيخ توفيق رحمه الله كان من العلماء المتخصصين في علوم القرآن وهو والد الإذاعية القديرة فضيلة توفيق وكانت شهادة الشيخ توفيق بمثابة وسام على صدر الشيخ حمدي الذي دخل قلوب الناس واصبح قارءهم المفضل صاحب الصوت العذب الفريد المصّور لمعاني القرآن أبلغ ما يكون التصوير . القارىء الموهوب : منذ عام 1944م وحتى وفاته عام 1982م قضى الشيخ حمدي ما يقرب من أربعين عاماً تالياً آي الذكر الحكيم بقوة وكفاءة عالية, فاستطاع بجدارة, أن يحصل على لقب (( كروان الدقهلية )) لأنه كان القارىء المفضل لجميع محافظات الدقهلية والمحافظات المجاورة لها .. بحق الجوار كان يوافق على قبول الدعوات من محافظة دمياط والشرقية لأنه كان قبولاً على حساب رفض .. حيث كان يطلب في اليوم لأكثر من سهرة فيأخذ الأولى أو التي تخص أصدقاءه وأقاربه الموجودين في أكثر من مكان بالدقهلية .. عشق الآلاف من السميعة المحترفين فن أداء وتلاوة الشيخ حمدي صاحب الصوت القوي الرخيم الخاشع المعبر وإمكاناته في التلاوة التي تهز المشاعر وتحرق الوجدان وتوقظ القلوب .. منحه الله مزماراً صوتياً من مزامير آل داود تجلت هذه القدرة وهذه العذوبة في أدائه بأنغام تحملها أوتار صوتية معدة ومجهزة تجهيزاً ربانياً تجعل السامع ينفعل بقلبه ومشارعه وأحاسيسه مع كل حرف يتلوه ولكل نغمة يؤديها ببراعة الإنتقال من مقام إلى مقام. تجده أنه قارىء فريد متميز متمكن, كان يقرأ اصعب قبل السهل لتمكنه من الحفظ والتجويد وشهد له بذلك الشيخ مصطفى وإسماعيل . وكانت براعة وإمكانات الشيخ حمدي تظهر فريدة من خلال تمهيده للتصديق في كلمة واحدة وهي آخر كلمة في التلاوة وكان يعطي السامع كل ألوان وإحساسات التمهيد في كلمة أو كلمتين بمهارة وتمكن لا ينافسه فيه أحد. مكانته بين الناس : ظل الشيخ حمدي الزامل ما يقرب من عشرين عاماً القارىء المفضل لدى معظم قرى ومدن الدقهلية مع أمثاله من مشاهير القراء مما شغله عن الالتحاق بالإذاعة مبكراً .. واستمر هذا الانشغال بحب الناس له مع دخوله الإذاعة فلم يتمكن من الحصول على حقه كاملاً لأنه كان يعرف قدر نفسه تماماً وكان دائماً يضع إشباع رغبة عشاق فن أدائه فوق كل رغباته لأنه كان يعتبر المجد والعز والجاه والشهرة في تلاوة القرآن لا في الأضواء القاتلة التي لما أراد أن يسعى إليها على استحياء بضغط من أحبابه وجمهوره كانت سبباً في إسدال الستار عن موهبة قلما يجود الزمان بمثلها اسمها (( حمدي الزامل )) عاش حياته صديقاً لكل الناس فلم تخل قرية ولا مدينة في الوجه البحري من أكثر من صديق له مما وثّق الصلة بينه وبين آلاف المحبين له قارئاً وإنساناً .. دفع هذا الحب بعض العائلات إلى تأخير السهرة لأن الشيخ حمدي مرتبط .. ومن هؤلاء المقربين ابنه عمه أحد رجال الدين وحفظة القرآن المرحوم الشيخ فتحي الزامل وكذلك الحاج سيد سويلم عضو مجلس الشعب وعائلة سويلم بقرية برمبال مركز المنصورة والأستاذ محمود أمان بمحلة زيّاد مركز المحلة الكبرى. احترامه الشديد للزميل واهتمامه بمظهره ومواعيده بالإضافة إلى تعلق الآلاف به كقارىء وصييت له مكانته بين مشاهير القراء. وضيف الشيخ أحمد أبوزيد القارىء والمبتهل الإذاعي الشهير حتى قبل دخوله الإذاعة .. كان أجره مثل أجر الشيخ مصطفى والشيخ البنا والشيخ عبدالباسط .. وأحياناً يدعى لمآتم ويرد نصف ما حصل عليه لأنه يجد أن أسرة المتوفى لا يتناسب ما دفعوه مع دخلهم. الزامل ومصطفى إسماعيل : كانت بداية معرفة الشيخ مصطفى إسماعيل بالشيخ حمدي الزامل .. عام 1966م عندما كان الشيخ حمدي يقرأ مأتم بقرية شها مركز المنصورة وكان السرادق على الطريق وأثناء مرور الشيخ مصطفى على (( الصوان )) متجها إلى جهة المنزلة ليقرأ مأتم فقال للسائق انتظر لحظة وسمع الشيخ حمدي فسأل عنه فقيل له إنه الشيخ حمدي الزامل فأعجب بالصوت والأداء .. ومن هذه اللحظة بدأ الشيخ مصطفى يثني على الشيخ حمدي حتى قرأ معه في مأتم واحد. وكان القادم من مشاهير قراء الإذاعة إلى أي مكان بالدقهلية يعلم جيداً أن الشيخ حمدي مشغول وإلا كان هو البديل .. ولكن قليلاً جداً ونادراً ما كان يدعى قارىء مع الشيخ حمدي بسهرة واحدة ولكن الشيخ مصطفى إسماعيل الذي كان أشد المعجبين بالشيخ حمدي وذكاه أكثر من مرة واعترف به كأحد الموهوبين المتمكنين في تلاوة القرآن الكريم .. كثيراً ما التقى والشيخ الزامل الذي لفت الأنظار إليه بشدة في وجود الشيخ مصطفى الذي قال: (( المستقبل للمجيدين أمثال الشيخ حمدي )) ويقول الشيخ عبده الدسوقي وهو من حفظة القرآن الكريم بالمنصورة : (( نظراً لخبرتي الطويلة مع مشاهير القراء منذ عصر الشيخ مصطفى إسماعيل والشعشاعي والبنا وعبدالباسط وشعيشع وغيرهم سنحت لي أكثر من فرصة لأن أحضر منافسات ضارية بين فحول القراء .. وفجأة ظهر بينهم أحد العمالقة الموهوبين أصحاب الوزن والصيت المتين وهو الشيخ حمدي الزامل وحدث أن توفي أحد كبار الشخصيات بمدينة المنصورة وكان المأتم مهولاً والسرادق يمتد لأكثر من نصف كيلو متر أمام دار ابن لقمان مطلاً على البحر الصغير بالمنصورة وكان الشيخ مصطفى إسماعيل مدعواً لإحياء هذا المأتم في صيف عام 1960م – ولم يعلم الشيخ مصطفى بوجود قارىء معه بالسهرة ولكنه حضر متأخراً .. ولما دخل (( الصوان )) وجد الشيخ حمدي الزامل جالساً فسلّم عليه وقال له : (( هو أنت هنا يا شيخ حمدي !! )) أنت مدعو معي الليلة ؟ فقال له نعم يا عم الشيخ مصطفى فقال الشيخ مصطفى : (( أقسم بالله ما أقرأ إلا بعد ما أسمعك وأصر الشيخ مصطفى على ذلك وصعد الشيخ حمدي كرسي القراءة وقرأ قرآناً كأنه من الجنة وكلما أراد أن يصدق يقسم الشيخ مصطفى بأنه لن يصدق إلأ إذا قال له الشيخ مصطفى وامتدت التلاوة لأكثر من ساعة ونصف وكانت ليلة من ليالي القرآن واستمرت إلى ما قبل الفجر بقليل . الزامل وعبدالباسط عام 1970م : يقول الشيخ أحمد أبوزيد القارىء والمبتهل الإذاعي وابن القارىء الإذاعي المرحوم الشيخ حسين أبوزيد والذي قرأ مع الشيخ حمدي بالمنصورة أكثر من مرة : (( الشيخ حمدي الزامل كان أسطورة لن ينساه محبوه وعشاق فن أدائه أبداً سواء الذي عاصروه أو الذي يستمعون إلى تسجيلاته .. وقد حضرته عشرات المرات بعضها كقارىء ومعظمها كمستمع فعرفت قدره عند الناس ومدى كفاءة هذا القارىء الموهوب المميز الفريد وخاصة عندما دعي الشيخ عبدالباسط لإحياء مأتم أمام جمعية الشبان المسلمين بالمنصورة . بدار مناسبات مسجد النصر .. ودخل الشيخ عبدالباسط وسط آلاف المعزين الذي امتد بهم المجلس إلى خارج المكان .. فوجد الشيخ حمدي الزامل يقرأ, فقال الشيخ عبدالباسط لصاحب السهرة هو أنت دعوتني بمفردي أم معي الشيخ حمدي ؟ فقال للشيخ عبدالباسط الشيخ حمدي مدعو كذلك فقال له الشيخ عبدالباسط بكل تواضع أهل القرآن في وجود الشيخ حمدي يجب ألا يقرأ أحد لأنه يقدم كل فنون تلاوة القرآن السليم بصوت وطريقة عظيمة وجلس الشيخ عبدالباسط حتى ختم الشيخ حمدي وتعانق الإثنان وجلسا معاً دقائق بعدها صعد الشيخ عبدالباسط ليقرأ والمعزون كل في مكانه لم يتحرك أحد منهم بل تضاعف عددهم ليستمعوا إلى الشيخ عبدالباسط وبعد 15 دقيقة صدق الشيخ عبدالباسط وقال للشيخ حمدي اقرأ يا شيخ حمدي لأنني في اشتياق إلى سماعك لما سمعته عنك من الشيخ مصطفى إسماعيل. الإذاعة والتليفزيون : يعتبر الشيخ حمدي الزامل من القراء القلائل الذين اعتمدوا بالإذاعة والتليفزيون في آن واحد .. ولكفاءته قرأ الجمعة بالتليفزيون وأذيعت تسجيلاته في دوره مع المشاهير مع بداية ونهاية إرسال التليفزيون حتى وفاته .. وقرأ جميع الاحتفالات والمناسبات على الهواء بالإذاعة ليصبح في فترة قصيرة من القراء المشاهير على مستوى العالم عن طريق الإذاعة, ولكنه لم يأخذ حقه كاملاً من التسجيلات نظراً لأمور شخصية جعلت ملايين الناس يتساءلون عن السبب في ذلك ولم يكن هناك شيء إلا اختلاف شخصي بينه وبين المسئولين عن الإنتاج الديني آنذاك ورحل الجميع القارىء والمسئولون عن ندرة تسجيلاته تاركين ملايين المستمعين عبر الأجيال يتساءلون : أين حظ هذا القارىء من الرصيد القرآني والتلاوات النادرة .. ألم يصل رصيده إلى الربع من الرصيد الذي تركه تلاميذه وتابعوهم من قراء العصر الحديث ؟ ! . الزامل وقرآن الفجر : ظل الشيخ حمدي يتلو قرآن الفجر مرة كل عشرين يوماً طوال ست سنوات على الهواء مباشرة .. يؤدي أعلى وأبرع ما يكون فن الأداء والتلاوة بتميز وإبداع وتمكن وثقة .. كان يعرف لمكانته حقها ومنزلتها بين القراء وكان يقدر جمهوره وعشاق فن أدائه فلم يتكاسل مرة واحدة في أدائه بقوة إلا إذا مرض فيمتنع عن القراءة ويعتذر لأنه لم يعود نفسه ولا محبيه على أداء وسط, وكان يشعر بأنه لا بد أن يكون مميزاً بين القراء وخاصة في الحفلات الخارجية والفجر وكانت له بداية تميزه فيقول : (( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم )) ولشدة تميز صوته وطريقة أدائه كان يميزه عشاق صوته وفنه بصدى صوته الذي كان يداعب نسيم الهواء فجراً في غسق الليل فيتجاوب معه ما بين السموات والأرض من مخلوقات والملائكة الحافين حول العرش وما في قاع البحر وعلى أوراق الشجر وخفي تحت جذوع الشجر وتلألأ في ضوء القمر والرمال والجبال والحجر والطير وقت السحر كل قد علم صلاته وتسبيحه .. إنها لحظات تجلٍ من السماء على قارىء يتلو كلام ربه من صفوة خلقه وعباده أورثهم تلاوة وحفظ كتابه .. كان الشيخ حمدي أثناء تلاوته الآيات والذكر الحكيم . والذي فضّل تلاوة القرآن في مصر التي تربى على أرضها ونهل من علمها وخيرها فاعتذر عن عدم تلبيته لكثير من الدعوات التي تدفقت عليه خاصة وتكليفاً مكتفياً بالسفر إلى أطهر البقاع لأداء فريضة الحج ولم يفكر في ترك أهله وعشاق صوته والاستماع إليه ولو مرة واحدة في رمضان معترفاً بدور زملائه القراء الذين يلبون الدعوات ويسافرون إلى معظم دول العالم وما يستحقونه من تقدير جزاء ما يقومون به من عطاء قرآني لجميع المسلمين في كل مكان. تراثه القرآني : لقد جند الله بعض المحبين لهذا القارىء الموهوب ليقوموا بالبحث عن تسجيلاته المتناثرة في كل مكان معلوم وغير معلوم .. منهم : الحاج طلعت البسيوني وهو من قرية (( مينة محلة دمنه )) بلدة الشيخ حمدي والذي طاف معظم قرى ومدن الوجه البحري بحثاً عن تسجيل للشيخ حمدى مهما يكلفه من جهد ووقت ومال فتمكن من الحصول على عشرات التسجيلات من روائع ما تلى الشيخ حمدي الزامل. وكذلك فعل عادل أبو المعاطي وهو من قرية (( محلة دمنه )) توأم قرية الشيخ حمدي – وقد استطاع أن يحصل على كثير من التسجيلات النادرة للشيخ حمدي فكونا مكتبة بها أكثر من مائتي تلاوة نادرة للشيخ حمدي الزامل وإن كان بعضها متوسط الجودة من حيث طريقة التسجيل ولكن جمال الأداء وعذوبة الصوت يعوض هذا الجانب. المرض والرحيل : عاش الشيخ حمدي أكثر من عشرين عاماً يصارع مرض السكر اللعين الذي يؤثر على نفسية القارىء ولكنه كان شديد المحافظة على نفسه حتى لا يزيد عليه السكر إلى أن جاء اليوم الذي كان سبباً في إسدال الستار على موهبة هذا القارىء الكبير جاءت غيبوبة السكر بقوة لتحمل الشيخ حمدي وما معه من قرآن وفن إلى حجرة بمستشفى المقاولون العرب بالقاهرة بصحبة ابن عمته (( الاستاذ إبراهيم سلامه )) وابن أخته (( طلعت محمد عبدالجواد )) لمدة أسبوع تدهورت فيه حالته الصحية حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وفي يوم 12/5/1982م حملت الملائكة روحه على كتاب الله لتضعها في مكانها حيث أمرهم الله بين ما رحل من أهل القرآن متكئاً مرتقياً على الآرائك يقرأ ويرتل كما كان يرتل في الدنيا .. فهذه هي منزل صاحب القرآن, كما ورد عن النبي (ص). مدرسة الشيخ حمدي الزامل : يعتبر الشيخ حمدي الزامل صاحب طريقة فريدة مميزة ولون مقبول لدى ملايين المستمعين المهتمين بمتابعة مشاهير القراء .. فاستحق أن يكون صاحب مدرسة التحق بها كثير من القراء الذين تأثروا به من حيث طريقة الأداء نقلاً عنه. أشهر هؤلاء القراء : القارىء الشيخ محمد سيد ضيف الذي استطاع أن يصل إلى قلوب الناس من خلال شدة تأثره بالشيخ الزامل أما القارىء الشيخ محمد الحسيني الذي ارتبط بالشيخ حمدي نظراً للقرابة والجوار لأنه من نفس القرية – استطاع أن يتقن طريقة الشيخ حمدي لدرجة مكنته من تقمص طريقة الشيخ حمدي وخاصة في مواضع معينة من القرآن يصعب على السامع تحديد شخصية القارىء أهو الحسيني أم هو الزامل وصنع الشيخ الحسيني شهرة امتدت إلى معظم قرى محافظة الدقهلية بسبب إتقانه لطريقة الشيخ الزامل ولكن القوة والإمكانات التي وهبها الله للشيخ الزامل وقوة أحباله الصوتية جعلت الشيخ الحسيني يجهد نفسه تماماً ويضغط على حنجرته لتضاهي حنجرة الزامل فأصيبتا اللوزتان بالتهابات مستمرة أجبرت الشيخ الحسيني على عمل جراحة استئصال في الكبر فلم يستطع العودة إلى القراءة مرة أخرى فاكتفى بما حققه من شهرة ولزم بيته يسمع نفسه عبر بعض التسجيلات التي تذكره بنفسه والشيخ الزامل. وهناك كثير من القراء الذين ساروا على طريقة الشيخ الزامل أشهرهم الشيخ حسن البرعي (( القباب الصغرى )) مركز دكرنس – والشيخ السبع (( بلقاس )) والشيخ أحمد شعبان (( محلة دمنه )) الشيخ وصفي (( تمي الأمديد )) والشيخ كرم عبدالجيّد. الوفاة وتشييع الجنازة : لم يصدق الآلاف من مستمعي الشيخ حمدي ومحبيه أن الصوت قد سكت والجسد سيوارى بعد لحظات والتاريخ القرآني لقارئهم قد أسدل ستاره ونهار شبابه قد ذهب في لمح البصر . فتجمعوا حول منزله استعداداً لتكريم جثمانه ولكنهم لم يتمكنوا لا لأنه رحل وإنما لأنهم وجدوا وفوداً من البشر غطت أرض الواقع على اختلاف أنواعهم وأعمارهم بنات وأطفال فتيات وشباباً نساءًُ ورجالاً شيباً وولداً بالآلاف جاءوا ينتحبون محتشدين فلم يستوعبهم المكان فامتد طوفان البشر إلى الحقول المجاورة وبصعوبة بالغة شيعوا الجثمان ليتقدمهم ثلاثة من المحافظين للدقهلية ودمياط والغربية ومديروا الأمن وقوة من الأمن المركزي ووفود من المحافظات المجاورة يتقدمهم اللواء سعد الشربيني محافظ الدقهلية آنذاك والذي كان صديقاً للشيخ حمدي الزامل. والكل يردد بلا انقطاع (( الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر )) حتى وصلوا به إلى مثواه الأخير ليعودوا حيث المكان المقام به سرادق العزاء في مساحة لا تقل عن فدان أو يزيد الكل يعزي نفسه لأنه كان لهم جميعاً بمثابة الغذاء الروحي الذي طالما رد إلى كل نفس شوقها بمتعة روحية مستمدة من عظمة كلام الله .. ومن يومها وحتى الآن وكلهم في انتظار تكريم اسم هذا القارىء العظيم باطلاقه على أحد شوارع مدينة المنصورة ليعلم الجميع أن تكريم أهل القرآن ماهو إلا تكريم لهم جميعاً . الأسرة : تعتبر عائلة الزامل من العائلات الكبرى بقرية (( منية محلة دمنة )) لما لها من مكانة مرموقة وخاصة بعد الشهرة الواسعة التي حققها الشيخ حمدي كواحد من أشهر القراء الذي بروزا على الساحة القرآنية, وكان قريباً جداً من أخيه محمود عزمي محمود الزامل (( أسم مركّب )) والذي يعمل أستاذاً للإقتصاد بكلية التجارة جامعة مانشستر بإنجلترا منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً .. وكانت أخته الشقيقة المرحومة الحاجة سعاد محمود الزامل تعتبر بالنسبة له (( أم أخيها )) لبرها الشديد به والذي كان يصل إلى أنها كانت تنتظر عودته من السهرة ولا تنام حتى مطلع الفجر لتطمئن عليه وإذا سافر إلى القاهرة ليتلو قرآن الفجر عبر موجات الإذاعة .. كانت تظل يقظانة لا يجرؤ النوم على الإقتراب من عينيها حتى تسمعه عبر موجات (( الراديو )) وتظل كذلك حتى يعود إلى البيت .. ولهذا الحب الخالص وهذا البر النقي أصرت الحاجة سعاد على أن تزوج أحد أبنائها (( المحاسب حمدي محمد عبدالجواد )) من ابنة أخيها الشيخ حمدي (( نهلة حمدي محموج الزامل )) حتى تضمن مزيداً من البر وصلة الرحم , وخاصة بعد رحيل زهرة الأسرة الشيخ حمدي, حتى يكون الأحفاد شركاء ومناصفة بينها وبين أخيها العزيز الغالي عليها جداً (( الشيخ حمدي )) ولكن سرعان ما لحقت الحاجة سعاد بأخيها على أمل اللقاء يوم يرد الخلق إلى ا لله جميعاً .. وهكذا رحل الشقيقان تاركين خلفهما الأحفاد هشام وميريهان وهاله حمدي محمد عبدالجواد يدعون لهما بالرحمة والغفران. وكان للشيخ حمدي أخ يحفظ القرآن كاملاً ولكنه مات في ريعان شبابه وهو الشيخ رفعت محمود الزامل. أما أبناء الشيخ حمدي فهم محمود الذي تفرغ لأعماله الخاصة ونهلة الحاصلة على بكالوريوس العلوم والمقيمة مع زوجها بالسعودية .. وميرفت حمدي الزامل الحاصلة على بكالوريوس التجارة من جامعة الزقازيق والتي تتطلع لأن تعمل كمذيعة كما كان يبشرها أبوها بذلك .. وأما رضا حمدي الزامل الطالب بكلية التجارة جامعة المنصورة فهو أشد الأبناء حرصاً على جمع والمحافظة على تراث أبيه القرآني ويحاول تقليد والده من خلال القدر الذي حفظه من القرآن ويحاول استكمال حفظ القرآن هذه الأيام. وآخر أبناء الشيخ حمدي هو رفعت الزامل. | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:43 | |
