روى الترمذي في سننه عن جابر بن عبد الله قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره فبكى، فقال له عبد الرحمن بن عوف: أتبكي أو لم تكن نهيت عن البكاء؟ قال: لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان. قال الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه الألباني.
ومنها حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، قال رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمر. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ومنها حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمر. رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع.
ومنها ما رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليّ أو حرم الخمر والميسر والكوبة، وكل مسكر حرام. وفي رواية: إن الله حرم عليكم. قال سفيان أحد رواة الحديث: قلت لعلي بن بذيمة: ما الكوبة؟ قال: الطبل. والحديث صححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند، والألباني في السلسلة الصحيحة، وشعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند.
ومنها ما روى ابن ماجه وابن حبان والطبراني عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، وتضرب على رؤوسهم المعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير. والحديث صححه الألباني في غاية المرام، وغيره.
وقد انعقد إجماع العلماء قديماً على تحريم استعمال آلات اللهو والمعازف إلا الدف، وممن حكى هذا الإجماع أبو الطيب الطبري والقرطبي وابن رجب وابن الصلاح وابن حجر الهيتمي وغيرهم، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام. مجموع الفتاوى: 11/576.
وقال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والأربعون والخمسون والحادية والخمسون بعد الأربعمائة: ضرب وتر واستماعه، وزمر بمزمار واستماعه، وضرب بكوبة واستماعه.
ونقل عن القرطبي أنه قال: أما المزامير والأوتار والكوبة فلا يختلف في تحريم استماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسق، ومهيج الشهوات والفساد والمجون، وما كان كذلك لم يشك في تحريمه، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه.
وقال ابن الصلاح في الفتاوى: وأما إباحة هذا السماع وتحليله، فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت، فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع، إلى أن قال: فإذا هذا السماع غير مباح بإجماع أهل الحل والعقد من المسلمين.
والله أعلم.