تتحضر باخرتان جديدتان على الأقل محملتان بمساعدات إنسانية للتوجه إلى غزة
لمطالبة إسرائيل برفع الحصار عن القطاع، في تحد جديد لإسرائيل بعد
المواجهة الدامية التي وقعت أول من أمس بين فرق من الكوماندوز الإسرائيلي
ومجموعة من الناشطين في حقوق الإنسان كانوا على متن باخرة متوجهة إلى غزة،
أودت بحياة 9 ناشطين على الأقل.
وأكدت «حركة تحرير غزة» التي تنظم أسطول المساعدات إلى غزة، أنها مصرة على
التوجه إلى القطاع الفلسطيني رغم الحادثة. وقالت غريتا برلين من الحركة إن
الباخرة الأيرلندية التي تحمل اسم الناشطة الأميركية راشيل كوري التي
دهستها جرافة إسرائيلية عام 2003 عندما كانت تحمي منزلا فلسطينيا من
التدمير، وباخرة أميركية أخرى في طريقهما إلى غزة، وإن شيئا لن يوقفهما.
وأعلنت برلين أن الباخرتين ستصلان إلى المنطقة في نهاية الأسبوع الحالي أو
بداية الأسبوع المقبل على الأكثر. وقالت: «نحن مبادرة لكسر الحصار
الإسرائيلي على 1.5 مليون شخص في غزة. مهمتنا لم تتغير وهذا لن يكون آخر
أسطول». وأضافت لوكالة «رويترز»: «هذه الحملة لن تتوقف. نعتقد أنه في
النهاية إسرائيل ستتعقل. عليهم أن يوقفوا حصار غزة، وإحدى الطرق لجعلهم
ينفذون ذلك هو عبر استمرار إرسال المزيد من البواخر».
إلا أن إسرائيل حذرت من أنها ستتصدى لأي باخرة جديدة تتوجه إلى غزة، وأنها
حتى قد تلجأ إلى وسائل أكثر عنفا في المستقبل لمنع أي باخرة من كسر
الحصار، بحسب ما نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» أمس عن قائد كبير في البحرية
الإسرائيلية. وقال القائد العسكري للصحيفة اليمينية: «لقد صعدنا إلى
الباخرة، وتمت مهاجمتنا كما لو كانت حربا. وهذا يعني أنه سيكون علينا أن
نأتي متحضرين في المستقبل، كما لو أننا في حرب». ونقلت أيضا الإذاعة
الإسرائيلية عن قائد عسكري بحري لم تذكر اسمه أن وحدته تتحضر للتصدي
للباخرة. وقال: «نحن كوحدة ندرس ونقيم تحقيقات مهنية للتوصل إلى
استنتاجات، وسنكون جاهزين لـ(باخرة) راشيل كوري». ونقلت إذاعة الجيش
الإسرائيلي أن الباخرة ستصل إلى مياه غزة اليوم، إلا أن الناشطة برلين من
حركة تحرير غزة كانت أعلنت أن الباخرة قد لا تصل قبل مطلع الأسبوع المقبل.
وتضم باخرة راشيل كوري على متنها ناشطين أيرلنديين وماليزيين وبريطانيين.
وقد أكد مدير جمعية بردانا للسلام الدولي الماليزي مهاتير محمد أن الباخرة
متوجهة إلى مياه غزة، ولا دخل لها بإسرائيل. وقال محمد لوكالة الأنباء
الماليزية الرسمية: «البواخر ليست متوجهة إلى المياه الإسرائيلية. لماذا
سيمنع الإسرائيليون أشخاصا من التوجه نحو غزة لن يمروا عبر المياه
الإسرائيلية؟ لا حق لديهم». وأعلن محمد أن باخرتين أخريين ستتوجهان إلى
غزة، وأنهما تحملان ناشطين ماليزيين. وقال: «لقد حصل تأخير بسبب مشكلات في
المحرك. بدأت بالإبحار من أيرلندا، ولديها مسافة طويلة لقطعها، ولكن هناك
إصرارا على التوجه إلى غزة».
وبحسب جمعية بردانا للسلام الدولي، فإن ماليزيا ترعى 3 سفن ستنضم إلى 6
سفن أخرى تحمل مساعدات إنسانية لغزة، بعضها وصل وبعضها الآخر على الطريق.
وقال مهاتير في تصريح لاحق ردا على سؤال حول إمكانية مهاجمة الإسرائيليين
لباخرة كوري: «إذا أوقفت القوات الإسرائيلية الباخرة، أعتقد أن (الناشطين)
لن يتمكنوا من مقاتلة الإسرائيليين المسلحين بالمسدسات وجاهزين للقتل».
وأضاف: «ولكن مهمتهم هي أيضا المساعدات لغزة وسيستمرون بالتوقف حتى يتم
إيقافهم. وإذا تم إيقافهم، سيوجهون نداء من أجل عبور آمن لأنهم ليسوا
مقاتلين، لا يحملون سلاحا، يحاولون مساعدة شعب في ضائقة».
ولم تؤكد بريطانيا التي أعلنت أمس أن 31 ناشطا بريطانيا محتجزون لدى
السلطات الإسرائيلية كانوا على متن الباخرة التركية، ما إذا كانت تجري
اتصالات مع الحكومة الإسرائيلية لتفادي حصول أي اعتداء جديد على مواطنيها
الموجودين على متن باخرة كوري. وقال باري مارستون، مسؤول في الخارجية
البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أصلا على اتصال مكثف مع الإسرائيليين
لضمان إطلاق سراح البريطانيين المحتجزين لديهم». وأضاف: «موقفنا واضح حول
استعمال القوة ضد الناشطين الإنسانيين». ولم يؤكد أيضا ما إذا كانت لندن
قد وجهت تحذيرا جديدا لمواطنيها بعدم ركوب البواخر المتوجهة إلى غزة بعد
حادث الاعتداء على الباخرة التركية، وقال: «نصيحتنا للمواطنين البريطانيين
منذ البداية هو تفادي المشاركة بسبب المخاطر الواضحة المرتبطة بهكذا سفر».
وكان وزير الخارجية البريطاني وليام هايغ قد عبر عن أسفه أمس لوقوع ضحايا
مدنيين، وقال إنه على الرغم من تحذيرات بلاده المستمرة لمواطنيها بعدم
المشاركة بهكذا نشاطات، فإن على إسرائيل أن تلتزم ضبط النفس وتتصرف وفقا
لواجباتها الدولية. كما دعا هايغ إلى وقف الحصار على غزة مشيرا إلى أنه
أثبت عدم جدواه.
وتحمل باخرة كوري على متنها إسمنت وكراسي متحركة للمقعدين ولوازم مدرسية
ومعدات رياضية، و18 طنا من ورق الطباعة، وآلات الطبع، و52 طنا من المعدات
الطبية، والأحذية وملابس خاصة لطلاب المدارس، وتسهيلات للاجئين في غزة.