| الشيخ راغب مصطفى غلوش ولادته : ولد القارىء الشيخ راغب مصطفى غلوش قارىء المسجد الدسوقي بدسوق, يوم 5/7/1938م بقرية (( برما )) مركز طنطا بمحافظة الغربية.. أراد والده أن يلحقه بالتعليم الأساسي ليكون موظفاً كبيراً, ولكن تدبير الأمور بيد الخالق جلت قدرته. فالكتاتيب كثيرة بالقرية والإقبال عليها ملحوظ وملموس, وكان الناس في ذلك الوقت يهتمون بتحفيظ أبنائهم القرآن ليكونوا علماء بالأزهر الشريف لأن كلمة ( عالم ) لا تطلق في نظرهم إلا على رجل الدين وخاصة إمام المسجد الذي يلقي خطبة الجمعة, ولحكمة لا يعلمها إلا الله أشار أحد الأقارب على الحاج مصطفى غلوش بأن يأخذ ولده راغب ويسلمه لأحد المشايخ المحفظين لكي يحفظه القرآن ولأن النازع الديني موجود بقوة في قلوب أهل الريف أمثال الحاج مصطفى جعلته يوافق على هذه الفكرة وصرح لابنه (( راغب )) بالذهاب إلى الكتاب بعد انتهاء اليوم الدراسي ولكن الموهبة أعلنت عن نفسها فكان الطفل الصغير ابن الثامنة حديث أهل القرية وخاصة المحفظين والحفظة. وكان لجمال صوته الأثر الواضح في شدة اهتمام (( سيدنا )) به وإسداء النصح له والمراقبة الدائمة لأنه توسم به الخير وتوقع له مستقبلاً زاهراً بين مشاهير القراء وكان ذلك سبباً في تفوق الطفل راغب في حفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة. وبعد حفظه التام للقرآن جوده بالأحكام على يد الشيخ عبدالغني الشرقاوي بقريته برما. في الرابعة عشرة من عمره ذاع صيته بالقرى المجاورة حتى وصلت مدينة طنطا معقل العلماء. توالت الدعوات وانهالت عليه من القرى والمدن القريبة من قريته في شهر رمضان عام 1953 بقرية (( محلة القصب )) بمحافظة كفر الشيخ, وكان سنه ( 15 سنة ), كانت المهمة شديدة الصعوبة في البداية. كيف يحتل المكانة المرموقة وسط جو يموج بمنافسات ضارية بين جهابذة تربعوا على عرش التلاوة في هذه البقعة بوسط الدلتا والوجه البحري وخاصة محافظة الغربية التي نشأ فيها الشيخ راغب في ظل وجود عملاقين على مقربة منه كان الله في عون من حاول الاقتراب من مزاحمتها أو المحاولة لإثبات الوجود بينهما ا لأول الشيخ مصطفى إسماعيل, والثاني الشيخ محمود خليل الحصري, وكل منهما نشأ في إحدى قرى طنطا, والتي إحدى قراها قرية برما منشأ الشيخ راغب. لم يعبأ القارىء الشاب والفتى الطموح بما يسمع وما يرى من احتدام للمنافسة التي اشعل فتيلها الشيخ مصطفى إسماعيل القارىء الفذ فكان لزاما على الشيخ راغب أن يبحث عن العوامل التي تساعده على الوقوف على أرض صلبة وقواعد متينة من خلالها يستطيع أن يلبي دعوة ربما يصادفه فيها واحد من هؤلاء ففطن إلى أن المجد لا يقبل من تلقاء نفسه وإنما يجب على طالبه أن يسعى إليه بالجهد والعرق والمثابرة فبحث الشيخ راغب عن شيخ متين في علوم القرآن ليتلقى عليه علمي التجويد والقراءات فاتجه إلى قبلة العلم القرآني بمدينة طنطنا والتحق بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي وتوّلاه بالرعاية المرحوم الشيخ إبراهيم الطبليهي. يقول الشيخ راغب : (( .. ووفقت لأن أجعل من وجود الشيخ مصطفى إسماعيل بمنطقتنا دافعاً ومثلاً أعلى فحاولت تقليده واتجهت إلى مدينة طنطا باحثاً عن عالم قراءات فوجهني أحد المعارف إلى رجل بالمعهد الأحمدي اسمه المرحوم الشيخ إبراهيم الطبليهي الذي علمني التجويد والأحكام السليمة وقرأت عليه ورش وأهلني لأن أكون قارءاً للقرآن كل يوم بالمقام الأحمدي., وخاصة بين أذان العصر والإقامة فالتف الكثيرون من حولي وبفضل الله دخلت قلوب الكثير من الناس, وخاصة لأنني كنت أقلد الشيخ مصطفى في أدائه الرائع المحبب لدى الناس جميعا ودعيت للسهر بمعظم قرى محافظة الغربية وعرفت بالمحافظات المجاورة مما جعلني أثق بنفسي تمام الثقة بالجهد والعرق والصبر والحرص الشديد على القرآن وتلاوته بالتزام وتقوى. إستطاع القارىء الشاب راغب مصطفى غلوش أن يصنع له مجداً وهو صغير قبل أن يبلغ الثامنة عشرة حتى جاء حق الدفاع عن الوطن وطلب للتجنيد وأداء الخدمة الإلزامية (( الوطنية )) والتي لا بد عنها ولا مفر منها .. تقدم للتجنيد عام 1958م وكان سنه عشرين عاماً تم توزيعه على مركز تدريب بلوكات الأمن المركزي بالدراسة فيقول : (( .. ونظراً لالتحاقي بقوات الأمن المركزي بالدراسة كنت أتردد دائماً على مسجد الإمام الحسين (ع) عنه لأصلي وأتطلع لأن أقرأ ولو آية واحدة بأكبر مساجد مصر والقاهرة وأشهرها وكنت حريصاً على تقديم نفسي للمسئولين عن المسجد حتى تتاح لي الفرصة لأقرأ عشراً أو أرفع الأذان في هذا المسجد الكبير فتعرفت على شيخ المسجد الحسيني المرحوم الشيخ حلمي عرفه وقرأت أمامه ما تيسر من القرآن فأعجب بي جداً ... وذات يوم أفصحت له عما أتمناه وطلبت منه أن يسمح لي بالأذان وقراءة عشر قبل إقامة الصلاة .. فقال لي يا راغب إذا تأخر الشيخ طه الفشني فسيكون لك نصيب وتؤذن العصر وتقرأ العشر .. فدعوت الله من كل قلبي أن يتأخر الشيخ طه الفشني وكأن أبواب السماء كلها كانت مفتحة فاستجاب الله لي وتأخر الشيخ الفشني واقترب موعد الأذان فقال لي الشيخ حلمي جهز نفسك واستعد, وقال لملاحظ المسجد خذ راغب علشان يؤذن فأخذني وأوقفني بجوار الشيخ محمد الغزالي رحمه الله حتى انتهى من إلقاء الدرس بحلول موعد أذان العصر. كان وقتها الشيخ مصطفى إسماعيل يضيف عبارة في آخر الأذان ويقول: (( ... الصلاة والسلام عليك يا نبي الرحمة يا ناشر الهدى يا سيدي يا رسول الله )) فكنت أؤذن كما لو أن الشيخ مصطفى هو الذي يؤذن. كل ذلك وأنا مرتدي الزي العسكري الذي لفت أنظار الناس إليّ, وكان هذا في رمضان والصوت في الصيام يكون رخيما وناعماَ وجميلاً عذباً, وقرأت العشر وبدأت بسورة الحاقة فانقلب جو المسجد إلى ما يشبه سرادقاً في ميدان واندمجت في التلاوة بتشجيع الناس لي والله يفتح عليك يبارك فيك تاني الآية دي وقرأت آيات أكثر من مرة بناء على طلب الموجودين بالمسجد ووصل وقت التلاوة إلى أكثر من نصف ساعة. وعدت إلى المعسكر وفرحتي لا توصف وزادت ثقتي بنفسي مما جعل القائد يسلمني مسجد المعسكر كمسئول عنه طوال مدة خدمتي .. وللحق كان القائد يسمح لي بالخروج في أي وقت فكنت أتردد كثيراً على مسجد الإمام الحسين (ع) واشتهرت به وفرحت بذلك تماماً لأنني أقرأ بمسجد يقرأ السورة به المرحوم الشيخ محمود خليل الحصري ويؤذن به المرحوم الشيخ طه الفشني ويلقي الدرس به والخطبة المرحوم العالم الجليل الشيخ الغزالي إنه لشرف عظيم يتمناه كل من هو في سني , وكل من هو حافظ للقرآن . من المسجد الحسيني إلى الإذاعة : وفي مسجد الإمام الحسين بدأت أنطلق إلى ما كنت أحلم به تعرفت على كبار المسئولين بالدولة وتقربت منهم وشجعوني على القراءة أمام الجماهير, وكانوا سبباً في إزالة الرهبة من نفسي, وكانوا سبباً قوياً في كثير من الدعوات التي وجهت إليّ لإحياء مآتم كثيرة بالقاهرة زاملت فيها مشاهير القراء بالإذاعة أمثال الشيخ مصطفى, والشيخ عبدالباسط والشيخ الحصري وغيرهم من مشاهير القراء. وكان من بين رواد المسجد الحسيني الأستاذ محمد أمين حماد مدير الإذاعة آنذاك فقال له الحاضرون يا أستاذ إعط راغب كارت حتى يتمكن من دخول الإذاعة لتقديم طلب الإلتحاق كقارىء بالإاذعة وفعلاً أعطاني الكارت وقال تقابلني غداً بمكتبي بمبنى الإذاعة بالشريفين. ذهبت إلى مسجد الإمام الحسين فوجدت الشيخ حلمي عرفة وبصحبته اللواء صلاح الألفي واللواء محمد الشمّاع ووافق الثلاثة على الذهاب معي لمقابلة السيد مدير الإذاعة الذي أحسن استقبالي بصحبتهم وكتبت الطلب وبه عنواني بالبلد, وجاءني خطاب به موعد الاختبار كقارىء بالإذاعة وذلك قبل خروجي من الخدمة بشهر. وحسب الموعد ذهبت إلى الإذاعة ليتم اختباري أمام اللجنة, ووجدت هناك حوالي 160 قارئاً فقالوا لي: أنت ضمن الحرس؟ لأنني كنت مرتديا الزي العسكري – فقلت أنا زميل لكم وعندي امتحان مثلكم فتعجبوا وقال بعضهم ندعوا الله لك بالتوفيق. ونادى الموظف عليّ في دوري المقرر فدخلت أمام لجنة القرآن لأن اللجنة كانت قسمين قسم للقرآن, والثاني للصوت فودتني أمام لجنة مكونة من كبار العلماء كالدكتور محمد أبوزهرة, والشيخ السنوسي, والدكتور عبدالله ماضي. ولجنة الصوت مكونة من الأستاذ محمود حسن إسماعيل الشاعر المعروف والأستاذ حسني الحديدي الإذاعي القدير والأستاذ محمد حسن الشجاعي, والدكتور أبوزهرة فقالوا لي: إقرأ من قوله تعال : { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون (160) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) } الأنعام . وكنت موفقاً بفضل الله تعالى وأثنى عليّ أعضاء اللجنة ونصحوني بالمحافظة على صوتي, وكانت الساعة حوالي الواحدة صباحاً من السابعة مساء إلى الواحدة صباحاً ما بين انتظار دوري واختباري .. وبعد عشرين يوماً جاءني خطاب من الإذاعة بما حدث أثناء اختباري كقارىء بالإذاعة فأخذت الخطاب وذهبت إلى معهد القراءات بالأزهر وسألتهم عن مضمون الجواب وما قرره أعضاء اللجنة, فقال لي شيخ المعهد يا راغب أنت نلت إعجاب كل أعضاء اللجنة والقرار يوضح ذلك ودرجاتك مرتفعة في الحفظ والتجويد والأحكام وأنت ستدخل تصفية لإجراء الصوت فقط. توجهت إلى دارم الإذاعة بالشريفين واطلعت على النتيجة فوجت أنني ضمن السبعة الناجحين من مائة وستين قارئاً ولنا تصفية للاختبار في الصوت ففرحت فرحة لا مثيل لها, وكدت أطير من شدة الفرح والسعادة. واكتسبت ثقة بنفسي لا حدود لها لأنني قطعت ثلاثة أرباع المسافة في طريق الوصول إلى الإذاعة واقتربت جداً من الدخول بين كوكبة من مشاهير القراء بالإذاعة وكانوا كلهم أفذاذاَ ومشاهير وأصحاب شهرة عالية, أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ الفشني, والشيخ عبدالعظيم زاهر, والشيخ البهتيمي, والشيخ عبدالباسط, والشيخ البنا وغيرهم من فحول القراء أصحاب المدارس المختلفة .. وبعد أقل من شهر دخلت اختبار التصفية, وكان التوفيق حليفي بفضل الله تعالى, فأديت أداءً رائعاً, ورأيت علامات البشرى في وجوه أعضاء اللجنة فازددت طمأنينة وثباتا وثقة بنفسي, وزالت الرهبة ونسيت أنني أمام لجنة امتحان, وقدمت كل ما لدي من جهد وإمكانات مع الحرص الشديد على الأحكام, ونسى أعضاء اللجنة أنهم يختبرون قارئاً فتركوني أقرأ مدة طويلة فشعرت أنهم يسمعون القرآن, استحسانا وإعجاباً بصوتي وأدائي, وبعد انتهائي من التلاوة جلست معهم بضع دقائق, ولم يخفوا إعجابهم بصوتي وطريق الأداء فنصحوني بالمحافظة على صوتي وخاصة من التدخين وتناول المشروبات المثلجة فازداد أملي في النجاح. شاويش وقارىء بالإذاعة : بعد ذلك انشغلت بإنهاء إجراءات تسليم مهماتي وإخلاء طرفي من بلوكات الأمن بانتهاء مدة تجنيدي التي لم يتبق عنها إلا عشرين يوماً قمت بعدها بالحصول على شهادة تأدية الخدمة الوطنية وأقيم لنا حفل بسيط في الوحدة أنا وزملائي الذي دخلوا معي التجنيد. لم أنس النتيجة النهائية لاعتمادي قارئاً بالإذاعة, ولم أتوقع ظهور النتيجة قبل شهرين أو ثلاثة على الأقل ولكنها ظهرت أثناء إنهائي إجراءات الخروج من الخدمة ا لوطنية بالأمن المركزي , ولم أعلم إلا من هذا الموقف (( شاويش يدخل الإذاعة )) . حصلت على شهادة إنهاء الخدمة وذهبت إلى بلدتي (( برما )) فوجدت ما لم أتوقع قابلني أهل القرية مقابلة غريبة عليّ .. الفرحة والسعادة تعمرهم ويقولون لي ألف يا راغب واحتضنوني وكادوا يحملونني على أعناقهم كل هذا وأنا غير مصدق لما يحدث فقلت لهم: هو أنتم عمركم ما شفتم عسكري خرج من الخدمة إلا أنا إيه الحكاية ؟ فقالوا هو أنت ما سمعتش الخبر السعيد ؟ فقلت لهم: وما هو الخبر السعيد ؟ قالوا: صورتك واسمك في كل الجرايد بالخط العريض )). (( شاويش ومقرىء )) وسبحان الله الذي ثبت فؤادي وألهمني الصبر وتحمل هذا الخبر السعيد جداً جداًَ والذي جاء في وقته, وكأنه كان مكافأة إنهاء خدمتي الوطنية عام 1962م, إنه كان خبراً قوياً وشديداً يحتاج إلى عقل وصبر جميل لعدم الإفراط في الفرحة حتى لا تأتي بنتيجة عكسية, ولما لا تكون فرحة كبرى وأنا في هذه السن التي لا تتعدى اثنين وعشرين عاماً وسأكون أصغر قارىء بالإذاعة في عصرها الذهبي وذلك عام 1962م. السفر إلى دول العالم : سافر الشيخ راغب إلى معظم دول العالم في شهر رمضان لأكثر من ثلاثين عاماً متتالية قارئاً لكتاب الله عز وجل لم يرجو إلا ابتغاء مرضاة الله إيمانا منه بأنها رسالة جليلة يجب تأديتها بما يليق وجلالها .. له في منطقة الخليج العربي جمهور يقدر بالآلاف مما جعلهم يوجهون إليه الدعوات لإحياء المناسبات الرسمية وخاصة في الكويت والإمارات والسعودية .. في السنوات الأخيرة يفضل البقاء بمصر في شهر رمضان المبارك ليسعد الملايين من خلال تلاوته القرآن الفجر والجمعة والمناسبات المختلفة ليسد فراغاً يتسبب عنه سفر زملائه من مشاهير القراء إلى دول العالم لإحياء ليالي شهر رمضان , للشيخ راغب مصحف مرتل يذاع بإذاعات دول الخليج العربي صباح مساء .. وما زال هذا القارىء الفريد صاحب الصوت العذب الندي الجميل يتلو قرآن الفجر مرة كل شهر بأشهر مساجد مصر على الهواء مباشرة بالإضافة إلى تلاوته لقرآن الجمعة والمناسبات الدينية عبر موجات الإذاعة وشاشات التليفزيون ليستمتع الملايين من عشاق صوته والمتيمين لفذة أدائه وحسن تلاوته ووقار صوته وجماله من المواقف التي لا تنسى عبر رحلته مع القرآن خلال نصف قرن من الزمان .. جاب أقطار الدنيا كلها تالياً كتاب الله عز وجل . مواقف في حياته لن ينساها : يقول الشيخ راغب : (( ... وأثناء تجنيدي ببلوكات الأمن بالدراسة عام 1961م حدث أن توفي أحد اللواءات بوزارة الداخلية وأقيم له (( مأتم )) كبير بميدان العباسية .. فوجئت بالسيد القائد يقول لي: يا راغب فيه مأتم بالعباسية والعزاء مساءّ والمتوفى أحد قيادات وزارة الداخلية . وأنا رشحتك لتقرأ مع الشيخ الإذاعي الذي دعي لإحياء المأتم .. فلم يزد ردّي على قولي للسيد القائد : تمام يا فندم , وقتها كنت أرتدي الزي العسكري ولكنني كنت أحتفظ بزي القراء الخاص بي بحقيبتي داخل المعسكر, ونظراً لقرب المعسكر (( بالدراسة )) من المكان المقام به العزاء – صليت المغرب وتوجهت إلى السرادق المقام بالعباسية. ولما اقتربت من الميدان وجدت سرادقاً لم أر مثله في ذلك الوقت من حيث المساحة وعدد المعزين من الرتب والمناصب الكبرى .. والصوت المنبعث من مكبرات الصوت المنتشرة في كل مكان حول السرادق – كان صوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد .. فقلت لنفسي : (( ما الذي ستفعله يا راغب مع هذا العملاق ؟ لأن المرحوم الشيخ عبدالباسط كان صاحب إمكانات متعددة .. من الممكن أن تنزل الرعب على أي قارىء تأتي به الأقدار إلى سهرة هو قارئها .. ولأنه كان الاسم الذي زلزل الأرض تحت أقدام قراء عصره, وهذه كلمة حق .. دعوت الله أن يثبتني واستعنت به على مواجهة هذا الموقف .. جلست أمام الشيخ عبدالباسط , فلما رآني علم بذكائه وخبرته أنني قادم لمشاركته القراءة. فأنذرني بعدة جوابات متتالية تجلت فيها أروع فنون الأداء القرآني مستخدماً كل ما أنعم الله عليه من إمكانات صوتية وتجويدية وصحية, وبعد انتهائه من القراءة سلمت عليه ورحب بي وقال لي : موفق بإذن الله .. صعدت أريكة القراءة وقرأت قرآناً وكأنه من السماء وكأن التجلي الرباني والتوفيق الإلهي اجتمعا ونزلا عليّ فأديت بقوة ابن العشرين فانقلبت الموازين بتعاطف الموجودين معي مما ساعدني على مواصلة التلاوة بناء على رغبة الحاضرين )) , وبعد ما قلت صدق الله العظيم سمعت من عبارات الدعاء والثناء والإعجاب ما أبكاني من شدة الفرحة الغامرة .. وبعد انتهاء المأتم فوجئت بأحد القادة يعطيني (( ظرف جواب )) فرفضت أخذه .. فقال لي أترفض ما يقدمه لك أحد قادتك ؟ فقلت سيادتك أنا جئت من المعسكر تنفيذا لتعليمات السيد القائد .. فقال: والآن يجب أن تنفذ التعليمات كذلك . فأخذت (( ظرف الجواب )) ولما فتحته وجدت به ما يعدل ثلاثين سهرة بالنسبة لي (( وجدت به خمسة عشر جنيهاً )) بينما كنت أحصل على خمسين قرشاً في المأتم .. وهذا كان قبل عيد الأضحى بأيام فقلت الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله .. وموقف آخر في حياته لن ينساه أبداً وأرجو أن يقرأه قراؤنا لعلهم يعملون به. يقول الشيخ راغب : (( .. وسنة 1965م وبعد التحاقي بالإذاعة بثلاث سنوات جاءني خطاب بموعد التسجيل باستوديو الإذاعة بالشريفين وبالخطاب تحديد الموعد من 12 ظهراً إلى الواحدة. في نفس اليوم ارتبطت بمأتم بالمنوفية .. فذهبت إلى الإذاعة قبل موعدي بساعة كاملة حتى أتمكن من الانتهاء من التسجيل بسرعة نظراً لارتباطي بمأتم ففوجئت بالمرحوم الشيخ محمد صديق المنشاوي يدخل الاستوديو قبل أن أجلس للتسجيل لأنه كان حاجزاً في نفس الوقت قبلي بساعة فقال لي حجزك الساعة كم يا شيخ راغب ؟ قلت له بعد ساعة, ولكن ظروفي كذا وكذا. فقال للمسئول عن التسجيل : نظراً لظروف الشيخ راغب أرجو تأجيل حجزي إلى غد أو بعد غد ودعا لي بالتوفيق في التسجيل وفي السهرة . وانصرف الرجل مبتسماً بعد ما ترك لي وقته كاملاً. ومرت الأيام ورحل فضيلته يحمل معه ما بقي من فضيلة اتّسم بها جيل كامل من العمالقة الأبرار بالقرآن وأهله
| |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| | | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:47 | |
| ولادته : ولد القارىء الشيخ محمد أحمد شبيب يوم 25/8/1934م بقرية ((دنديط)) مركز ميت غمر – دقهلية حيث الكتاتيب المتعددة بالقرية التي يهتم أهلا بالقرآن حفظاً وتجويداً. تعد عائلة (( شبيب )) من العائلات الكبرى بالقرية مما جعل الحاج أحمد شبيب يفكر ليل نهار في صياغة مجد لهذه العائلة يرفع شأنها بين العائلات التي تتنافس فيما بينها في كثير من الجوانب التي تميّزها. كان الإهتمام بالمآتم واستقدام مشاهير القراء نوعاً من أنواع التنافس .. ولذلك شهدت هذه القرية مواقع قرآنية شهيرة بين مشاهير القراء أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي والشيخ عبدالعظيم زاهر وكان الحاج أحمد شبيب والد الشيخ محمد أكثر المهتمين المتيّمين بسماع هذه الكوكبة من مشاهير القراء فتمنى أن يكون له ولد محب للقرآن ليهبه لحفظه وتجويده .وفي عام 1934م مع بدء الإرسال الإذاعي رزق الحاج أحمد بابن سماه محمداً وجاء هذا الوليد مع انطلاق صوت الشيخ محمد رفعت عبر موجات الراديو فازداد شوق الحاج أحمد شبيب للقرآن وأهله .. ولمّا بلغ الطفل محمد الثانية من عمره أصيب بمرض كاد يودي بحياته ولكنّ الله سلّم, وكان الوالد قد نذر أنه سيهبه للقرآن وحفظه إذا شفي من مرضه بإذن الله ومشيئته .. استجاب رب العزة وشفي الأبن فصدق الوالد ووفى بالنذر وذهب بابنه محمد إلى كتّاب الشيخ توفيق إبراهيم نفس القرية (( دنديط )) وقص عليه ما حدث لابنه فاستوصى به الشيخ خيراً وأعطاه من الاهتمام والرعاية والمراقبة ما جعله يقبل على حفظ القرآن بحب شديد مكّنه من القرآن فتمكن القرآن منه . لم ينتظر الحاج أحمد إتمام ابنه محمد حفظ القرآن كاملاً حتى يطلق عليه ((الشيخ محمد )) ولكنه أعطاه اللقب قبل أن يحفظ جزءاً واحداً من القرآن فكان ينتظر حضوره من الكتّاب إلى البيت فيسأله عما حفظه في يومه ويطلب منه أن يتلوه عليه مجوداً ليتدرب على التلاوة بصوته لجميل .. كان إخوته يتغامزون عليه ويضحكون وكان الأب يقول لهم: إن شاء الله, أخوكم هذا الذي تضحكون عليه سيكون له شأن كبير بإذن الله .. ظل الوالد على هذه الحال مع ابنه إلى أن زالت الهيبة والرهبة من مواجهة المستمعين مما جعل الطفل الموهوب (( محمد )) يطلب من شيخه أن يخصص له كل يوم بعض الوقت ليسمعه ما تيسر من القرآن على طريقة المشاهير من القراء .. رحّب الشيخ برغبة تلميذه وسعد أقرانه بجمال صوته وحسن تلاوته فعرف بينهم بأنه قارىء مجيد للقرآن فذاع صيته في القرية وهو في التاسعة من عمره فلم يمر على أحد أو جماعة يجلسون إلا نودي من قبلهم ليقرأ عليهم ما تيسر من القرآن حباً في طريقة أدائه وموهبته التي ظهرت واضحة من خلال أدائه المتمكن لما يتلو من الذكر الحكيم .. في هذه المرحلة كان قد وصل مع شيخه في الحفظ إلى 17 جزءاً, بعدها رحل الشيخ توفيق إلى جوار ربه فانتقل الفتى القرآني الموهوب (( محمد أحمد شبيب )) إلى كتّاب الشيخ محمد إسماعيل بنفس قريته (( دنديط )) ليستكمل ما تبقى من القرآن ولكن الشيخ محمد رأى أن يبدأ معه القرآن من بدايته فكانت هذه فرصة للتمكن من حفظ القرآن وطريقة تلاوته .. وبعد أن أتم القرآن حفظاً لم يغادر الكتّاب ليراجع القرآن فكان الحفظ حليفه عندما حضر مع أكثر من مجموعة من الحفظة الذين حضروا لتجويد القرآن على الشيخ محمد إسماعيل أحد المتخصصين المشهود لهم بالتمكن في علوم القرآن .. وكان الشيخ محمد إسماعيل سبباً في تمكين تلميذه (( محمد )) من تلاوة القرآن في المناسبات المختلفة باتقان قبل أن يبلغ الخامسة عشرة من عمره, فعرف بدنديط وما حولها وأصبح يدعى في بعض الاحتفالات التي لم يحصل فيها على مقابل لقراءته , ولكنه كان يريد أن يشبع رغبته القوية في تلاوة القرآن أمام جموع الناس الذي شجعوه على ذلك ولقبوه بالشيخ (( محمد )) وتدفّقت عليه عبارات الثناء والدعوات فاقترب من الناس واكتسب ثقة بنفسه مكّنته من التفوق والإجادة ومجالسة من هم في مثل سن والده. التحاقه بمعهد الزقازيق : بعد تجويده القرآن ومعرفة أحكامه أراد والده أن يلحقه بمعهد القراءات بالقاهرة حتى يكون قارئاً وصييتا كبيراً عن علم ودراية بعلوم القرآن, ولكن الشيخ محمد تعلق بقريته وأهلها وأصدقائه من الزملاء المقربين إليه مما جعله يرفض حياة الغربة ولكن الرفض كان بمشورة الوالد حتى لا يغضب .. نقل الابن رغبته إلى والده في أن يسمح له بالإلتحاق بمعهد الزقازيق الديني الذي يهتم بعلوم القرآن إلى جانب المواد الأزهرية .. وافق الوالد مادام هذا لن يبعد ابنه عن تلقي علوم القرآن وقراءاته .. وفي عام 1951م التحق الشيخ محمد بمعهد الزقازيق فاشتهر هناك بأنه يتلو القرآن بصوت عذب شجي فتمسك به مشايخ المعهد وطلبوا منه أن يفتح لهم اليوم الدراسي بالقرآن, بالإضافة إلى المشاركة في جميع الاحتفالات التي تقام بالشرقية عن طريق الأزهر الشريف ليصبح الطالب محمد أحمد شبيب محل ثقة كل الناس وعرف بمنطقة الشرقية الأزهرية وامتدت شهرته إلى البلاد المجاورة التابعة لمحافظة القليوبية بالإضافة إلى منطقة ميت غمر . بداية الشهرة ومواقف لن ينساها : يقول الشيخ محمد أحمد شبيب : بدأت التلاوة في المآتم والحفلات الدينية الكبرى وخاصة في الموالد التي كانت تقام للأولياء القريبين من بلدتنا وخاصة مولد الشيخ (( جوده أبو عيسى )) بمنيا القمح بالشرقية والذي كان يتوافد عليه الآلاف من كل محافظات مصر, وكان الشيخ مصطفى إسماعيل يقرأ ليلة الأربعاء تطوعاً واحتفاءً بهذا الولي الصالح .. وجّهت إليّ الدعوات لإحياء المأتم أثناء دراستي بالمعهد الديني بالزقازيق وسبب هذا أن والدي أحضر لي زيًا يتناسب معي كقارىء أولاً, ثم لأذهب به إلى المعهد وكنت صغيراً, ولكن الزّيّ أعطاني هيبة ووقاراً, بالإضافة إلى حسن التلاوة والتجويد مما جعل أهل قريتي والقرى المجاورة يوجّهون إليّ الدعوات بمفردي لإحياء المناسبات, وأذكر أنني دعيت لإحياء مأتم بقرية (( ميت ناجي )) مركز ميت غمر عام 1950م وحصلت على ( 35 قرشاً )) وكانت الدعوة من أحد المشايخ الكبار المعاصرين لجيل الشيخ رفعت وهو الشيخ (( أمين عامر)) وبعد انتهاء السهرة هنّأني وأثنى على أدائي ووجّه لي الدعوة لأسهر شهر رمضان كاملاً بمنزله الذي كان يتوافد عليه المئات لسماع القرآن في شهر رمضان واتّفق معي على خمسة جنيهات مقابل السهرة طوال الشهر وكنت سعيداً جداً ليس بما حصلت عليه, وإنما لأنني أصبحت أحد القراء المعروفين بالمنطقة, ومن هنا عرفت كقارىء وصييت فانهالت علي الدعوات وارتفع ما أحصل عليه في السهرة إلى جنيه .. وبعد أن قضيت أربع سنوات بالمعهد الديني بالزقازيق لم أستطع التوفيق بين الدراسة وقبول السهرات فتفرغت لتلاوة القرآن , في هذه الفترة توفي والدي مطمئناً راضياً بما وصلت إليه من شهرة كقارىء للقرآن الكريم )) . في عام 1957م دعي لإحياء مأتم محمد بك الجمل بمدينة المنصورة مع المرحوم الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي وكان العزاء يضم نخبة كبيرة من كبار رجال الدولة والآلاف القادمين لأداء واجب العزاء من أرجاء محافظة الدقهلية والمحافظات المجاورة .. لم يخش الشيخ شبيب هول الموقف وكثرة الناس ولم يتأثّر أداؤه بوجود رئيس رابطة القراء وشيخهم في ذلك الوقت الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي الذي هنأه على حسن الأداء وبشّره بمستقبل عظيم إذا ظل على هذا المستوى, وكان هذا المأتم بمثابة انطلاقة للشيخ شبيب الذي كان يسهر شهر رمضان ببيت الأمة بمدينة المنصورة لدى عائلة الشناوي . يقول الشيخ شبيب : (( .. وبعد انتهاء مأتم محمد بك الجمل عدت لأستكمل ليلتي الرمضانية ببيت الأمة فسمعت بعض الحاضرين يقولن: كان فيه قارىء صغير السن مع الشيخ الشعشاعي الليلة بمأتم الأستاذ الجمل ولكن كان صوته جميلاً وأذهل الحاضرين بأدائه فضحكت , وقال لهم أحد الحاضرين إنه هو الشيخ الجالس أمامكم الآن فتعجبوا وأثنوا على أدائي .. وفي الليلة التالية ازداد عدد الحاضرين وهكذا كل ليلة حتى انتهى شهر رمضان )). يقول الشيخ شبيب : كان الشيخ البنا مدعواً في أحد السرادقات المقامة بساحة المقامة بساحة الاحتفالات بمولد الشيخ جوده في حضور الآلاف من المحبّين من كل محافظات مصر وكان السرادق المدعو إليه الشيخ البنا خاصاً بعائلات الأباظية وكان بالسرادق ما لا يقل عن خمسة آلاف نفس جاءوا للإحتفال بالمولد ولسماع الشيخ البنا يتقدمهم السيد اللواء وجيه أباظه .. ولأنني كنت متواجداً بالسرادق للإستماع إلى الشيخ البنا مرتدياً الزي الرسمي جاءتي الفرصة على طبق من ذهب كما يقولون وفوجئت بعامل الفراشة يحضر إليّ ويهمس في أذني قائلاً : ممكن تنقذ الموقف وتخرجنا من هذا المأزق لأن الشيخ البنا اعتذر الآن ووضعنا في حرج شديد مع الناس ؟ فقلت له: ممكن ودعوت الله أن يثبّتني ويوفّقني لمواجهة الجمهور لأنني سأجلس لأحل محل الشيخ البنا.. وصعدت لأجلس استعداداً للقراءة ففوجئت بأن الحاضرين يجلسون كل اثنين على كرسي واحد من كثرة الناس وبدأت التلاوة بثقة لأني سأنقذ الموقف وإن لم أوفق لن يحاسبني أحد, ولكن الله وفّقني وجاءني الفتوح الرباني وكأن الله أمدني بمدد من السماء ولأنني في مقتبل العمر أدّيت بقوة مع التزامي الشديد بأحكام التلاوة, وواصلت التلاوة لأكثر من ساعة ونصف الساعة. وقبل انتهاء التلاوة صعد الحاج فؤاد شرف الدين وأعطاني عشرة جنيهات وقال لي وجيه بك قال لي : قل للشيخ يستمر في القراءة وواصلت التلاوة وسط تشجيع من الحاضرين)). وفي نفس المكان وذات المناسبة كان الشيخ مصطفى إسماعيل أحد القراء المشاهير المواظبين والمهتمين بحضور الاحتفال بمولد الشيخ جوده كل عام دون انقطاع ولا اعتذار وكان آلاف المحبّين من عشّاق فن تلاوة الشيخ مصطفى يتوافدون من كل مكان للاستمتاع بصوته وتلاوته. يقول الشيخ شبيب : (( .. وفي أحد الإحتفالات بمولد الشيخ جوده بمنيا القمح والتي كان الشيخ مصطفى يحضرها كل عام ذهبت إلى السرادق الخاص بالشيخ مصطفى وبعد انتهاء الشيخ مصطفى من التلاوة انفض الناس ولم يتبق في السرادق إلا عدد قليل وصعدت لأقرأ ما تيسر من القرآن وإذا بالسرادق يمتلىء مع مرور الوقت حتى وصل عدد الحاضرين إلى نفس العدد الذي كان يستمع إلى الشيخ مصطفى وكانت هذه الليلة بمثابة ميلاد حقيقي لشهرتي )) . وفي عام 1961م أصيب الشيخ شبيب بالتهاب في الحنجرة كاد يمنعه عن القراءة ولكن عناية الله أنقذته على يد الدكتور علي المفتي الذي أزال حبة كانت هي السبب في الإلتهاب بالحنجرة .. يقول الشيخ شبيب : (( وبعد الشفاء عدت بحمد الله وقدرته إلى تلاوة القرآن بقوة وكفاءة أشعرتني بأن الله أراد لي الخير بعد هذا المرض, وتدفّقت عليّ الدعوات من كل محافظات مصر وأعطاني رب العزة جمالاً في الأداء وجودة في التلاوة وابتكارا في التلوين النغمي وليد اللحظة فأسعد هذا الأداء الناس وشجّعني على الإبداع بفضل الله وتوفيقه. إلتحاقه بالإذاعة : يقول الشيخ شبيب : (( جائتني دعوة من عائلة حموده بالشرقية لإحياء مأتم عميد العائلة.. وحضر العزاء حفيد المتوفى (( الأستاذ علي حموده )) الذي كان يعمل بالإذاعة فاستحسن أدائي وصوتي وطريقة تلاوتي وأثنى عليّ كقارىء للقرآن يجب أن أكون أحد قراء الإذاعة وأشار عليّ بالتقدم للإذاعة حتى يتم اختباري .. ولأنني لم أكن مستعداً نفسياً لم أتقدم بطلب, ولكنني فوجئت بخطاب من الإذاعة بتحديد موعد الاختبار فذهبت إلى الأستاذ علي حموده ليؤجل اختباري ستة أشهر بعدها دخلت لجنة الاختبار واعتمدت قارائاً بالإذاعة عام 1964م لأقرأ القرآن عبر الإذاعة مع كوكبة من القراء أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والبنا وعبدالباسط وشعيشع والبهتيمي والمنشاوي وغيرهم من المشاهير. واصبح اسمي يتردد على الأسماع من خلال تلاوتي المتعددة بإذاعات جمهورية مصر العربية )) . وفي عام 1973م الذي لم ينسه مسلم ولا عربي عبر الزمان حتى تقوم الساعة وبالتحديد يوم العاشر من رمضان السادس من أكتوبر كان الشيخ محمد أحمد شبيب هو قارىء فجر السبت السادس من أكتوبر يقول : (( .. أثناء تلاوتي لقرآن الفجر في يوم العبور كنت أشعر بأهمية هذا الفجر بالنسبة لي كقارىء وأديت أداءً من القلب وتجاوب معي الموجودون بمسجد الإمام الحسين (ع) وتلوت أروع وأقوى التلاوات في حياتي بإحساس وشعور غريب وبعد انتهاء شعائر صلاة الفجر ذهبت إلى شقتي بالقاهرة لأستريح وأنام فاستيقظت ظهراً على خبر سعيد جداً وهو نبأ عبور قواتنا المسلحة قناة السويس وتفوق قواتنا المسلحة فدعوت الله أن يتم علينا نوره ونصره حتى يعود الحق إلى أهله . وكنت أنا الذي سأقرأ السهرة بسرادق عابدين في نفس يوم 6 أكتوبر 10 رمضان ففوجئت بالسرادق مليء عن آخره بالناس ولم يكن هناك موضع لقدم وكأن الناس يريدون أن يهرعوا إلى هذا المكان الذي يتلى فيه القرآن والذي تحفه الملائكة لشعورهم بأن السماء قريبة جداً من هذا المكان حتى يقبل الله منهم الدعاء . وتلوت آيات النصر من سورة آل عمران ووفّقت وشعرت بأنني في الجنة حيناً وعلى جبهة القتال أحياناً وهكذا كان شعور الحاضرين كلهم وكانت حقاً تلاوة تاريخية لم ولن أنساها أبداً وهي ذكرى غالية على قلبي ما دمت حياً . وكان مقرراً أن أسافر إلى سوريا في النصف الآخر من شهر رمضان لإحياء ليالي شهر رمضان بين الأشقاء بسوريا ولكن ظروف قيام الحرب جعلت المسئولين يكلفونني ومعي زملائي من الموجودين بمصر من المشاهير بأن نتناوب التلاوة بسرادق عابدين والمساجد الكبرى بالقاهرة طوال شهر رمضان وحيث يلجأ الناس إلى بيوت الله للإطمئنان واللجوء إلى الله راجينه تحقيق النصر للأمة الإسلامية في حرب إعادة الثقة والعزة والكرامة للمسلمين وكل الأمة العربية. الأسرة: بعد هذه الرحلة القرآنية تالياً كتاب الله داخل مصر وخارجها متمتعاً بحب الناس يدخل الطمأنينة على قلبه بأن توفيقه يدل على حب الله له .. كل هذا يجعل الشيخ شبيب يهفو إلى تحفيظ القرآن لحفيده محمد حمد محمد أحمد شبيب ابن نجله الأكبر (( أحمد محمد شبيب )) ضابط الحركة بمطار القاهرة الدولي والذي يحتفظ بمجموعة من الأشرطة التي تضم التراث القرآني لأبيه على مدى هذه الرحلة الحافلة مع كتاب الله عز وجل. وإذا أردت أن تحصل على ذكريات الشيخ شبيب فعليك أن تسمع إلى الأستاذ أحمد محمد شبيب الذي يحمل كل المواقف في حياة أبيه داخل قلبه وذاكرته .. وكذلك الإبن إسماعيل محمد أحمد شبيب الطالب بكلية التجارة جامعة الزقازيق والذي يهتم بجمع التراث القرآني لوالده ويحفظ كل تسجيلاته الناتجة عن هذا العمر القرآني لأبيه ويحاول الشيخ محمد تحفيظ القرآن داخل هذه العائلة . وللشيخ شبيب بنتان متزوجتان الأولى أمل محمد أحمد شبيب المتزوجة من الأستاذ المحامي محمد نجيب نافع أما الأبنة أزهار محمد أحمد شبيب فهي متزوجة من المهندس حسام عبدالحميد الضابط بالقوات المسلحة. السفر إلى دول العالم : كان لا بد لهذا القارىء الذي حقق شهرة امتدت إلى جميع أقطار الدنيا عبر الزمان والمكان أن يطلب لإحياء ليالي شهر رمضان بكثير من دول العالم فكانت له زيارات متعددة منها السفر إلى قطر عام 1982م بدعوة خاصة ثم إلى (( أبوظبي )) عام 1986م وسافر إلى الجابون عام 1987م. رحلة القدس : في عام 1994م قررت وزارة الأوقاف إيفاد الشيخ شبيب إلى إيطاليا لإحياء ليالي شهر رمضان بالمركز الإسلامي بروما ولكنه اعتذر, مفضلاً البقاء بمصر بين أهله وعشاق صوته وتلاوته .. وقبل حلول شهر رمضان بيوم واحد أخبره الأستاذ جمال الشناوي وكيل أول وزارة الأوقاف بأن هناك دعوة باسمه من قبل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لإحياء ليالي شهر رمضان بالمسجد الأقصى بالقدس فلم يتردد في قبول هذه الدعوة ليشارك الأشقاء الفلسطينيين فرحتهم واحتفاءهم بأول رمضان بعد إقامة دولتهم .. وعند وصوله وجد حفاوة واهتماماً وتكريماً بأن وجه إليه الرئيس عرفات الدعوة للإفطار معه بمقر الرئاسة .. وكانت سعادته لا توصف عندما تلا قرآن الجمعة اليتيمة بالمسجد الأقصى بين ما يقرب من نصف مليون فلسطيني يتقدمهم الرئيس عرفات وقرأ نفس التلاوة التي قرأها في سرادق عابدين يوم العبور عام 1973م من سورة آل عمران , وظل يكرر قول الله تعالى { إن ينصركم الله فلا غالب لكم } . (آل عمران: 160 ) أكثر من عشرين مرة بناء على رغبتهم وبعد انتهاء الرحلة كرّمه الرئيس عرفات بمنحه شهادة تقدير ونيشان السلطة الفلسطينية تقديراً لدوره كأول قارىء يتلو القرآن بالمسجد الأقصى بعد العودة | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:48 | |
| الشيخ محمد السيد ضيف ولادته : ولد القارىء الشيخ محمد السيد ضيف يوم 13/8/1945م بقرية طناح مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية في أسرة متوسطة الدخل ولكن والده الحاج سيد ضيف كان حريصاً كل الحرص على تعليم ابنه القرآن الكريم وعلومه حتى يصبح واحداً من حفظة القرآن الكريم في قرية تعشق القرآن وقارىء القرآن وكانت تتميز باستضافة مشاهير القراء لإحياء ليالي العزاء نظراً لكثرة تعداد سكانها وكثرة المتعلمين فيها وكانت هذه القرية وقتذاك وحتى اليوم أكبر قرى المنطقة واشتهر أهلها بالتجارة إلى جانب الزراعة وكان أهالي القرية المجاورة لها يتطلعون إليها وينظرون إلى أهلها نظرة إحترام لأنها قرية تهتم بالتعليم وارتقى بعض أبنائها أكبر الوظائف على مستوى محافظة الدقهلية فكان ذلك سبباً في حرص الحاج سيد ضيف في أن يدفع بابنه محمد إلى اشرف مكان وهو كتّاب القرية ليتلقى أعظم كلام وهو القرآن الكريم. لما بلغ الابن (( محمد )) سن السابعة ألحقه والده بالكتّاب بنفس القرية التي ولد بها (( طناح )) فلم يجد مشقة لأن الكتّاب كان قريباً من البيت. ولأن الله هو الذي يملك تحديد مصائر عباده ((وكل شيء عنده بمقدار )) استطاع الطفل الصغير ابن السابعة أن يواظب بحب وشغف على التردد صباح مساء على الكتّاب يحمل المصحف في يده وأحياناً يضمه إلى قلبه كما يقول واعتبره جزءاً أو قطعة من جسده. يقول الشيخ ضيف : كنت سعيداً كل السعادة لترددي على كتّاب سيدنا وكلما كنت أذهب إلى الكتّاب حاملاً مصحفي في يدي أتخيل أنني سأكون ذا شأن ومكانة بفضل هذا الكتاب الذي هو بيدي فكنت أضمه إلى صدري متخيلاً أنه جزء لا يتجزأ مني لأن فيه مستقبلي في الدنيا والآخرة, كما تعلمت من أهل الفضل الذين قاموا بتحفيظي القرآن وأحكامه, وكانت سعادتي لا توصف وأنا طفل صغير عندما كنت أتم الجزء من القرآن وأراجعه أكثر من مرة على سيدنا حتى أتمكن من القرآن وقبل بلوغي الحادية عشرة كنت بفضل الله حافظاً للقرآن الكريم حفظاً جيداً. وظهرت الموهبة لدي وأنا بالكتّاب فكنت أستغل فرصة اشنغال سيدنا أو تأخره عن الحضور إلى الكتّاب فأتخيل نفسي قارئاً وملائي مستمعين وأتلو عليهم بعض الآيات بصوت جميل لفت أنظارهم إليّ فكانوا يلقبونني بالشيخ ((مصطفى)) أي الشيخ مصطفى إسماعيل لأن المرحوم الشيخ مصطفى إسماعيل كان يأتي كثيراً إلى قريتنا (( طناح )) لإحياء المآتم ولذلك أثّر فيّ الشيخ مصطفى لأنه كان كثير الحضور إلى بلدتنا وكان أسطورة يتحدث عنه والدي وأصدقاؤه من أهل القرية وأنا أسمع لهم بشغف فالحديث عذب يؤثر في السامع فعزمت النية على أن أكون مثل الشيخ مصطفى وطلبتها من الله, فوقفت ذات ليلة في الظلام الحالك وقلت: يا رب تجعلني قارئاً مشهوراً مثل الشيخ مصطفى إسماعيل, وكان سني وقتها 15 سنة وكأن أبواب السماء كانت مفتّحة على مصارعها واستجاب الله لي وأصبحت قارئاً للقرآن بالإذاعة والتليفزيون وأدعى للمحافل الكبرى, كما يدعى المرحوم الشيخ مصطفى ودائماً أتذكر الليلة التي دعوت الله فيها أن أكون مثل هذا القارىء الفذ وخاصة عندما أقلده في جواب أثناء القراءة ويقول لي المستمعون : (( والله أنت فكرتنا بالشيخ مصطفى إسماعيل)). ويعتّز الشيخ ضيف بتسجيلاته التي تزيد على عشرة آلاف ساعة قام بتسجيلها في المآتم والحفلات بمساعدة نجله محمد الذي يعمل مذيعاً خاصاً لوالده في السهرات. بداية الشهرة : بعد مرحلة الطفولة وظهور علامات الموهبة والنبوغ القرآني للشيخ محمد ضيف ذهب به والده رحمه الله إلى قرية ((أويش الحجر)) مركز المنصورة والتي تبعد عن (( طناح )) بأكثر من عشرين كيلومتر ليتلقى علوم القرآن وأحكامه والقراءات السبع حتى يتمكن من تلاوة القرآن في السهرات الخاصة التي كان يدعى إليها وهو في الخامسة عشرة من عمره وذلك عند مشايخ وعلماء عائلة الجمل وخلال عامين أصبح الشيخ محمد ملماً بأحكام التلاوة والتجويد والقراءات مما شجعه على قبول الدعوات للقراءة بالمآتم والسهرات بقريته (( طناح )) والقرى المجاورة لها وفي العشرين من عمره قرأ مع الشيخ حمدي الزامل والشيخ شكري البرعي رحمهما الله . يقول الشيخ محمد ضيف : (( كان حلماً يراودني ليل نهار أن أقرأ بجوار واحد من اثنين وتجمعني مع أحدهم سهرة قرآنية واحده الأول المرحوم الشيخ حمدي الزامل والثاني المرحوم الشيخ شكري البرعي لأنها كانا نجمين يضيئان المنطقة التي نشأت بها داخل محافظة الدقهلية, وكان لقربهما من قريتي أثر كبير في حبي الشديد لهما لدرجة أنني كنت أقلد الأثنين في تلاوة واحدة أقرأ آية بطريقة الشيخ شكري والثانية بطريقة الشيخ حمدي, وتعلمت منهما شيئاً مهماً وهو احترام الزميل حتى ولو كان قريباً مني من حيث محل الإقامة وكان الشيخ حمدي الزامل وهو من قرية محلة ((دمنه)) والشيخ شكري وهو من قرية ((القباب)) ونظراً لقرب القريتين جداً كان من الممكن أن يختلف الإثنان في بعض الأمور ولكن لم يحدث شيء من هذا ولم ير أحد منهما إلا الحب والقرب والاحترام المتبادل بينهما وربما بهذا يرجع لسبب مهم وهو أن كل واحد منهما يثق بنفسه من حيث التمكن والجماهيرية أو الشعبية وحسن الصوت وقوة الأداء والإلتزام في تلاوته والثقة التي كانت تنعكس على تصرفاتهما معاً هي الثقة في الله وفي قدرة الله فكانت التقوى في التلاوة والمعاملة أهم ما يميزهما, ولذلك نجح الاثنان الشيخ حمدي والشيخ شكري في جذب الناس إليهما واحترام الجميع لهما, ولكن الشيخ حمدي الزامل كان بالنسبة لي هو عميد الجامعة التي تخرجت فيها لأن قريته (( محلة دمنه )) هي الأقرب لقريتي ولأن طبقات صوتي أخذتني إلى الميول بقوة إلى طريقة الشيخ حمدي الذي أخذ شهرة واسعة في مصر والعالم وخاصة بعد التحاقه كقارىء بالإذاعة والتليفزيون. كان العامل الرئيسي في مساعدة الشيخ محمد ضيف على الشهرة والإستمرار كقارىء وثقل موهبته هو تواضعه في قرية كبيرة بها نسبة عالية من الموظفين أرباب الوظائف المرموقة, مما جعل أهالي القرية المولعين بمشاهير القراء – يأملون في أن يخرج من أبنائها واحد يكون في شهرة الشيخ مصطفى والشيخ البهيتمي والشيخ شعيشع وغيرهم من عماليق القراء. بدأ الشيخ محمد ضيف مقلداً لأكثر من قارىء معتمداً على ذكائه وسرعة البديهة التي ساعدته على الإستمرار بقوة وفي البداية لأن حسن التصرف قد يسعف أحياناً ولأن لكل قرية قارئها المفضل فكان الشيخ محمد يبدأ بمدرسة الشيخ مصطفى والتي منها الشيخ حمدي الزامل فإذا انسجم المستمعون مع التلاوة استمر الشيخ محمد حتى النهاية وإذا وجد منهم شوقاً إلى ما يشبع روحهم زادهم بقرار أو أكثر بطريقة الشيخ محمد رفعت, كما لو أن السامع يستمع إلى صوت الشيخ رفعت لشدة الإتقان البارع المحكم الذي ينبىء عن ذكاءه وتمكن الشيخ ضيف كل هذا كوّن شخصية الشيخ محمد ضيف القرآنية حتى أصبح أحد قراء محافظة الدقهلية ومحافظات الوجه البحري وذاع صيته وانتشرت شهرته, وأصبح له لونه الخاص الذي يميّزه بعد أن تخلص من التقليد رويداً رويداً لأنه رأى القارىء إذا بدأ مقلداً بعدها يجب أن تكون له شخصيته المستقلة. لم يخف الشيخ ضيف سراً عندما قال : (( .. ولم أكن أتوقع أبداً أن يأتي اليوم الذي أكون فيه قارئاً بالإذاعة والتليفزيون لأنني عندما كنت أستمع إلى أعلام القراء أمثال الشيخ أبوالعينين شعيشع والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البنا والشيخ عبدالباسط وغيرهم من نجوم التلاوة كنت أعتبر نفسي مستمعاً لهم ولما كنت أجلس مع أحدهم تتملكني الهيبة والرجفة لما لديهم من وقار وجلال وعزة وقوة استمدوها من وقار وجلال وعزة القرآن .. ومرت الأيام ورحل كل هؤلاء العمالقة وبقيت ذكرياتهم الطيبة في نفس الشيخ محمد ضيف وفي نفوس الملايين من المستعين .. إلتحق الشيخ ضيف بالإذاعة كقارىء بها ثم بالتليفزيون, وأصبح واحداً من مشاهير القراء في مصر والعالم كله هذا بفضل الله ثم بفضل الأجهزة الحديثة التي جعلت العالم كقرية صغيرة جداً. الإلتحاق بالإذاعة : في عام 1984م التحق الشيخ محمد السيد ضيف بالإذاعة ونال إعجاب أعضاء اللجنة لأنه تشبع بطريقة الشيخ حمدي الزامل وصارحوه بهذا فكان سعيداً لأنه متواضع جداً جداً ومحب للشيخ حمدي بحجم تواضعه ولكن لجنة إختبار القراء بالإذاعة وجهوه ببعض النصائح وأمهلوه ستة أشهر حتى يتمكن من دراسة المقامات الموسيقية دراسة جيدة ويثقل نفسه حتى يستطيع أن يحصل على تصريح اللجنة له بتسجيل نصف ساعة للعرض مرة أخرى لمعرفة إمكاناته كلها من خلال 30 دقيقة وبعد 6 شهور عاد إلى اللجنة للإختبار , فاعتمد كقارىء بالإذاعة ولكن قراءات قصيرة وظل كذلك حتى تقدم بطلب إلى اللجنة للسماح له بتسجيل نصف ساعة للعرض لمعرفة ما إذا كان يستطيع أن يقرأ نصف ساعة, بالإضافة إلى الإذاعات الخارجية على الهواء فسمح له المسئولون وتم عرض الشريط على اللجنة فأجازوا له الشريط واعتمد كقارىء قراءات طويلة وخارجية على الهواء مباشرة ليكون قارئاً معروفاً في جميع دول العالم ولم يتبق إلا أن يكون متحدثاً بنعمة الله عليه ويتقي الله حيثما كان ويذكر نعمة الله عليه. السفر إلى دول العالم : منذ أكثر من عشرين عاماً والشيخ محمد السيد ضيف يزور المسلمين في شتى أنحاء الدنيا لإحياء ليالي شهر رمضان المبارك في أشهر المساجد والمراكز الإسلامية سافر إلى أمريكا قبل أن يلتحق بالإذاعة من خلال مسابقة عقدت بشئون القرآن بوزارة الأوقاف لإبعاث القراء إلى الخارج وكان ترتيبه الثالث على الجمهورية وقرأ بأشهر المساجد في كثير من الدول العربية والإفريقية سافر مع المرحوم الشيخ محمود علي البنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978م وكانت ذكرياته مع الشيخ البنا بمثابة وسام على صدره ثم سافر إلى كثير من دول شمال آسيا ودول الخليج العربي وسافر مبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف إلى العديد من الدول التي بها جاليات إسلامية ضخمة. يقول الشيخ ضيف : (( تأثرت كثيراً وفاضت بالدمع عيناي لما وجدت المسلمين بالمركز الإسلامي بلندن متعطشين لسماع القرآن ويبكون تأثراً بكلام الله المعجز وسبحان الله يسمعون القرآن ويفهمونه ويطربون بموسيقاه الداخلية وبالنغم والمقامات وأداء القارىء بخشوع وخاصة إذا كان القارىء متأثراً بما يقول وهذا الإقبال النفسي والروحي منهم جعلني أقوم بتسجيل القرآن كاملاً مجوداً وأهديته لهم ولكل مسلمي العالم وخاصة الجاليات المسلمة في بلاد الغربة التي يشعر فيها المسلم بالأنسة مع القرآن الذي يجمع شمل النفس ويجمع القلوب المؤمنة حوله وهذا هو سر إعجازه فالحمد لله على هذه النعمة العظيمة التي مكننا منها ربنا وأدعو الله أن يهب كل الناس نعمة القرآن وحفظه حتى يرضى الله عنا جميعاً. وأدعو الله أن يهبنا رضاه ورضا خلقه, لأن الناس شهود الله في أرضه وهذا يذكرني بما قاله الإمام الفاضل الشيخ متولي الشعراوي عني في إحدى الصحف : (( .. ومن القراء الجدد يعجبني الشيخ محمد السيد ضيف الذي يجمع بين القديم والحديث في تلاوته )) وهذا وسام أفخر به ويضاف إلى وسام حب الناس لي وخاصة أهل قريتي (( طناح )) مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية . | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:49 | |
| الشيخ محمد بدر حسين ولادته : ولد القارىء الشيخ محمد بدر حسين بمدينة (( السنطة )) مركز طنطا – محافظة الغربية في 3/1/1937م. في أسرة دينية, حيث كان والده (( رحمه الله )) يحفظ القرآن إلى جانب اهتماماته بأمور دينه ولقب بالشيخ لأنه كان تقياً مطيعاً لربه, ومصدر خير بين الناس .. يسدي النصح لكل من يجالسه أو يتعامل معه .. لم يتطلع الشيخ بدر إلى زخارف الدنيا بقدر ما تمنى أن يعمل للأخرة, ولم يطلب من الله أن يرزقه بولد ليكون زينة في الحياة الدنيا وإنما كان يرجو الولد ليهبه للقرآن وحفظه .. لم يتوقع الشيخ بدر أن يكون الوليد الذي أسماه (( محمداً )) قارئاً مشهوراً في كل أنحاء الدنيا وأحد النجوم الساطعة في سماء تلاوة القرآن الكريم .. ولما بلغ الرابعة من عمره ذهب به والده إلى الكتّاب الذي يعد صاحب الفضل العظيم عليه في التمكن من القرآن حفظاً وتجويداً .. ولنبوغه وسرعة استيعابه لكلمات الله أشير إليه بالبنان وشهد له شيخه بالإلتزام والإستجابة السريعة لتوجيهاته ونصائحه له. يقول الشيخ محمد بدر حسين (( في الكتّاب كان مولدي الحقيقي بين أحضان كلمات الله المباركات ووجدت اهتماماً كبيراً من كل المحيطين بي مما شجعني على الإقبال بلهفة وشوق لحفظ القرآن الكريم فكنت أتوجه إلى حيث يتلى كتاب الله, وكان جهاز الراديو قبلتي التي أجلس إليها في هدوء لأستمتع بما يتلى من قرآن بأصوات نوابغ القرآن أمثال أساتذتنا الكبار كالشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ أبوالعينين شعيشع والشيخ البنا والشيخ البهتيمي والشيخ عبدالباسط وغيرهم من أصحاب الأسماء اللامعة والشهرة الواسعة .. وكان والدي يحاول أن يوفر لي كل شيء من الممكن أن أصل من خلاله إلى أن أنال شرف الإرتقاء إلى منازل هؤلاء العباقرة من قراء القرآن الكريم .. جلس والدي أمامي كثيراً ليستمع إلى أدائي وطريقة التلاوة حتى يثقل موهبتي ويوجهني منذ الصغر لإتقان التلاوة لأنها من وجهة نظره الصحيحة هي ليست مهنة ولكنها رسالة وأمانة يجب أن تؤدى غير منقوصة .. ولأن والدي كان قريباً من مجالسة العلماء والفقهاء ورجال الدين تمنى أن أكون عالماً وقارئاً فألحقني بالأزهر الشريف فتلقيت علوم القرآن إلى جانب العلوم الأزهرية وتفوقت بفضل الله ثم بفضل حفظي للقرآن ودرايتي بعلومه .. لم يكتف الشيخ محمد بدر حسين بالتحاقه بالأزهر ولكنه عشق تلاوة القرآن فسرى حبه للتلاوة سريان الدم في عروقه فاتقن تقليد الشيخ مصطفى إسماعيل وقبل الدعوات البسيطة لإحياء المآتم والمناسبات والسهرات المتواضعة وهو ما بين الثانية عشرة والخامسة عشرة من عمره, كما كان لمشايخه بالمعهد الديني الأثر الأكبر في انتشاره كقارىء صغير حيث رشحوه لافتتاح كل احتفالاتهم الدينية بتلاوة القرآن أمام كبار الشخصيات والضيوف وعلماء الأزهر الشريف .. ولأن المعهد الديني بطنطا كان يستوعب الآلاف من الطلاب من أنحاء المحافظات .. استطاع الشيخ محمد بدر حسين أن ينتشر عن طريق زملائه الذين حرصوا على توجيه الدعوات إليه لزيارتهم ومشاركتهم إحياء بعض الحفلات في بلادههم. حصل الشيخ محمد بدر حسين على الشهادة الثانوية الأزهرية عام 1959م-1960م والتحق بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة التي التقى فيها بكثير من العلماء وكوكبة من القراء المشاهير , فسعد بانتقاله إلى بلد الأزهر الشريف واقترابه من الأضواء وعوامل الشهرة التي تطلع إليها منذ الصغر ليوظف موهبته توظيفاً مفيداً يستحق المزيد من الجهد والكفاح بصبر ومثابرة. بعد إلتحاقه بكلية أصول الدين بالقاهرة فكر في كيفية الالتحاق بالإذاعة التي كانت أملاً صعب المنال في ذلك الحين .. يقول الشيخ محمد بدر حسين : (( .. بعد انتقالي إلى القاهرة لم يستهويني شيء من بريقها بقدر ما تعلقت بمعالمها الدينية وخاصة الأزهر الشريف وجامعه الذي سيكون هو والمسجد الحسيني والمسجد الزيني أهم المنابر القرآنية التي فيها يتعرف عليّ المسئولون بعد ما أوفق في تلاوة القرآن امامهم وفي مجالسهم . كنت أقتنص أي فرصة تسنح لي لأتلو القرآن بأحد تلك المساجد ولو لمدة خمس دقائق .. كانت الرهبة في البداية تتملكني لهيبة المكان الذي يتردد عليه أساطين قراء القرآن الذي لا مجال فيه لقارىء غير متمكن وحتى الرواد بتلك المساجد ما هم إلا مجموعات من أجود المستمعين المتعصبين لنجومهم المفضلة من المقرئين الموهوبين السالف ذكرهم .. كان صعباً على هاو أو شبه قارىء التعرض لوضع نفسه في موقف لا يحسد عليه فيطلب السماح له بالتلاوة في مثل هذه المحاريب .. ولكنني بتوفيق من الله استطعت أن أصنع لي اسماً وشخصية قرآنية جعلت كثير من كبار المهتمين بتلاوة القرآن يشجعونني على التقدم للإلتحاق بالإذاعة كقارىء بها. الإلتحاق بالإذاعة : تقدم للإذاعة بطلب للإختبار أمام اللجنة .. صادف ذلك تقدم أكثر من مائة وستين قارئاً دفعة واحدة للإذاعة. ولأن التقدم للإذاعة من حق الجميع كان لا بد أن نرى مثل هذا العدد الذي تم تصفيته إلى أربعة قراء توافرت لديهم الشروط الواجب توافرها فيمن يتطلع إلى الشهرة والمجد عن طريق الإذاعة. يقول الشيخ محمد بدر حسين : ((.. تقدمت للإذاعة عام 1961م وكان عمري وقتذاك لا يتعدى أربعة وعشرين عاماً .. وتمت التصفية إلى أن أعتمد أعضاء اللجنة أربعة فقط من المئات التي تقدمت للإختبار أمام اللجنة التي لم تجز إلا هؤلاء : راغب مصطفى غلوش, عبدالعزيز علي فرج, محمد ساعي نصر الحرزاوي, محمد بدر حسين .. وكان القارىء الذي يمر على تلك اللجنة وينجح كان يعتبر فلتة من فلتات الزمان لأن اللجنة كانت تضم كوكبة من العلماء وكبار الإذاعيين والموسيقيين في مصر, حيث كانت اللجنة تتكون من المرحوم الإمام الأكبر الدكتور عبدالحليم محمود رئيساً ومن بين الأعضاء الشيخ أحمد السنوسي والمؤرخ الموسيقي الأستاذ محمد حسن الشجاعي والشاعر الأستاذ هارون الحلو والإذاعيين الأستاذ عبدالحميد الحديدي والأستاذ أمين عبدالحميد .. ودخلت اللجنة فانهالت عليّ الأسئلة من كل اتجاه في الحفظ والأحكام وعلوم القرآن .. وبعد أكثر من ساعة هنأني أعضاء اللجنة وقدموا لي بعض النصائح حتى أستطيع أن أحافظ على صوتي وأدائي للقرآن )). بعد التحاقه بالإذاعة ذاع صيته واصبح في مقدمة المشاهير, مكنه من ذلك مواصلته الدراسة بجامعة الأزهر الشريف وتخرجه في كلية أصول الدين عام 1968م .. مما أتاح له الفرصة لأن ينهل من علوم القرآن ما يؤهله لأن يتلوه عن علم ودراية بتمكن وجعله يجيد التحدث مع كل طبقات المجتمع ليخطو خطوات سريعة نحو الشهرة والعالمية لمكانته العلمية والثقافية إلى جانب موهبته في تلاوة القرآن بصوت عذب شجي جعل المسئولين يوجهون إليه الدعوات لإحياء المناسبات الكبرى داخل مصر وخارجها وأطلق عليه بعضهم كروان الإذاعة والقارىء المغرد والقارىء العالم والقيثارة . التدرج في الوظيفة : تدرج الشيخ محمد بدر حسين في السلك الوظيفي حيث عمل مدرساً بالمعاهد الأزهرية بمنطقة البحيرة ثم مدرساً أول بمعهد دمنهور الثانوي الأزهري إلى أن تم ترقيته عام 1980م للعمل بالتفتيش العام على المعاهد الأزهرية بالبحيرة والآن هو أحد الموجهين العموم بالمنطقة الأزهرية بمحافظة البحيرة .. لم يتقصر دور الشيخ محمد بدر حسين عند هذا العطاء العلمي والقرآني ولكنه شارك في المؤتمرات الكبرى بصفته عضواً بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية .. وكانت آراؤه واقتراحاته دائماً في صالح حفظة القرآن الكريم .. ولذلك وجدناه كثيراً ممثلاً لمصر في المسابقات العالمية والدولية كمحكم في كثير من دول العالم وقد ظهرت صوره كثيراً بالمحافل الدولية والعالمية بين الملوك والزعماء وكبار الشخصيات وكان نجماً ساطعاً يرفع راية مصر عالياً لاعتزازه بالعلم والقرآن وبأنه مصري يحب وطنه كثيراً .. وللشيخ محمد شخصية تميزه في أدائه وتلاوته بصوت شجي يستطيع السامع أن يميزه من أول لحظة مما يدل على أنه صاحب مدرسة فريدة لا ينافسه فيها أحد. خلال رحلته التي تقترب من نصف قرن من الزمان قضاها في تلاوة القرآن وخدمته .. استطاع الشيخ محمد بدر حسين أن يلتقي بأجلاء العلماء .. فتتلمذ على أيديهم ونهل من علمهم واستمع إلى نصحهم ولم يخل له حديث من ذكر مناقبهم وفضائلهم عليه وأنهم سبب قوي في تكوين شخصيته القرآنية وشهرته العالمية . وأول هؤلاء الكواكب التي أضاءت الطريق ومهدته أمام الشيخ محمد بدر حسين .. المرحوم العالم الجليل الشيخ المتين عبدالفتاح القاضي الذي كان يقول للشيخ محمد بدر حسين أنت (( ابني يا شيخ محمد )) .. وكانت هذه العبارة تعطي الشيخ محمد بدر دفعة نحو تحصيل العلوم القرآنية وتساعده على الإبداع في التلاوة لأن شهادة الشيخ القاضي كانت بمثابة وسام على صدر كل من يعترف به الشيخ القاضي . ذكريات لا ينساها : ومن الذكريات التي لن ينساها الشيخ محمد بدر حسين .. عام 1962م دعي لإحياء احتفال بمدينة دمنهور في حضور كبار المسئولين يتقدمهم السيد / المحافظ وجيه أباظة.. وكان الشيخ مصطفى إسماعيل هو قارىء الحفل الأول فاستقبله السيد المحافظ استقبالاً رسمياً واحتفى به أيما احتفاء. وكان الحفل محشوداً بالشخصيات الدينية وكبار المسئولين .. ولكن السيد المحافظ فوجيء بالشيخ مصطفى إسماعيل يسلم على أحد الشيوخ الحاضرين ويقبل يده فسأل السيد المحافظ عن هذا الرجل الذي قبل الشيخ مصطفى إسماعيل يده .. فقيل له إنه الشيخ عبدالفتاح القاضي أكبر عالم قراءات في مصر وفي العالم كله .. وهو أستاذ المشايخ كلهم. فقال المحافظ: وهل لهذه القراءات معهد تدرّس فيه فقيل لسيادته لا يوجد إلا بالقاهرة . فأمر المحافظ بإنشاء معهد للقراءات بدمنهور تكريماً للشيخ القاضي ليكون ثاني معهد للقراءات بمصر بعد معهد قراءات القاهرة في ذلك الوقت .. ومن العلماء الأجلاء الذين تتلمذ الشيخ محمد بدر حسين على أيديهم الإمام الراحل الأستاذ الدكتور عبدالحليم محمود الذي تتلمذ الشيخ محمد بدر على يديه بكلية أصول الدين .. والذي عندما تولى مسئولية الإمام الأكبر وشيخ الأزهر .. والتقى الإمام بتلميذه في احتفال رسمي كانت سعادته كبيرة بتلميذه محمد بدر حسين وهو يتلو القرآن عبر موجات الإذاعة والتليفزيون والعالم كله يستمع إليه .. ومن العلماء الذي الذي أثروا في شخصية الشيخ محمد على حد قوله فضيلة الشيخ رزق خليل حبه شيخ عموم المقارىء المصرية والذي يعد أستاذاً للشيخ محمد بدر في علوم القرآن. السفر إلى معظم دول العالم : بدأت رحلته مع كتاب الله عز وجل خارج مصر منذ عام 1963 وكان سنه 26 سنة كان مبعوثاً إلى الهند وباكستان .. وسافر إلى الجزائر عام 1964م وقرأ بأشهر مساجدها .. وفي عام 1966م سافر إلى اليمن وعام 1967 سافر إلى تونس وقرأ بأكبر مساجدها وفي عام 1970م سافر إلى السودان . وتم اختياره عام 1970م ليكون عضواً بلجنةالتحكيم بماليزيا في المسابقة الدولية التي أقيمت هناك لاختيار الأول على العالم في حفظ القرآن وتجويده , وكان سنه 33 سنة فكان اصغر محكم ولكنه كان كبيراً بعلمه .. ومن عام 1972م إلى عام 1974م وجهت إليه الدعوات من الحكومة البحرينية لإحياء شهر رمضان لتعلق أهلها بحسن تلاوته .. بعدها سافر عام 1975م إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقرأ بأكثر من عشر ولايات بدعوات وجهت إليه من الجاليات المسلمة هناك . سافر إلى الكويت عام 1977م بدعوة من حكومتها لإحياء ليالي شهر رمضان . وبعد 12 سنة قضاها الشيخ محمد متنقلاً بين أكبر المساجد والمراكز الإسلامية في معظم قارات الدنيا .. عاوده الشوق والحنين إلى مساجد آل بيت النبي (ص) وإلى جمال أيام وليالي شهر رمضان وحلاوتها ومتعتها بمصر والتي لا تعادلها متعة في الوجود, فاعتذر عن عدم قبول عشرات الدعوات التي جاءته من مختلف دول العالم .. ولأن الحب والتكريم يجب أن يقابل بمثله, سافر إلى دولة الإمارات عام 1990م لإحياء شهر رمضان وإلى البرازيل عام 1991م و 1994م ثم عاد لإحياء شهر رمضان عام 1996م بدولة الإمارات العربية . وللشيخ بدر حسين مع هذه الأسفار المتعددة ذكريات لا تنسى .. في الهند عام 1963م كان بصحبة الشيخ الحصري لإحياء ليالي شهر رمضان بالعاصمة (( نيودهلي )) وكان بها مسجد يسع لأكثر من 25 ألف مصلٍ .. وكانوا يستمعون إلى القرآن وهم يقفون على أقدامهم لأكثر من ساعتين ويبكون بصوت مسموع من شدة تأثرهم بتلاوة القرآن مع أن معظمهم لا يفهم اللغة العربية ولكن هذا سر إعجاز القرآن الكريم, الذي ينفذ إلى القلوب بجلاله وجماله وموسيقاه الطبيعية المرسلة التي ليست من صنع البشر. والمنظر الذي أثر في كيان الشيخ بدر هناك عندما رأى ((المحرقة)) وألسنة النار تلتهم أجساد الموتى من البشر. وفي تونس عام 1967م قضى الشيخ محمد بدر حسين أمتع أيام حياته من شدة اهتمام التوانسة بسماع القرآن والإحتفاء بالقارىء والأعداد التي تقدر بالآلاف ولكن لم تكتمل البهجة بعد 16 يوماً من الرحلة. ففي المسجد الكبير بالعاصمة أقيم احتفال رسمي كبير حضره الرئيس الراحل ((الحبيب بورقيبة)) بمناسبة ذكرى ليلة بدر يوم 16 رمضان وكان الإحتفال مذاعاً عبر موجات الإذاعة وشاشات التليفزيون وطلب الحاضرون من الشيخ بدر الإستمرار في التلاوة بناء على رغبة الرئيس بورقيبة وبذل الشيخ بدر جهداً مضاعفاً لدرجة أن الدم نزف من أنفه في نهاية القراءة.. إنشغل الشيخ بدر بسبب ما حدث وقال في نفسه لابد أن حدث شيء لعزيز لديّ بمصر وانشغل على والده كثيراً فاتصل بأهل زوجته بالمحلة الكبرى فلم يجدهم فاتصل بالجيران فأخفوا عنه خبر وفاة أبيه فقال لهم يبدو أن والدي (( مات )) وعاود الإتصال فلم يعلمه أحد بخبر وفاة أبيه إلا بعد عودته .. ليجد أن القدر حال بينه وبين رؤية أبيه الذي كان بدراً فارق الحياة ليلة بدر ليتعانق البدران, الذكرى والإنسان فأصبح احتفال الشيخ محمد بدر بليلة السابع عشر احتفالاً قرآنياً يقرأ فيه القرآن على روح والده الطاهرة وعلى أرواح شهداء بدر الأبرار. وفي عام 1970م سافر الشيخ محمد بدر حسين إلى دولة ماليزيا لإحياء ليالي شهر رمضان وتم اختياره ضمن لجنة التحكيم بالمسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم بين أوائل الحفظة على مستوى دول العالم وأقيمت المسابقة باستاد ماليزيا الرياضي الذي أعد وجهز بأعلى الإمكانات لانعقاد المسابقة وفي المدرجات يجلس آلاف المسلمين للإستمتاع بما يتلى من قرآن في المسابقة والتي تقدم للحاضرين فيها ملك ماليزيا. وفي عام 1989م وجهت إليه الدعوة لافتتاح مسجد (( الملك عبدالله )) جد الملك حسين وفي نفس العام سافر إلى العراق كعضو بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ممثلاً للجنة القرآن وعلومه في مؤتمر ( السلام في الإسلام ) الذي انعقد في بغداد وبدأت أولى جلسات المؤتمر بتلاوة آي الذكر الحكيم للقارىء الشيخ محمد بدر حسين. وفي عام 1994م سافر الشيخ محمد بدر حسين إلى دولة الإمارات لإحياء ليالي شهر رمضان في (( أبوظبي )) حيث سعد بصحبة الشيخ أحمد الرزيقي والشيخ محمد صديق المنشاوي . تكريم الشيخ محمد بدر حسين خلال أسفاره المتعددة : أعز ما حصل عليه من تكريم خلال هذه الرحلات المتعددة هو جسور الصداقات التي أقيمت بينه وبين الآلاف من المسلمين وأعضاء الجاليات الإسلامية بالخارج , بالإضافة إلى بعض الهدايا التذكارية التي قدمت إليه من بعض الملوك والرؤساء والمسئولين أقربها إلى قلبه قطعة من كسوة الكعبة أهداها له الملك فهد بن عبدالعزيز الذي وجه إليه الدعوة لحضور غسل الكعبة وتبديل كسوتها . وكذلك أعطاه خادم الحرمين تسجيلاً كاملاً للقرآن بصوت الشيخ الحذيفي .. قدم له ملك ماليزيا ( الزي الرسمي الماليزي ) وهو زي الملك إهداءً وتقديراً لدوره كعضو بلجنة التحكيم بمسابقة القرآن العالمية بالإضافة إلى طبق من الفضة مكتوب عليه تاريخ المسابقة .. وقدم له الرئيس بورقيبه عام 1967م ساعة يد من الذهب الخالص كهدية تقديراً لجهوده في مجال خدمة القرآن وتلاوته .. وأهداه الملك حسين ملك الأردن ساعة يد قيمة جداً أثناء حضوره الإحتفال بافتتاح مسجد الملك (( عبدالله )) وأعظم منحة قدمت إليه عندما طلب منه المسئولون بالمركز الإسلامي بواشنطن أن يكون شاهداً على اعتناق خمسة أشخاص للدين الإسلامي ونطقوا أمامه شهادة .. (( أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله )). حبه لآل بيت الرسول (ص) وأولياء الله الصالحين : إذا طفت معه بالحديث حول عترة رسول الله (ص) أو الأولياء تجد لسانه يقطر كلمات تعطر أطراف الحديث بجلالها ووقارها وعذوبتها, تدل على تعلقه بهؤلاء الأتقياء الأولياء.. ولذلك تمسك بالقراءة في مساجدهم . حيث بدأ بالتلاوة كقارىء للسورة كل يوم جمعة بمسجد السيدة (( سكينة )) بنت الإمام الحسين (ع) لمدة 23 عاماً منذ عام 1970م بعد وفاة قارىء المسجد المرحوم الشيخ طه الفشني. انتقل في نهاية عام 1993م إلى مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي ليقرأ السورة كل يوم جمعة. .. حتى يعود إليه قارئه الشيخ راغب مصطفى غلوش الذي ترك المسجد لأن محافظ كفر الشيخ وقتذاك أراد أن يتدخل في عمله فأخذته عزة القرآن وأبى على نفسه هذا التدخل وانتهى الأمر إلى صدور قرار أبعد الشيخ راغب عن مسجده وآلاف من محبيه ثلاث سنوات عاد بعدها عزيزا بعزة القرآن وبالمساعي التي بذلتها نقابة القراء وخاصة النقيب والأمين العام. وهنا يسجل موقف لفضيلة القارىء الشيخ محمد بدر حسين عندما كان أول المهنئين لزميله وأخيه وصديقه الشيخ راغب على عودته لقراءة السورة بمسجده مرة ثانية, وذلك في أول شهر مايو من العام الحالي 1996م. أسرة الشيخ محمد بدر حسين : إن البدر لا ينتج إلا النور وخاصة عند اكتماله ليضيء الدنيا وليس غريباً أن يكون هذا البدر المحمدي الحسيني مصدر نور في مملكة تغذى طاقمها بزاد القرآن ورحيقه وعذب كلامه شاركه في صياغة كواكب هذه المملكة وتلك النجوم الزاهرة سماء حملت النجوم الأربعة وقدمت لهم الرعاية الكاملة المستمدة من البدر القرآني والتوصيات المحمدية ليخيم جو رطب على هذه الأسرة التي تشع أخلاقاً كريمة وقيماً نبيلة. فالأبن الأكبر ضابط الشرطة صاحب الخلق الرفيع الرائد أحمد محمد بدر حسين رئيس حرس جامعة الأزهر فرع البحيرة. لا يفارق والده عند الإحتفالات الرسمية والدينية وخاصة أثناء تلاوته سورة الجمعة وهو جامع تراث والده ويهتم بكل صغيرة وكبيرة يسلجها كتاريخ قرآني علمي لوالده. وأما الإبن الثاني ضابط الشرطة النقيب محمود محمد بدر حسين فهو يسر على درب أخيه وشقيقه الأكبر أحمد يقتدي به وكلهم اقتدى بالقرآن الذي تلي في بيتهم ليل نهار .. بكرة وأصيلا. ولدى الشيخ محمد بدر حسين بنتان متزوجتان الأولى أمل والثانية إيمان محمد بدر حسين وكم تغمره السعادة عندما يجلس بين أحفاده وخاصة المسمى باسمه الطفل محمد أحمد بدر حسين نجل الضابط أحمد والدكتوره سحر حلمي .. وكذلك الحفيدة دينا ابنة المهندس المعماري سامي أحمد زوج السيدة أمل محمد بدر حسين. يقول الشيخ محمد بدر حسين بعد هذه الرحلة العظيمة : إن حملة القرآن وحفظته هم أهل الله وخاصته .. إذا عملوا بما استأمنهم عليه رب العزة وما منحهم من خير في الدنيا والآخرة .. ويقول : إن الفضل كله لله ثم لوالدي ورضائهما عليّ ثم لأصحاب الفضيلة من العلماء الذين تركوا بصمات واضحة في حياتي كانت سبباً في هذا الفضل الرباني والنعمة الإلهية والخير القرآني .. اللهم اجزهم عما قدموا لي خير الجزاء اللهم آمين. | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 01:50 | |
|
الشيخ محمد عبدالعزيز حصان ولادته : ولد القارىء الشيخ محمد عبدالعزيز حصّان قارىء المسجد الأحمدي بطنطا, يوم 28 أغسطس عام 1928م في قرية ((الفرستق)) بمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية, التي أنجبت الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ الحصري. والاثنان من قراء الرعيل الأول بالإذاعة المصرية وكل منهما عميد لمدرسة قرآنية فريدة .. ويذكر لهما التاريخ القرآني أنهما وضعا محافظة الغربية على الخريطة العالمية في مجال تلاوة القرآن الكريم . حفظ الشيخ حصّان القرآن الكريم وهو ابن السابعة ساعده على ذلك تفرغه الكامل لحفظ القرآن الكريم بسبب فقد البصر, فكان ذهنه متفرغاً لشيء واحد وهو حفظ كتاب الله عز وجل .. بدأت علامات النبوغ والذكاء تظهر عليه وهو طفل صغير مما دفع الشيخ علي زلط الصديق المخلص للحاج عبدالعزيز – لأن يشجعه على الذهاب بابنه (( محمد )) إلى كتّاب الشيخ عرفه الرشيدي رحمه الله ليحفظه القرآن الكريم . كانت قرية (( قسطا )) المجاورة لقرية (( الفرستق )) قرية مشهورة نظراً لوجود كتّاب الشيخ عرفه الرشيدي بها. وكان الشيخ محمد يتردد كل يوم على الكتّاب سيراً على الأقدام بصحبة والده المرحوم الحاج عبدالعزيز. يقول الشيخ الحصّان: (( .. ولأنني كنت غير مبصر لقبني أهالي المنطقة بالشيخ محمد رغم صغر سني فكنت أشعر بالفخر والاعتزاز بالنفس والوقار والرجولة المبكرة, وأنا في الخامسة من عمري, وكنت محباً للقرآن بطريقة لا حدود لها جعلت الناس ينظرون إليّ نظرة تقدير واحترام, في البيت وفي القرية وفي الكتّاب مما زادني حباً للقرآن وحفظه, وهنا فطنت إلى أنني لا أساوي شيئاً بدون القرآن الذي به سكون في أعلى عليين وعلى قمة المجد والعز في الدنيا والآخرة .. كل ذلك شجعني وقوى عزيمتي وإرادتي على حفظ كتاب الله في فترة وجيزة قبل أن أكمل سن السابعة. كل ذلك بفضل من الله عز وجل الذي أدين له بالفضل كله والخير كله. لم يتوقف طموح هذا الفتى الموهوب عند هذا الحد من التفوق, ولكنه كان دؤوباً صابراً جلداً طموحاً في الوقت نفسه متفائلاً لا يعرف اليأس إليه طريقاً. تعلم القراءات السبع وحفظ الشاطبية في مدة لا تزيد على عامين فقط فأصبح عالماً بأحكام القرآن قبل العاشرة من عمره ليثبت للجميع أنه يستحق أن يلقب بالشيخ (( محمد )) . لم يكتف بهذا الإنجاز الذي كان حلماً يراود أباه والمقربين إليه من الأهل والجيران والأصدقاء . وإنما ظل يتردد على الشيخ عرفه ليراجع عليه كل يوم قدراً من القرآن لعلمه بأن القرآن يحتاج إلى مراجعة دائمة حتى لا يفر من صاحبه, لم ينل الجهد ومشقة السير من الشيخ محمد الذي كان ييسر على نفسه طول المسافة بين قريته وقسطا فكان يتلو القرآن بصوت وتجويد وتنغيم بالسليقة التي اكتسبها عن طريق سماعه لمشاهير قراء الرعيل الأول بالإذاعة متخيلاً أنه أحد هؤلاء القراء وكان الشيخ عرفه يطلب منه بعد المراجعة أن يتلو بعض الآيات بصوته الجميل العذب حتى يدخل الثقة بنفسه ويعلمه أحكام التلاوة التي ستمكنه من القرآن وتلاوته. يقول الشيخ حصان : (( كنت منطوياً على نفسي وأنا صغير قليل الأصدقاء ومجالسة الناس, لأنني كنت مشغولاً بحفظي للقرآن وتلاوته في سهرة بسيطة إن وجد. وكنت حريصاً على الصلاة في وقتها بالمنزل وأحياناً بالمسجد. ولأن شيخي كان فخوراً بي كتلميذ له كان يتتبع خطواتي نحو المستقبل فلم ينقطع سؤاله عني وزيارته لي والمراجعة التي هي الأساس المتين للذي يريد أن يتمكن من القرآن وذات يوم قال لي الشيخ عرفه: يا شيخ محمد لي صديق اسمه عبدالرحمن بك رمضان وجّه لي دعوة لحضور حفل ديني سيحضره مشاهير القراء فما رأيك لو حضرت معي هذه السهرة وتقرأ لك عشر حتى يتعرف عليك كبار الموظفين ومشاهير القراء إنها فرصة طيبة فوافقت وذهبت مع الشيخ عرفه وقرأت ما تيسر من القرآن فأعجب بي الحاضرون وخاصة عبدالرحمن بك رمضان لأنه كان مستمعاً متخصصاً وعلى خبرة ودراية كبيرة بفن التلاوة فقال عبدالرحمن بك ياشيخ عرفه الولد الممتاز الذي قرأ الآن اسمه إيه فقال اسمه محمد عبدالعزيز ومن الفرستق قال يا شيخ عرفه اهتم به لأن مستقبله كبير جداً وستثبت الأيام ذلك, وهو أمانة في عنقك ومرت الأيام بحلوها ومرها وكانت عناية الله تلازمني أينما كنت وتحققت نبوءة الرجل وأصبحت كما قال بفضل لله عز وجل )). قلنا إن وجود عملاقين بالمنطقة التي نشأ بها الشيخ حصّان هما الشيخ مصطفى والشيخ الحصري كانا بمثابة أصل تفرع عنه فرع أورق أثمر ثمراً طيباً إغتذى منه الجميع فالشيخ مصطفى إسماعيل رحمه الله كان أحد اثنين أثرا في الشيخ حصّان الذي قلده في البداية وتعلق به وبطريقة أدائه حتى أنه كان متيماً به شغوفاً بسماعه لدرجة دعته يرى في المنام أنه جالس على كرسي القراءة ويقرأ كما لو أن الشيخ مصطفى هو صاحب الصوت والآلاف يجلسون أمامه يستمتعون بحسن تلاوته ويرددون عبارات الإعجاب والتشجيع صادرة من أعماق القلوب, ويستيقظ الشيخ حصّان على حد قوله. بعد مشوار طويل مع تلاوة القرآن على مدى خمسة عشر عاماً منذ سن الخامسة عشرة وحتى الثلاثين قضى الشيخ حصّان خمسة عشر عاماً قارئاً للقرآن في المآتم والسهرات والمناسبات المختلفة استطاع خلالها أن يبني مجداً وشهرة بالجهد والعرق والإلتزام وعزة النفس والتقوى في التلاوة .. مع الحفاظ على شيء غال لا يكلف صاحبه شيئاّ هو حب الناس. فاصبح هو القارىء المفضل للقاعدة العريضة من الناس بعد رحيل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ الحصري لأنه انفرد بعدة مميزات أهلته لأن يكون صاحب مدرسة في فن التلاوة وحسن الأداء وجماله وعذوبة صوته ليلتحق كثير من القراء الغير إذاعيين بمدرسته وقليل من الإذاعيين يحاول أن يستعين ببعض وقفه الذي تميز به والذي جعل أحد الدارسين بالجامعة والباحثين في علوم القرآن يحصل على رسالة الدكتوراة عن الشيخ حصّان في الوقف والابتداء تحت عنوان التصوير النغمي للقرآن الكريم ( علم التنغيم ) عام 1990م وهو الدكتور العيسوي محمد نجا بجامعة الملك عبدالعزيز آل سعود بالمملكة العربية السعودية ولنا هنا وقفة يحق لنا أن نقول فيها : أستاذ الوقف والابتداء والتلوين النغمي : يميز الشيخ حصّان بدايته بقوة تهز المشاعر وتخطف الألباب وتنخلع بها الأفئدة لينذر الغافل ويوقظ القلب الساكن لتطير روح السامع معه في ملكوت آي الكتاب الخالد بإبداع صوت دافىء معبر خاشع رقيق تقشعر منه الجلود وتظهر براعة وموهبة الشيخ حصّان الفذة في شدة إحكام وقفه الذي لا يخل بالمعنى ولا بالإحكام فيعطيك معنى جديداً وكأنه يفسر القرآن تفسيراً يتفرد به تجعلك تقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله . ولقد أطلق عليه القارىء الفقيه لأنه يبتكر جديداً في الوقف الذي لم يجرؤ أيّ أحد عليه لأنه يحتاج إلى براعة وإحساس وتلوين تنسحب معه الأرواح التقية. بعد هذا التألق وهذه الشهرة وكفاح ومثابرة كان لا بد من أن ينتقل الشيخ حصّان من (( الفرستق )) إلى مدينة كفر الزيات لسهولة الإتصال بجماهيره ومحبيه وعشاق فنه والإستماع إلى تلاوته . بعد هذا التحرك إلى مدينة كفر الزيات دخل الشيخ حصّان دائرة التنافس بقوة واقتدار مع عدد من مشاهير القراء أمثال الشيخ غلوش والشيخ الزامل وغيرهم من الكبار والشيخ سعيد عبدالصمد الزناتي وكلهم كانوا أصحاب مدارس لا يستهان بهم ورغم ذلك لم نسمع أن أحدهم خرج من سهرة وهو على خلاف مع زميله مع شدة وضراوة المنافسة التي كانت تشبه المواقع الحربية كانت كل سهرة بمثابة موقعة تسمى وتعرف بالزمان والمكان لأن طرفيها كانا اثنين من هؤلاء إن لم يكونوا ثلاثة فما ظنك عزيزي القارىء بسهرة تضم اثنين أو ثلاثة من هؤلاء أثناء العصر الذهبي لهم جميعاً. وكلهم يشهد بمدى الحب والإحترام والتقدير فيما بينهم. حفلت منطقة الوجه البحري بهؤلاء وغيرهم من أساطين القراء في الستينيات والسبعينيات وكانت المنافسة بينهم شريفة يحكمها العقل والخلق النبيل كما يذكر الشيخ حصّان. يقول الشيخ حصان: (( .. وهكذا تعلمنا من المرحوم الشيخ مصطفى إسماعيل والمرحوم الشيخ الحصري الذي كان لما يأتي إلى قريتنا أو قرية مجاورة لنا لإحياء سهرة, كان يطلب مني أن أقرأ معه ويقول يا شيخ محمد نفسي أسمعك ولو عشر دقائق وبالمرة تساعدني لأنني مجهد , فاشعر أن الشيخ الحصري لا يريد المساعدة لأنه ليس مجهداً ولكنه يريد أن يشجعني ويرفع من حالتي المعنوية بأسلوب رفيع جداً لا يصدر إلا من أمثاله الكبار الواثقين بأنفسهم وقدراتهم فالشيخ الحصري رحمه الله كانت لديه الإمكانات التي تؤهله وتساعده على أن يقرأ لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة بلا ملل او كلل, وعندما كان يشعر بأنني إقتربت من الختام كان يطلب مني أن أستمر في التلاوة ليشعرني بأنني قارىء كبير مثله رغم صغر سني, (( معاملة رقيقة مغلفة بخلق قرآني جليل )) ذاع صيت الشيخ حصّان واتسعت شهرته, فالموهبة لا تعرف الحدود ولا المسافات, تطير بصاحبها فتسابق الرياح وتناطح السحاب وخاصة إذا كانت لواحد مثل القارىء الموهوب الشيخ حصّان: قبل أن يلتحق بالإذاعة تدفقت عليه الدعوات من كل محافظات مصر, وفي إحدى السهرات بمدينة كفر الزيات تألق الشيخ حصّان وكان الأستاذ عبدالرحمن سلامه أحد الحاضرين فانبهر بالمستوى العالي والأداء القوي والصوت المعبر المؤثر الشجي لهذا القارىء الفذ فأشار عليه بالتقدم للإذاعة ليكون قارئاً بها. الإلتحاق بالإذاعة : يقول الشيخ حصّان : (( .. وأثناء القراءة في مأتم والد الأستاذ عبدالرحمن سلامه بكفر الزيات قال لي يا شيخ محمد أنت لا تقل شيئاً عن مشاهير القارء بالإذاعة فلما لم تتقدم للإذاعة لتقرأ بها حتى يسمعك الملايين من الناس, فقلت له: يا أستاذ عبدالرحمن عندما يحين الموعد ويأذن ربنا, فقال ومن يعلم, قد تكون مشيئة الله هي التي جعلتني أحدثك في هذا الموضوع, يا سيدي لي صديق وزميل في العمل بديوان الموظفين بالقاهرة ويعرف المسئولين بالإذاعة ومن الممكن أن نساعدك كلنا حتى تكون قارئاً بالإذاعة لأنك تتميز بكل المؤهلات التي تمكنك من دخول الإذاعة, وفعلاً كتب الأستاذ عبدالرحمن الطلب وقدمه بنفسه نيابة عني وجاءني خطاب بموعد الاختبار أمام لجنة القراء في يناير 1964م. ولكن اللجنة أعطتني مهلة لمدة 6 شهور عدت بعدها للاختبار بعد ما نفذت النصائح التي قدمها لي بعض أعضاء اللجّنة بكل دقة وكانت نصائح مفيدة جداً تقبلتها بارتياح واعتبرتها تفضلاً من أصحاب الفضيلة وتوجيها رشيداً أثقلني ومكنني وأفادني وجعلني أحصل على مرتبة الإمتياز في الاختبار الثاني وكان عام 1964م بداية لتاريخي الإذاعي الذي به عرفني الملايين من خلال تلاوتي لقرآن الفجر والجمعة والمناسبات المختلفة. لم تغير الإذاعة من معاملة الشيخ حصّان لعشاق فن أدائه وسماع صوته ولم تضف جديداً إليه لأنه منذ كان طفلاً كان يشبه المشاهير من القراء في كل شيء وخاصة حسن المظهر وعزة النفس وقوة الشخصية التي استمدها من عظمة كتاب الله بالإضافة إلى جمال الصوت ومواهب متعددة ظهرت خلال أدائه العالي الرشيق المحكم الموزون. المسجد الأحمدي : للشيخ حصّان ذكريات مع مدينة طنطا يقف عندها خاشعاً باكيا .. بها حافظ على القرآن بتعلم علومه وتجويده وبها يلتقي مع عشاق صوته والاستماع إليه مرة كل اسبوع وبها حظي بالخير كله عندما جاءه تكليف بأن يكون قارئاً للسورة بأشهر مساجد مصر يقول الشيخ حصّان : .. ومن حسن حظي أن منّ الله عليّ وجعلني خادماً للقرآن وقارئاً له. الحاج عبدالغني : نظراً لظروف الشيخ حصّان والتي ترتب عليها فقد البصر وهو صغير كان لابد أن يكون هناك جندي ليس مجهولاً لاعتراف الشيخ حصّان بأنه جزء منه لا يتجزأ وساعده الأيمن وعلى حد أدب الشيخ حصّان في التعبير : هو بمثابة المصحف الذي أعتمد عليه في مراجعة القرآن ومن منا يجرؤ على الاستغناء عن متابعة القرآن بالمصحف الشريف .. ودائماً والكلام للشيخ حصّان – أدعو الله أن يجزي الحاج عبدالغني من حفظة القرآن الكريم المجيدين بإتقان لأحكامه وهو دارس لعلوم القرآن وقراءاته. السفر إلى دول العالم لإحياء شهر رمضان والمناسبات الدينية : كانت له جولات على المستوى الدولي فسافر إلى كثير من الدول العربية والإسلامية وخاصة دول الخليج العربي التي تعتبر هو الوطن الثاني بعد مصر في قلب الشيخ حصّان لأنه كان يشعر بالحب والأمان بينهم ولم يشعر هناك بالغربة نظراً لحسن المعاملة وشدة الإعجاب والتقدير لأهل القرآن . يقول الشيخ حصّان : ... وسرني في رحلاتي إلى دول الخليج العربي فرط تقديرهم لقراء القرآن المصريين ومعسول كلامهم عن كوكبة الرعيل الأول من قراء الإذاعة المصرية وشدة حبهم لهؤلاء القراء أمثال الشيخ عبدالباسط الذي يعتبر جبلاً شامخاً في نظرهم والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد المنشاوي والشيخ البنا والشيخ النقشبندي رحمهم الله وغيرهم من أصحاب الفضيلة وخاصة فضيلة الشيخ أبوالعينين شعيشع الثمرة الزكية من بستان ما زلنا نستنشق عبيره المادي من خلال زهرة تستحق التكريم صباح كل يوم اسمها (( أبوالعينين شعيشع )). أسرة الشيخ محمد عبدالعزيز حصّان : إن السعادة كلها ليست في الشهرة وحب الناس فقط وإنما يضاف إلى ذلك القرآن والدفء العائلي لأن المال والبنون زينة الحياة الدنيا كما جاء في القرآن الكريم وأغلى اللحظات وأمتعها في حياة الشيخ حصّان هي لحظات يجتمع فيها أفراد أسرته في وقت واحد بمنزله بكفر الزيات وخاصة الأحفاد الذين يطوفون حوله كطواف الحجيج حول الكعبة الشريفة لا يشعر الطائف بمشقة الطواف ولا هي تمل الملايين من الطائفين الذين كلما طاّفوا زاد النور وتصاعدت أعمدته إلى السماء هكذا الشيخ حصّان كلما ازداد مرح أحفاده حوله طارت نفسه فرحاً وسروراً والحب المتدفق من قلب الشيخ حصّان يجعل أنهاراً من البر تتدفق عليه من كل أفراد أسرته فتروي قلبه وتنعش روحه فتساعده على الإبداع في التلاوة, كلهم يهتم بتاريخه ومشوار حياته ويعمل على راحته وإدخال السرور عليه وخاصة المهندس إبراهيم محمد عبدالعزيز حصّان زاده الله بسطة في العلم والصحة لما يقدم لأبيه من بر وطاعة وما يقدم للمسلمين ومحبي الشيخ حصّان من تسجيلات وتراث حصّاني يزيد على 10 آلاف ساعة, ولم يترك المهندس إبراهيم تلاوة طويلة كانت أم قصيرة إلا وقام بتسجيلها تسجيلاً رائعاً نقياً واضحاً ولم يترك مناسبة رسمية أو غير رسمية إلا وقام بتسجيلها. وإذا سألت الحاجة وفاء عن تاريخ أبيها الشيخ محمد عبدالعزيز حصّان فعليك أن تطمأن كل الاطمئنان لأنك ستحصل على تاريخ صريح كامل تام ترويه بطريقة تنبىء عن مدى تعلقها بحياة أبيها القرآنية وحبها لوالدها البار يؤيدها وينافسها في ذلك زوجها الأستاذ محمد عبده الموظف الكبير ببنك التنمية والإئتمان الزراعي بكفر الزيات وابنها عبدالمنصف الطالب بالمعهد العالي للتكنولوجيا قسم بصريات. أما الضابط محمد محمد حصّان وما يتمع به من هدوء يحسد عليه فيكتفي بما حباه الله من أخلاق كريمة وأدب رفيع – بما يدور حوله مؤيداً هذا كله ويكون دائماً على أهبة الاستعداد لتنفيذ ما يطلبه منه والده الشيخ حصّان, وكذلك الحاجة مايسة وزوجها العقيد سيد محمد جمعه. والحاجة هناء وزوجها رجل الأعمال الأستاذ محمد رأفت, والأستاذ هشام محمد حصّان فيعمل مدرساً بالمملكة العربية السعودية ويتابع والده عن طريق الإذاعة ليل نهار والثلاثي المتقارب فكراً وقولاً وعملاً وأمانة وصدقاً, والذي يتمثل في الأشقاء (( الشافعي )) و (( رضا )) و (( أحمد )) أصحاب ( شركة أبناء الشيخ حصّان لقطع غيار مازدا ) . ولقد اختار الأبناء الثلاثة: الأستاذ رضا والأستاذ أحمد والأستاذ الشافعي طريق التجارة فحصلوا على توكيل مازدا لقطع غيار السيارات بمقر الشركة بعمارة الشيخ حصّان بمدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية, وذلك بعد حصولهم على المؤهلات الدراسية. ولم يفتهم أن يلتمسوا النور القرآني والبركة الحصّانية, فجعلوا اسم أبيهم عنواناً للشركة, وإن كان هذا الاسم وهذا العنوان قد فرض عليهم معاملة خاصة – هم سعداء بها – مع كل من يتعامل معهم بيعاً وشراء, يكتفون بهامش ربح بسيط, تنفيذاً لتعليمات وإرشادات أبيهم المستمرة, بالسماحة, والقناعة والرضا بما قسم الله. وأما الأمانة فقد فرضت ظلالها الوارفة وقيمها الفاضلة عليهم بقوة. وذلك لأنهم نبتوا في بيت قرآن فطاب نبتهم أصلاً وفرعاً فاتقوا ربهم خوفاً وطمعاً .. يرجع الفضل في ذلك إلى حسن تربية أبيهم لهم فجزاك الله خيراً يا شيخ حصّان. هذه القصيدة التي تؤكد مدى حب المثقفين لفن وشخص الشيخ حصّان وهي من تأليف الأستاذ حامد الشريف موجه اللغة العربية بإدارة طنطا التعليمية (( سابقاً ))
عدل سابقا من قبل جاسمين في الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 09:53 عدل 1 مرات | |
| | | خوخه فلسطين .
عدد المساهمات : 1660 تاريخ التسجيل : 07/06/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 09:42 | |
| بارك الله فيكي فضيلة الشيخ صلاح البدير جاسمين جعله الله في ميزان حسناتك بارك الله فيكي على المجهود القيم الذي قدمته اسال الله العلي القدير لكي الاجروالثواااااااب | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 10:06 | |
| تسلمى يا خوخة على مرورك القيم
جزاكِ الله كل خير | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 10:07 | |
| الشيخ محمد عبدالوهاب الطنطاوي ولادته : ولد القارىء الشيخ محمد عبدالوهّاب الطنطاوي يوم 3/10/1947م بقرية النسيمية مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية .. حفظ القرآن الكريم قبل بلوغه العاشرة من العمر. وكانت هذه هي أمنية والده المرحوم الحاج عبدالوهاب الطنطاوي, الذي وهب هذا الابن للقرآن ولذلك أسماه محمداً . ولما مرض الطفل محمد وهو ابن الثانية ذهب به أبوه إلى أحد الأطباء المشهورين بمدينة المنصورة فسأله الطبيب عن اسم الابن فقال الحاج عبدالوهاب: اسمه محمد عبدالوهاب وخير الأسماء ما حمّد وما عبّد, ويكفي أن اسمه (( محمد )) تيمناً وتبركاً بسيدنا رسول الله (ص). ومن هنا يتضح أن الفطرة السليمة, والنزعة الدينية القوية موجودة لدى الحاج عبدالوهاب مما يؤكد أنه وهب هذا الطفل لخدمة كتاب الله عز وجل. بعدما بلغ الطفل (( محمد )) السابعة من عمره ألحقه أبوه بالصف الأول الإبتدائي بقريته (( النسيمية )) مركز المنصورة حتى يكون في صفوف المتعلمين المثقفين أصحاب الوظائف المرموقة في مجتمع ريفي يفخر بأبنائه ويعتز بهم وخاصة إذا كانوا رجال دين وأهل قرآن .. أقبل الفتى القرآني الموهوب محمد عبدالوهاب على حفظ القرآن بكل جوارحه وما وهبه الله من ذكاء وهدوء وتواضع ومقومات مكنته من كتاب الله عز وجل. أحب القرآن وأقبل عليه فاقترب القرآن منه وضمه إليه بحنان فاحتضن المصحف وقربه من قلبه وروحه فاصطفاه الله وأورثه كتابه. بعد حصوله على الشهادة الابتدائية بتفوق عام 1958-1959م التحق بالمعهد الديني بمدينة المنصورة ليتلقى العلوم الدينية ليكون من رجال الأزهر الشريف. ولأنه من حفظة القرآن حفظاً جيداً بكتّاب القرية استطاع أن يستوعب المنهج الدراسي بسهولة واقتدار فاهتم به شيوخه والمدرسون اهتماماً ملحوظاً , دون زملائه, لأنه يتمتع بمواهب متعددة ظهرت من خلال رغبته القوية في تلاوة القرآن بصوت عذب جميل, وتقديم الابتهالات والمدائح النبوية والقصائد الدينية. هنا لعبت الصدفة دوراً مهما وحاسما في تحديد مستقبله عندما علم أحد الشيوخ بالمعهد بكل هذه القدرات والإمكانات لدى الطالب الموهوب (( محمد عبدالوهاب الطنطاوي )) فأولاه رعاية واهتماماً خاصاً ونصحه بأن يستغل هذا كله في شيء واحد وهو تلاوة القرآن الكريم حتى يستثمر المواهب المتعددة والتي من المتوقع أن تؤهله ليكون قارئاً مشهوراً ونجماً ساطعاً في عالم القراء لأنه يتمتع بعدة مزايا منها جمال الصوت وقوة الأداء وشدة الالتزام بأحكام التلاوة والتجويد المتقن بالإضافة إلى التواضع الجم وحسن المظهر والاعتزاز بالنفس والتخلق بخلق القرآن والثقافة العالية والوقار المستمد من جلال القرآن الكريم . التعليم الأزهري وبداية الشهرة : أصبح الطالب محمد عبدالوهاب الطنطاوي من العلامات المميزة للنمط المتكرر كل يوم لطابور الصباح والاستعداد لبدء يوم دراسي جديد حيث ينطلق صوت قارىء كل صباح عبر إذاعة المعهد الديني يجعل الحاضرين كلهم يوجهون الأنظار إلى طالب صغير يرتدي زي الأزهر يتمتع بمواهب متعددة تظهر من خلال أدائه القوي الرصين الواثق المتمكن المتألق المسموع بوضوح داخل المعهد وخارجه فيقف المارة في الطريق العام حتى ينتهي من تلاوته التي كانت تمتد لأكثر من عشر دقائق. يقول الشيخ محمد : (( بعد ما اشتهرت بين الشيوخ والزملاء بالمعهد بأنني قارىء للقرآن وأصبحت قارئاً للمعهد بالمناسبات قال لي أحد الشيوخ: يا محمد أنصحك بأن تدخر جهدك وصوتك وما وهبك الله من حفظ لكتابه وحسن التلاوة والأداء في تلاوة القرآن فقط حتى تكون قارئاً مشهوراً مثل المشاهير الذين نسمعهم بالإذاعة. استمعت إلى هذه النصيحة الغالية واقتصرت على التلاوة فقط ولم أزاول الغناء الديني والإنشاد منذ ذلك اليوم عملاً بنصيحة شيخي. وذهبت إلى معهد القراءات لأدرس علوم القرآن والتجويد حتى أتمكن من تلبية الدعوات التي انهالت عليّ بكثرة من قرى كثيرة بمحافظة الدقهلية بواسطة زملائي بالمعهد الذين كانوا سبباً في شهرتي بقراهم أثناء دراستي بالمعهد الديني بالمنصورة قبل الالتحاق بالجامعة )). لقد صدق الشيخ في قوله للشيخ محمد لقد جمعت بين الحسنيين جمال الصوت والتمكن من حفظ القرآن, ولقد صدق الشيخ محمد الوعد حينما عاهد شيخه بأن يجتهد ويوظف إمكاناته في تلاوة القرآن فقط, فذاع صيته وتملك القلوب وسيطر على مشاعر الآلاف من عشاق الاستماع إلى صوته العذب الجميل .. لم يكن الطريق إلى الشهرة ممهداً ومفروشاً بالورود ولكن لكل نجاح ضريبة. بحث الشيخ محمد عن كل وسيلة توصله إلى طريق النجاح فلم يترك أي فرصة أتيحت له إلا وأخذ منها ما يفيده وما يثقل موهبته وينمي قدراته ويرضي طموحه ويشبع رغبته التي ألقت به بين أمواج لا يستطيع مقاومتها إلا الموهوب الواثق بنفسه بعد ثقته في قدرة الله ومشيئته { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } التكوير : 29. كان الشيخ محمد سعيد الحظ لأنه نشأ في منطقة تحب سماع القرآن ويتنافس كبار العائلات فيها في استقدام مشاهير القراء في المآتم والمناسبات المختلفة وخاصة الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البنا والشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ البهتيمي وغيرهم من قراء الرعيل الأول بالإذاعة. لم يترك الشيخ محمد مناسبة إلا وحضرها كمستمع ومتلق ويسجل كل حركة وكل نغمة ليستفيد منها أثناء القراءة يقول الشيخ محمد: (( .. ومن حسن حظي أنني نشأت في منطقة أنجبت عملاقاً في تلاوة القرآن له صيته وشهرته الواسعة التي انتشرت في منطقة وسط الدلتا والوجه البحري كله وهو القارىء المرحوم الشيخ حمدي الزامل, الذي تملك ألباب محبيه فكان فاكهتهم صيفاً وشتاءً ليلاً ونهاراً. وتعلمت منه منذ نشأتي أن قوة شخصية القارىء ليست في حسن تلاوته فقط وإنما هي مستمدة من عزة وجلال ووقار القرآن الكريم وحسن معاملة الآخرين والتخلق بأخلاق القرآن والثقة القوية بالنفس إلى جانب ما تعلمته من فضيلته حيث كان صاحب مدرسة قرآنية كشجرة أصلها ثابت متين أثمرت ثمراً طيباً فاض إبداعه وتألقه فنهل منه الكثيرون ممن تتلمذوا عليه وأصبحوا أسماء لا تنكر في دولة التلاوة, وتأثرت في بداية حياتي بأساتذة أفاضل كالنجوم الزاهرة التي تضيء ما حولها أمثال الشيخ أبوالعينين شعيشع والمرحوم الشيخ البنا والشيخ البهتيمي والشيخ راغب والشيخ حصان حتى حددت شخصيتي في التلاوة قبل أن ألتحق بالجامعة عام 1969م. وبعد انتهاء المرحلة الثانوية انتقل الشيخ محمد عبدالوهاب إلى القاهرة ليكمل دراسته بجامعة الأزهر الشريف. فالتحق بكلية أصول الدين ليكون داعية تحقيقا لرغبة والده رحمه الله واختار قسم الفلسفة والعقيدة وكان ذلك سبباً قوياً في فلسفة تعامله مع الآخرين بأدب رفيع يحسد عليه. يقول الشيخ الطنطاوي : (( .. وكنت حريصاً على التنقل بين مجالس العلم بالمساجد الشهيرة بالقاهرة حتى أتمكن من تحصيل العلوم من خلال الدروس والمحاضرات التي كان يلقيها كبار العلماء كالدكتور عبدالحليم محمود والشيخ الباقوري والشيخ ابن فتح الله بدران والشيخ عبدالعزيز عيسى وغيرهم من علماء الأمة الإسلامية, وذات يوم وأنا ذاهب لحضور حديث العصر بمسجد السيدة زينب تقابلت مع المرحوم الشيخ سيد النقشبندي بشارع بورسعيد فسلمت عليه وقبلت يده وقلت له أدعو الله لي يا عم الشيخ سيد فقال: ((غفر الله لي ولك )) وبعد عام تقابلت معه بالجامع الأزهر فسلمت عليه وذكرته بنفسي وقلت له أدعو الله لي فقال نفس العبارة غفر الله لي ولك . بعد أدائه للخدمة العسكرية جاءه خطاب التعيين للعمل واعظاً بمديرية أوقاف الدقهلية فتسلم العمل إلى جانب تلاوة القرآن الكريم. ونظراً لتفوقه العلمي والقرآني والأخلاقي ارتقى إلى واعظ أول بمحافظة الدقهلية. ظل يعمل بالدعوة عشر سنوات من عام 1975م إلى عام 1985م. في تلك الفترة كان الشيخ الطنطاوي أحد القراء الموهوبين المرغوب في استدعائهم إلى أكبر السهرات والمآتم بالوجه البحري وخاصة بعد رحيل المرحوم الشيخ حمدي الزامل. لم يجد مفراً من تقديم استقالته من الوعظ ليتفرغ لتلاوة القرآن الكريم وإشباع رغبة الآلاف من محبيه وعشاق صوته وفن تلاوته بقرى ومدن محافظات مصر. كنا بلدايته القوية وشهرته السريعة الأثر الأكبر في تعلق القلوب به والرغبة القوية في دعوته لإحياء المآتم الكبيرة في منطقة وسط الدلتا التي قليلاً ما تستعين بأكثر من قارىء لإحياء ليلة المأتم إلا في حدود ضيقة جداً وربما ترجع لسبب فسره بعض الناس بعدم الإستغناء عن وجود الشيخ محمد عبدالوهاب الطنطاوي مع من وجهت إليه الدعوة من كبار القراء ومشاهيرهم بالإذاعة أمثال الشيخ محمد بدر حسين والشيخ غلوش والشيخ حصان والشيخ الطبلاوي والشيخ الرزيقي والشيخ الصياد وغيرهم من المشاهير الذين كانوا يفكرون فيما سيفعلونه أمام قوة قارىء غير إذاعي يؤدي بقوة وكفاءة بإمكانات تحتاج إلى حسابات خاصة لمن يتلقي معه في سهرة واحدة. لأن أداءه لا يعرف الوسطية ولا استهلاك الوقت ولكنه جاد واثق بنفسه وقدراته ومواهبه المعددة وأحكامه الملتزمة وحب الناس له. ولقد صارحني فضيلة القارىء الشيخ محمد بدر حسين ضمن حديث عن مناطق تسمع القرآن بوعي وفهم وتقدير للقارىء المجيد وخصّ قرية )(( تلبانة )) مركز المنصورة بهذا القدر من الثناء فقال الشيخ محمد بدر حسين : (( ومن البلاد التي قرأت بها وأعجبني سماعهم وحبهم للقرآن ووعيهم وتقديرهم للمتقن والملتزم من القراء – قرية تلبانة مركز المنصورة والتي دعيت لإحياء سهرة كبرى هناك لدى إحدى العائلات الكبرى, ولكنني كنت مرهقاً فأردت أن أعتذر ولكنهم أصروا وتمسكوا بحضوري فوافقت تلبية لرغبة أصحاب الليلة لما لهم من قرب إلى قلبي .. ولكن المفاجأة أنني علمت أن الشيخ محمد عبدالوهاب الطنطاوي معي وذلك أثناء دخولي إلى مكان العزاء بالسرادق الكبير. فبكل صراحة قلت اللهم وفقني هذه الليلة في وجود مثل هذا القارىء .. والذي جعلني في هذا الموقف .. هو مدى معرفتي لإمكانات الشيخ الطنطاوي وقدراته ومواهبه المتعددة التي تجعله يزحف بسرعة بقوة نحو الشهرة العالمية والتي بها سيحتل مكانة مرموقة بين القراء لأنه وقتها كان في بدايته عام 1982م كقارىء له وزنه . وهذا لا يمنع أن الشيخ الطنطاوي حسن الخلق شديد الواضع طيب المعاملة, وهذا سر نجاحه وتبوئه مكانة متقدمة وضعته بين كوكبة مشاهير القراء بالإذاعة .. وعندما استمع إليه الأستاذ أحمد محمد علي عامر عضو مجلس إدارة نقابة القراء وهو يقرآ من سورة (( الرحمن )) وسورة (( الإنشقاق )) قال: معقول يكون فيه مثل هذا القارىء في هذا الزمان إنه قارىء يفعل ما يريد دون أي تأثير على الأحكام ولديه كل الإمكانات الصوتية الجميلة والأحكام المتقنة ولا ينقصه شيء إلا الإقتراب من الأضواء حتى يأخذ حقه ومكانته التي لا تقل عن مكانة قراء الرعيل الأول بالإذاعة. هذا بالإضافة إلى مواقف حدثت بين الشيخ الطنطاوي والشيخ شعبان الصياد أحد عمالقة عصره – على أرض المعصرة وشرقية المعصرة والمنصورة والسنبلاوين . وكان الشيخ شعبان وقتها يفرح بالسهرة التي تجمع معه أكثر من قارىء لثقته بنفسه وإعجابه بإدائه وما لديه من أسلحة يتمكن بها من كسب نصر (( تفوق )) على كل من يقرأ معه أو يشاركه في سهرة هي من وجهة نظره سهرته وكان يجب أن ينفرد بها .. ولكن الذي استطاع أن يحرك انفعالات الشيخ شعبان إلى خارج نطاق السهرة هو الأداء الطنطاوي في المقام الأول على هدوء الأعصاب التي تساعد القارىء على الإبداع والاستمرار ولأنه عرف بالمنافس الشديد للكبار كان لا بد أن يلتقي بكل العمالقة كزميل في سهرة واحدة فالتقى مع الشيخ الطبلاوي بسهرة واحدة ليس مكملاً ولكنه أساسياً قبل أن يلتحق بالإذاعة لشهرته في الوجه البحري التي تخطت قراء إذاعيين بمسافات وبالتحديد في قرية (( شبراهور )) إحدى قرى مركز السنبلاوين .. وكالعادة تفوق على نفسه وأجبر من معه على بذل أقصى جهد ليحافظ على شهرته ومكانته الإذاعية التي من السهل أن توضع في موقف لا تحسد عليه بسبب الزحف الطنطاوي. القارىء العالم والالتحاق بالإذاعة : في الفترة من 1975م إلى 1985م قبل التحاقه بالإذاعة لقب الشيخ الطنطاوي بعدة ألقاب من جمهوره المتيم به منها: (( القارء العالم )) و (( كروان الدقهلية )). في فترة وجيزة لا تزيد على العشر سنوات أصبح اسم الشيخ محمد عبدالوهاب على كل لسان ودخلت تسجيلاته كل بيت وكل السيارات ومعظم المحال التجارية فكان ذلك سبباً في تثبيت اسمه في ذاكرة الملايين من الناس .. لم يتوان في التقدم لإذاعة وسط الدلتا ليلتحق بها كقارىء عام 1985م وبعد اعتماده بإذاعة وسط الدلتا بعام واحد تم اعتماده كقارىء بإذاعات جمهورية مصر العربية .. بدأ قارئاًَ إذاعات قصيرة لمدة لا تتعدى ستة اشهر بعدها اعتمد قارئاً للإذاعات الطويلة والخارجية نظراً لكفاءته وجماهيريته وإمكاناته التي أشاد بها كل من استمع إليه من المتخصصين وغير المتخصصين. لم يستمع أحد إلى الشيخ الطنطاوي عبر الإذاعة إلا وسأل عنه باستفاضة وشوق ولهفة إلى رؤياه لما لصوته من جاذبية ووقار وما عليه من حلاوة وما به من دفء وعذوبة. وكانت الإذاعة سبباً قوياً في انتشاره محلياً وعالمياً مما جعل الكثير من الدول ترسل إليه الدعوات لإحياء شهر رمضان بها .. يعد الشيخ الطنطاوي من القراء القلائل الذين امتازوا بخاصية لم ولن تتوفر لكثير من القراء وهي شهادة أكثر من 95 % من قراء مصر الإذاعيين وغير الإذاعيين له بشدة التزامه في التلاوة من حيث الأحكام والتجويد بالإضافة إلى الأداء المميز الفريد الذي يؤهله لأن يكون ضمن أجود عشرة قراء على الساحة خلال هذه الفترة بشهادة كثير من المستمعين. حياته الخاصة : الحياة الخاصة للشيخ الطنطاوي هي حياة تقتصر على البيت ومجالسة أبنائه يتحين وقت الراحة من القراءة في السهرات ليخلو بنفسه يراجع القرآن قليل التعامل مع الناس وإن كان ليس منطويا ولكنه يرى أن البيت والأولاد في حاجة إلى وجوده بينهم ما دام في راحة العمل . السفر إلى الخارج : سافر إلى كثير من الدول العربية والإسلامية والأجنبية على مدى عشر سنوات متتالية لم يدخر جهداً في الذهاب إلى المسلمين أينما كانوا فقرأ القرآن بمعظم المراكز الإسلامية في كثير من دول العالم .. سافر إلى هولندا أكثر من مرة وقرأ بالمركز الإسلامي هناك بين حشود وجماهير غفيرة من أبناء الجاليات الإسلامية من شتى بقاع الدنيا .. قرأ القرآن بالمركز الإسلامي بواشنطن ولوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية, وسافر إلى كندا والبرازيل والأرجنتين النمسا وألمانيا واليابان. ودول الخليج العربي. ومن المواقف التي لا ينساها خلال رحلاته : يقول : (( عندما أرسلتي وزارة الأوقاف إلى (( كينيا )) إحدى الدول الإفريقية الشقيقة عام 1990م – كان مقرراً أن أقرأ في كل المحافظات الرئيسية الأربع لمدة أسبوع في كل محافظة. بدأت بالعاصمة نيروبي فلما علم المسلمون بأنني واعظ تمسكوا بي جداً وطلبوا مني أن أقدم لهم درساً بعد القراءة وأن أقوم بأداء خطبة الجمعة كل أسبوع. فقلت لهم إنني مبعوث لتلاوة القرآن فقط فقال لي بعضهم : ولكنها نعمة أنعم الله بها عليك أن تكون قارئاً وعالماً في آن واحد. فأثرت فيّ هذه العبارة ودفعتني بقوة لأن أكون حريصاً على أن أضع في اعتباري أن القارىء خير سفير لبلده ودينه في كل الدنيا. | |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 10:08 | |
|
الشيخ محمد محمود الطبلاوي ولادته : ولد القارىء الشيخ محمد محمود الطبلاوي نائب نقيب القراء وقارىء مسجد الجامع الأزهر الشريف , يوم 14/11/1934م في قرية ميت عقبة مركز (( إمبابة )) الجيزة أيام كانت ميت عقبة قرية صغيرة قريبة جداً من ضفاف نيل مصر الخالد. كان أهم ما يميز ميت عقبة آنذاك .. إنتشار الكتاتيب والإهتمام بتحفيظ القرآن الكريم بصورة لم نعهدها الآن . ذهب به والده الحاج ((محمود)) رحمه الله إلى كتاب القرية ليكون من حفظة كتاب الله عز وجل لأنه ابنه الوحيد . عرف الطفل الموهوب محمد محمود الطبلاوي طريقه إلى الكتاب وهو في سن الرابعة مستغرقاً في حب القرآن وحفظه فأتمه حفظاً وتجويداً في العاشرة من عمره . كانت بداية شاقة وممتعة في نفس الوقت بالنسبة للفتى المحب لكتاب الله عز وجل والذي لم يرض عنه بديلا .. يقول الشيخ الطبلاوي وهو يسترجع ذكريات لا تنسى مع كتاب الله عز وجل : (( .. وكان والدي يضرع إلى السماء داعياً رب العباد أن يرزقه ولداً ليهبه لحفظ كتابه الكريم وليكون من أهل القرآن ورجال الدين . استجاب الخالق القدير لدعاء عبده الفقير إليه ورزق والدي بمولوده الوحيد ففرح بمولدي فرحة لم تعد لها فرحة في حياته كلها. لا لأنه رزق ولداً فقط وإنما ليشبع رغبته الشديدة في أن يكون له ابن من حفظة القرآن الكريم , لأن والدي كان يوقن أن القرآن هو التاج الذي يفخر كل مخلوق أن يتوج به لأنه تاج العزة والكرامة في الدنيا والآخرة. وهذه النعمة العظيمة التي منّ الله علي بها وقدمها لي والدي على طبق من نور تجعلني أدعو الله ليل نهار أن يجعل هذا العمل الجليل في ميزان حسنات والدي يوم القيامة وأن يجعل القرآن الكريم نوراً يضيء له ويمشي به يوم الحساب لأن الدال على الخير كفاعله ووالدي فعل خيراً عندما أصر وكافح وصبر وقدم لي العون والمساعدة ووفر لي كل شيء حتى أتفرغ لحفظ القرآن الكريم . رحم الله والدي رحمة واسعة إنه على كل شيء قدير . بعد أن حفظ الفتى الموهوب محمد محمود الطبلاوي القرآن كاملاً بالأحكام ولم يتوان لحظة واحدة في توظيف موهبته التي أنعم الله بها عليه فلم يترك الكتّاب أو ينقطع عنه وإنما ظل يتردد عليه بانتظام والتزام شديد ليراجع القرآن مرة كل شهر. يقول الشيخ الطبلاوي : فبدأت قارئاً صغيراً غير معروف كأي قاريء شق طريقه بالنحت في الصخر وملاطمة أمواج الحياة المتقلبة فقرأت الخميس والأربعين والرواتب والذكرى السنوية وبعض المناسبات البسيطة , كل ذلك في بداية حياتي القرآنية قبل بلوغي الخامسة عشرة من عمري وكنت راضيا بما يقسمه الله لي من أجر والذي لم يزد على ثلاثة جنيهات في السهرة ولما حصلت على خمسة جنيهات تخيلت أنني بلغت المجد ووصلت إلى القمة . الموهبة وبداية الشهرة : لم ينس الشيخ الطبلاوي كل من قدم له نصحاً وإرشاداً وتوجيهاً .. ودائماً يذكر من تسببوا في إثقال موهبته في الحفظ والتجويد بكل خير فيقول (( دائماً أتحين الفرصة التي أخلو فيها مع نفسي وأتذكر بدايتي مع القرآن ونشأتي وأول خطواتي على درب الهدى القرآني وما وصلت إليه الآن فأشعر أنني مدين بالكثير والكثير لكل من هو صاحب فضل عليّ بعد ربي العلي القدير فأدعو لوالدي ولسيدنا رحمهما الله ولزملائي الذي شجعوني واستمعوا إلي وأنا صغير وجعلوني أشعر بأنني قارىء موهوب وأتذكر قول شيخي الذي حفظني القرآن : (( يا محمد أنت موهوب وصوتك جميل جداً وقوي معبر )) .ولأن سيدنا كان خبيراً بالفطرة إستطاع أن يميز الأصوات بقوله : محمد الطبلاوي صوته رخيم وفلان صوته أقرع والآخر صوته نحاسي , وكان دائماً يحثني على الاهتمام بصوتي وأولاني رعاية واهتماماً خاصاً على غير ما كان يفعل مع زملائي من حيث التحفيظ بدقة والمراجعة المستمرة. قرأ الشيخ محمد محمود الطبلاوي القرآن وانفرد بسهرات كثيرة وهو في الثانية عشرة من عمره ودعي لإحياء مآتم لكبار الموظفين والشخصيات البارزة والعائلات المعروفة بجوار مشاهير القراء الإذاعيين قبل أن يبلغ الخامسة عشرة واحتل بينهم مكانة مرموقة فاشتهر في الجيزة والقاهرة والقليوبية, وأصبح القارىء المفضل لكثير من العائلات الكبرى نظراً لقوة أدائه وقدراته العالية وروحه الشابة التي كانت تساعده على القراءة المتواصلة لمدة زمنية تزيد على الساعتين دون كلل ولا يظهر عليه الإرهاق بالإضافة إلى إصرار الناس على مواصلته للقراءة شوقاً للمزيد من الاستماع إليه لما تميز به من أداء فريد فرض موهبته على الساحة بقوة.. ساعده على ذلك حرصه الشديد على صوته وصحته مع المواظبة على مجالسة مشاهير القراء والاستماع إليهم مباشرة وعن طريق الإذاعة أمثال الشيخ رفعت والشيخ علي محمود والشيخ محمد سلامه والشيخ الصيفي والبهتيمي ومصطفى إسماعيل وغيرهم من قراء الرعيل الأول بالإذاعة . الإلتحاق بالإذاعة : يعد الشيخ محمد محمود الطبلاوي أكثر القراء تقدماً للإلتحاق بالإذاعة كقارىء بها وقد يحسد على صبره الجميل الذي أثبت قيمة ومبدءاً وثقة في نفس هذا القارىء المتين بكل معاني هذه الكلمة. لم يتسرب اليأس إلى نفسه ولم تنل منه أي سهام وجهت إليه. وإنما تقبل كل شيء بنفس راضية مطمئنة إلى أنّ كل شيء بقدر وأنّ مشيئة الله فوق مشيئة البشر, تقدم تسع مرات للإذاعة ولم يأذن الله له . وفي المرة العاشرة اعتمد قارئاً بالإذاعة بإجماع لجنة اختبار القراء وأشاد المختصون بالموسيقى والنغم والانتقال من مقام موسيقي إلى مقام آخر بإمكاناته العالية , وحصل على تقدير (( الإمتياز )) وكانت اللجنة منصفة في ذلك والذي لم يعرف عدد مرات تقدم الشيخ الطبلاوي للإذاعة كان عليه أن يقف مع نفسه وقفة تجبره على السؤال عن سر هذا القارىء الذي ترجم كل شيء وفك رموزاً وشفرات في برهة قصيرة إنه القارىء الوحيد الذي اشتهر في أول ربع ساعة ينطلق فيها صوته عبر الإذاعة من ينكر هذه الشهرة التي عمت أرجاء مصر والأمة العربية والإسلامية بعد انطلاق صوت صاحبها بعشر دقائق فقط .. إنني أسجل هنا حقيقة يعلمها الملايين وهي أن الشيخ الطبلاوي سجل الرقم القياسي من حيث سرعة الشهرة والصيت والإنتشار وكأنه أراد أن يتحدث إلى من يهمه الأمر بلغة قرآنية وإمكانات صوتية فرضت على الدنيا اسماً جديداً أراد أن يترجم الصبر إلى فعل وعمل فحقق من الشهرة خلال نصف ساعة مالم يحققه غيره في ثلاثين عاماً لأنه صبر 9 سنوات نصف صبر أيوب الذي صبر 18 عماً فجاءه الشفاء مرة واحدة بعد أن تفجر الماء الشافي تحت قدميه وبمجرد أن وضع قدميه تحقق له من الشفاء ما كان يحتاج إلى عشرات السنين. كانت الفترة ما بين 1975 وحتى 1980 بمثابة غزو مفاجىء من الشيخ الطبلاوي فاحتل المقدمة مع المرحوم الشيخ عبدالباسط الذي أعطاه الجمهور اللقب مدى حياته . مواقف في حاية الشيخ محمد محمود الطبلاوي : يقول : إنني تعرضت لموقف شديدة المرارة على نفسي وكان من الممكن أن يقضى علي كقارىء ولكن الله سلّم . هذا الموقف أنقذتني منه عناية السماء وقدرة الله . وهذا الموقف حدث عندما كنت مدعواَ لإحياء مأتم كبير بأحد أحياء القاهرة المهتم أهله باستدعاء مشاهير القراء وكان السرادق ضخماً والوافدون إليه بالآلاف , وكان التوفيق حليفي والنفحات مع التجليات جعلتني أقرأ قرآنا وكأنه من السماء , وأثناء استراحتي قبل تلاوة الختام جاءني القهوجي وقال تشرب فنجان قهوة يا شيخ محمد ؟ قلت له : إذا ما كنش فيه مانع. وبعد قليل أحضر القهوة ووضعها أمامي على الترابيزة.. فانشغلت ونسيتها .. فقال لي صاحب الميكروفون القهوة بردت يا شيخ محمد فمددت يدي لتناولها فجاءني صديق وسلم عليّ وبدلاً من وضع يدي على الفنجان صافحت الرجل وانشغلت مرة ثانية وأردت أن أمد يدي فشعرت بثقل بذراعي لم يمكنني من تناول الفنجان وفجأة جاءني صاحب المأتم وطلب مني القراءة فتركت القهوة ولكن صاحب الميكرفون شربها وبعد لحظات علمت أنه انتقل بسيارة الإسعاف إلى القصر العيني وبفضل من الله تم إسعافه ونجا بقدرة الله . وهكذا تدخلت عناية السماء مرتين الأولى عندما منعتني القدرة من تناول القهوة والثانية نجاة الرجل بعد إسعافه بسرعة. وهذا الموقف حدث لي بعد إلتحاقي بالإذاعة ووصلت إلى المكانة التي لم يصل إليها أحد بهذه السرعة . وهناك موقف لن ينسى وسيظل محفوراً بذاكرتي وهو : (( .. أراد أحد القراء أن يشن حرباً عليّ لا لشيء إلا لأنني أخذت حظاً وفيراً من الشهرة بفضل الله تعالى .. فقال هذا القارىء الذي لا داعي لذكر اسمه . بعد إلتحاقه بالإذاعة بشهور : أريد الفرصة لكي أمسح الطبلاوي وأمثاله !! فأعطي الفرصة كاملة وأخذ إذاعة خارجية بعدها استبعد ستة شهور لأنه لم يتقن التلاوة !! فهذه جرأة على قدرة الله . أراد الله أن يشعره بأن الله يسمع ويرى وبيده ملكوت كل شيء هو المعز وهو المذل وهو على كل شيء قدير . موقف خارج مصر : يقول الشيخ الطبلاوي : (( .. سافرت إلى الهند ضمن وفد مصري ديني بدعوة من الشيخ أبوالحسن الندوي. وكان رئيس الوفد المرحوم الدكتور زكريا البري وزير الأوقاف في ذلك الوقت.. وحدث أننا تأخرنا عن موعد حضور المؤتمر المقام بجامعة الندوة بنيودلهي , وكان التأخير لمدة نصف ساعة بسبب الطيران .. وبذكاء وخبرة قال الدكتور البري: الوحيد الذي يستطيع أن يدخل أمامنا هو الشيخ الطبلاوي لأنه الوحيد المميز بالزي المعروف ولأنه مشهور هنا وله مكانته في قلوب الناس بما له من مكانة قرآنية , وربما يكون للعمة والطربوش دور في الصفح والسماح لنا بالدخول. وحدث ما توقعه الدكتور البري وأكثر .. والمفاجأة أن رئيس المؤتمر وقف ً وقال بصوت عال: حضر وفد مصر وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الطبلاوي .. فلنبدأ احتفالنا من جديد .. كانت لفتة طيبة أثلجت صدر الوزير لأن الندوة كانت تجمع شخصيات من مختلف دول العالم. وبعد انتهاء الجلسة التف حولي كل الموجودين على اختلاف ألوانهم وأجناسهم يأخذون معي الصور التذكارية .. فقال لهم الدكتور الوزير : كلكم تعرفون الشيخ الطبلاوي ؟ فردوا وقالوا : والشيخ عبدالباسط أيضاً وكثير من قراء مصر العظماء. وفي الحقيقة عاد السيد الوزير إلى مصر بعد انتهاء المؤتمر وأعطاني عدة مسئوليات .. منها شيخ عموم المقارىء المصرية .. وعضو بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية .. وعضو بلجنة القرآن بالوزارة ومستشار ديني بوزارة الأوقاف .. ففوجئت بقيام مجموعة من مشاهير القراء بالاحتجاج على هذه الإمتيازات .. تحسب لقراء القرآن كلهم وفي مصلحتنا جميعاً , ويعد هذا نجاحاً للقراء , وكسباً لنا جميعاً .. وواجب علينا أن نفرح بهذا . المصحف المرتل : يقول الشيخ الطبلاوي : (( .. والحمد لله لقد أكرمني المولى جل شأنه بأن مكنني من تسجيل القرآن الكريم كاملاً مرتين .. مجوداً ومرتلاً . وهذا هو الرصيد الذي أعتز به وهو الثروة التي منّ الله عليّ بها في الدنيا والآخرة. أما بالنسبة للمصحف المرتل فهو مسجل بصوتي ويذاع بدول الخليج بناء على رغبة إذاعاتها .. وإذا طلبت إذاعتنا الغالية هذا المصحف فلن أتأخر عن إهدائه لمستمعيها فوراً وبدون مقابل مادي لأن الإذاعة صاحبة فضل على جميع القراء . بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التلاوات النادرة والحفلات الخارجية التي سجلتها في السبعينيات بالمساجد الكبرى في مصر وفي بعض الدول العربية والإسلامية . السفر والبعثات المتعددة إلى الخارج : سافر إلى أكثر من ثمانين دولة عربية وإسلامية وأجنبية . بدعوات خاصة تارة ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف تارات أخرى ممثلاً مصر في العديد من المؤتمرات ومحكماً لكثير من المسابقات الدولية التي تقام بين حفظة القرآن من كل دول العالم . ومن الدعوات التي يعتز بها, هي الدعوة التي تلقاها من مستر جون لاتسيس باليونان ليتلو القرآن أمام جموع المسلمين لأول مرة في تاريخ اليونان .. وكذلك الدعوة التي وجهت إليه من قبل المسئولين بإيطاليا عن طريق السفارة المصرية لتلاوة القرآن الكريم بمدينة (( روما )) لأول مرة أمام جموع غفيرة من أبناء الجاليات العربية والإسلامية هناك . ولم ينس الشيخ الطبلاوي دعوة القصر الملكي بالأردن لإحياء مأتم الملكة (( زين الشرف )) والدة الملك حسين , حيث أقيم العزاء الرسمي بقصر رغدان بعمان . وهناك مئات الأسفار التي جاب خلالها الشيخ الطبلاوي معظم دول العالم لتلاوة كتاب الله عز وجل . ونتج عن هذا العمر القرآني للشيخ الطبلاوي كثير من التسجيلات التي سجلت بالإحتفالات الخارجية وهي موجودة لدى شركة ( إبراهيم فون )) لصاحبها الحاج إبراهيم محمد محمود الطبلاوي 7 شارع الشيخ الطبلاوي . بميت عقبة . خلف نادي الترسانة . تكريم الشيخ الطبلاوي : حصل على وسام من لبنان في الإحتفال بليلة القدر تقديراً لجهوده في خدمة القرآن الكريم .. ورغم السعادة والفرحة التي لا يستطيع أن يصفها بهذا التقدير إلا أنه يقول : إني حزين لأنني كرمت خارج وطني ولم أكرم في بلدي مصر أم الدنيا ومنارة العلم وقبلة العلماء .
| |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الثلاثاء 17 أغسطس 2010, 10:10 | |
| ومن المملكه العربيه السعوديه شيخنا الجليل على عبد الرحمن الحذيفى هو علي بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد الحذيفي ، نسبة إلى قبيلة آل حذيفة من العوامر _ والنسبة إلى العوامر: العامري ـ والعوامر من بني خثعم، وتقع ديار العوامر بالعريضة الشمالية جنوب مكة المكرمة بثلاثمائة وستين كيلاً ، وقد تولى آل حذيفة مشيخة العوامر منذ عدة قرون حتى العصر الحالي. ولد عام 1366هـ بقرية القرن المستقيم ببلاد العوامر، في أسرة متدينة، حيث كان والده إماماً وخطيباً في الجيش السعودي. تلقى تعليمه الأولي في كُتَّاب قريته، وختم القرآن الكريم نظراً على يد الشيخ محمد بن إبراهيم الحذيفي العامري، مع حفظ بعض أجزائه، كما حفظ ودرس بعض المتون في العلوم الشرعية المختلفة. وفي عام 1381هـ التحق بالمدرسة السلفية الأهلية ببلجرشي وتخرج فيها بما يعادل المرحلة المتوسطة، ثم التحق بالمعهد العلمي ببلجرشي عام 1383هـ وتخرج فيه سنة 1388هـ، مكملاً للمرحلة الثانوية. واصل دراسته الجامعية بكلية الشريعة بالرياض عام 1388هـ وتخرج فيها عام 1392هـ، وبعد تخرجه عين مدرساً بالمعهد العلمي ببلجرشي وقام بتدريس التفسير والتوحيد والنحو والصرف والخط إلى جانب ما يقوم به من الإمامة والخطابة في جامع بلجرشي الأعلى. حصل على درجة الماجستير من جامعة الأزهر عام 1395هـ ، وحصل على الدكتوراه من الجامعة نفسها ـ قسم الفقه شعبة السياسة الشرعية ـ وكان موضوع الرسالة "طرائق الحكم المختلفة في الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة بين المذاهب الإسلامية". عمل في الجامعة الإسلامية منذ عام 1397هـ، فدرس التوحيد والفقه في كلية الشريعة، كما درَّس في كلية الحديث وكلية الدعوة وأصول الدين، ودرس المذاهب بقسم الدراسات العليا، وهو عند تاريخ إعداد هذه الترجمة 1418هـ يقوم بتدريس القراءات بكلية القرآن الكريم ـ قسم القراءات. وإلى جانب عمله بالتدريس الجامعي، فقد تولى الإمامة والخطابة لفترات في مسجد قباء ـ ثم عين إماماً وخطيباً للمسجد النبوي في 6/6/1399هـ ، ونقل بعد ذلك إماماً إلى المسجد الحرام في أول رمضان عام 1401هـ ثم أعيد إماماً وخطيباً للمسجد النبوي عام 1402هـ واستمر بها إلى عام 1418هـ. له مشاركات في عدد من اللجان والهيئات العلمية ومنها:
- رئيس اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية.
- عضو لجنة الإشراف على تسجيل المصاحف
المرتلة بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
- عضو
الهيئة العليا لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
كما شارك في عدد من الندوات والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها. ويعد صاحب الترجمة أحد القراء في المملكة والعالم الإسلامي ، وله تسجيلات إذاعية في عدد من الإذاعات داخل المملكة وخارجها، وقد أجيز في القراءات من عدد من كبار القراء وهم:
الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات ـ إجازة في القراءات العشر. الشيخ عامر السيد عثمان ـ إجازة برواية حفص وقرأ عليه بالسبع ولم يكمل سورة البقرة بسبب وفاة الشيخ. الشيخ عبد الفتاح القاضي ـ قرأ عليه ختمة برواية حفص.
كما نال إجازة في الحديث من الشيخ حماد الأنصاري. وله حلقة في المسجد النبوي الشريف يدرس فيها الحديث والفقه حتى الآن. وله أيضاً بعض الكتب وما زالت بخط يده.
| |
| | | جاسمين مديرة الموقع
عدد المساهمات : 3005 تاريخ التسجيل : 02/02/2010
| | | | خوخه فلسطين .
عدد المساهمات : 1660 تاريخ التسجيل : 07/06/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم السبت 18 سبتمبر 2010, 08:35 | |
| ما شاء الله سيرة له تتفتح النفس للقراءة ومعرفة المزيد عنه
بارك الله فيكي
دمتي بحفظ الرحمن | |
| | | Nice Girl -
عدد المساهمات : 33 تاريخ التسجيل : 16/10/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم السبت 16 أكتوبر 2010, 20:21 | |
| جزااك الله الجنه
طرح مميز جدآآ | |
| | | سى فورس -
عدد المساهمات : 109 تاريخ التسجيل : 17/10/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الأحد 17 أكتوبر 2010, 21:02 | |
| تسلم الايادى على الطرح الرائع | |
| | | محمدميزو -
عدد المساهمات : 181 تاريخ التسجيل : 16/10/2010
| موضوع: رد: سفراء القرآن الكريم حول العالم الإثنين 18 أكتوبر 2010, 18:04 | |
| رائع جداااااا جزاك الله خيراااااا | |
| | | | سفراء القرآن الكريم حول العالم | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |